الجمعة، 11 ديسمبر 2015

دور المهندس في مجال التعمير

دور المهندس في مجال التعمير

                                            يونس أبلاغ طالب باحث خريج ماستر التدبير الإداري المحلي
مقدمة
يعد السكن حاجة أساسية للإنسان، باعتباره مصدرا لاستقراره مع أسرته، حيث يرغب الجميع في الحصول على مسكن بمواصفات مختلفة تتلاءم مع اختياراتهم وإمكانياتهم،لذلك كان من الضروري وضع ضوابط ليتم البناء وفق تصميم محدد ينسجم مع المظهر العام للمدينة ويحافظ على خصائصها، وتندرج هذه الضوابط في نسق قانوني يسمىبقانون التعمير أي مجموع القواعد القانونية المتعلقة بتهيئة الحواضر وتحديد آليات التحكم في تطور المدينة.[1]ويقصد بالتعمير العلم الذي يهتم بتهيئة المدن[2]، وهو علم قديم ساير تطور الحضارة الإنسانية، ولكنه لم يتم وضع نظرية خاصة به إلا في القرن 19، وذلك من طرف المهندس الإسباني Ildefonso Cerda سنة 1867،[3] ومنذ ذلك التاريخ بدأت الدول تضع القوانين لتأطير ميدان التعمير لاسيما بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.
في المغرب كان ظهير 16 أبريل 1914[4] أول نص قانوني يتعلق بالتعمير، الذي كانت مقتضياتهموجزة في بضعة أسطر، وقبيل الاستقلال صدر سنة 1952 ظهير جديد[5] نصعلى تدابير وإجراءات مهمة مرتبطة بالتعمير كتصاميم التهيئة، وتصاميم لتقسيم المناطق، وإحداث البنايات التي تتطلب إذنا مسبقا. واستمر العمل بهذا الظهير بعد استقلال المغرب إلى غاية سنة 1992 حيث صدر قانون 12.90 المتعلق بالتعمير[6] والذي جاء بآليات لضبط التعمير، كمخطط توجيه التهيئة العمرانية، وتصميم التنطيق، وتصميم التهيئة، وكذا التنصيص على كيفية منح رخص البناء ومراقبته.
إضافة إلى هذه الآليات كذلك، نجد أن القانون 12.90 نص على المهندس المعماري و المهندس المختص كأحد الأفراد المتدخلة في مجال التعمير و ذلك من أجل وضع تصميم كشرط لازم من أجل الحصول على رخصة البناء .
يمكن تعريف المهندس أنه " العقل المدبر لمشروع البناء خصوصا في الحالات التي يتولى فيها مهمتي التخطيط و الإشراف معا، و يعرف كذلك على أنه كل شخص أذين له من طرف الإدارة بممارسة مهنة مهندس معماري و هذا الإذن لا يمكن إعطائه إلا بعد التأكد من أن صاحب الطلب تتوفر فيه مجموعة من الشروط نذكر منها على الخصوص حصوله على دبلوم مهندس معماري مسلم أو معترف به طبقا 8 حكام مادة 4 من قانون 016.89 المتعلق بممارسة مهنة الهندسة المعمارية و أحداث هيئة المهندسين المعماريين الوطنية .
تظهر أهمية المهندس في مجال التعمير لكونه يساهم في جودة المباني و ذلك من خلال التصاميم التي ينجزها .و كذلك مراقبة أشغال البناء، و ذلك على اعتبار أنه يعتبر المسؤول الأول عن أي اختلاف في سجل عمليات البناء .
و هكذا فإن الإشكالية التي تطرح بهذا الخصوص تتمثل في :
إلى أي حد يمكن أن نتحدث عن تدخل المهندس في مجال التعمير ؟
المبحث الأول : الإطار العام للمهندس في مجال التعمير
المطلب الأول : مقتضيات خاصة حول ممارسة مهنة الهندسة
الفقرة الأولى: أشكال ممارسة مهنة الهندسة
يتم مزاولة مهنة مهندس معماري حسب طريقتين و ذلك طبقا لمادة 2 من قانون 016.89 المتعلق بممارسة المهندس المعماري وإنشاء هيئة المهندسين المعماريين الوطنية بتاريخ 10 دجنبر 1993 وهما : [7]
1 - المزاولة في القطاع الخاص بصفة مستقلة أو كأجير أو شريك في شركة للمهندسين المعماريين .
2-المزاولة بصفة موطن تابع للدولة، أو مستخدما بجماعة ترابية أو مؤسسة أو قائما بالتدريس مؤسسة من مؤسسات التعليم العالي للهندسة المعمارية .
من خلال هذه المادة يبين أن لكل المهندسين المعماريين لهم الحق القيام بأنفسهم الأعمال التي تدخل في إطار مهنتهم، باستثناء الإجراء و الموظفين .
بحيث أن الإجراء و الموظفين يقومون بذلك لفائدة مشغليهم و في الحدود التي تحددها القوانين الخاصة.[8]
و هكذا فإنه لمزاولة مهنة مهندس معماري في القطاع الخاص لا بد من الحصول على إذن بذلك، يسلم هذا الإذن بمقتضى قرار بالأمين العام للحكومة و ذلك بناء على طلب من المعني بالأمر بعد استطلاع ، أي السلطة المكلفة بالتعمير و المجلس الوطني للهيئة المهندسين المعماريين و ذلك طبقا للمادة 4 من قانون 016.89 و للحصول على هذا الإذن لمزاولة هذه المهنة في هذا القطاع لا بد من مجموعة من الشروط، إضافة إلى مجموعة من الآثار التي تترتب على هذا الإذن كذلك .
1- الشروط :
1 - أن يكون مغربي الجنسية
2-الحصول على دبلوم مهندس معماري مسلم من طرف المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية .
3 - أن يكون في وضعية قانونية إزاء الخدمة العسكرية .
4 - ألا يكون قد سبق له أن تعرض لأحكام قضائية .
5- القيام بتدريب لكن هنا نجد إعفاء من هذه الشروط بالنسبة للمهندسين الذين زاولوا المهنة لمدة 3 سنوات مستمرة على الأقل بعد حصولهم على الدبلوم كموظفين أو كأعوان بالجماعات المحلية أو المؤسسات العمومية أو كأساتذة.
إضافة إلى ذلك إلى شرط أخر للإعفاء من التدريب و هو مزاولة مهنة مهندس معماري في الخارج خلال 3 سنوات فعلية على الأقل : و يتم الإعفاء من قبل المجلس الوطني للهيئة .
6 - تقديم طلب و إيداعه بمقر العمالة أو الإقليم الذي يدخل في دائرة المكان الذي يريد أن يزاول فيه.
2 - الآثار المتربة عن الإذن بمزاولة مهمة مهندس بالقطاع الخاص
1-الأثر الأول : إمكانية مزاولة مهنة مهندس فوق مجموع التراب الوطني كما جاء في المادة 5 .
2 - الأثر الثاني : الحق في تحصيل أتعاب المهندس المستقل و الشريك في شركة للمهندسين المعماريين، من خدماته بحيث يتم تحديدها مسبقا باتفاق بين المهندسين و زبونه في إطار القوانين الجاري بها العمل طبقا للمادة 7 .
إذن فهذه الآثار تكرس مبدأ حرية التعاقد بين المهندس و زبنائه .
الفقرة الثانية: المساعدة المعمارية
تم إحداث مبدأ المساعدة المعمارية لفائدة تطوير السكن الاجتماعي، أي المساكن المبنية في إطار عمليات القضاء على مدن الصفيح، و إصلاح الأحياء غير الصحية سواء تعلق الأمر بمبادرة من الدولة أو من الجماعات الترابية .[9]
فالمستفيدون من هذه المساعدة هم مالكو الأبنية التي تكون مساحة أرضها مجتمعة لا تتعدى 150 متر مربعا.
و تقوم بهذه المساعدة المعمارية المجالس الجهوية بناء على طلب من الدولة أو الجماعة الترابية المعينة، تحت مسؤولية الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين التي تعيين لهذه الغاية و حسب الحالة مهنيا أو عدة مهندسين معماريين.
و يجب على عامل الإقليم أو العمالة المعنية بالأمر ( بمجرد طلب من الدولة أو إحدى الجماعات الترابية للمساعدة المعمارية ) أن يخبر بذلك المجلس الجهوي و يوجه إليه مذكرة تبين الجماعة صاحبة المطلب و هوية الشخص أو الأشخاص الذين تشملهم المساعدة و كذلك الموقع و المميزات الرئيسية للبناء أو الأبنية المزمع تشييدها أو تجديدها . و يجب على المجلس الجهوي و بمجرد تعينه مهندس أو مهندسين معماريين للقيام بالمساعدة أن يخبر بذلك عامل المعاملة أو الإقليم المعني بالأمر الذي يلتزم بدوره بإخبار الجهة صاحبة الطلب .و تجدر الإشارة في الأخير أن المهمة الملقاة على عاتق هؤلاء المهندسين في إطار هذه المساعدة المعمارية تتمثل في التصور أو التعديل الهندسي للبناء على قصد تكوين الملف اللازم للحصول على رخصة البناء طبعا لأحكام المادة 54 من قانون 12.90 المتعلق بالتعمير ، إضافة إلى أن المصاريف التي أنفقها المهندس المعماري للقيام بهذه المهمة فإنها تسدد إليهم من طرف الجماعة التي طلبة المساعدة المعمارية .
إذا فالمساعدة المعمارية يستفيد منها بعض الفئات من السكان و هم دو الدخل المحدود و ذلك من أجل تفادي البناء العشوائي و القضاء على دور الصفيح .
الفقرة الثانية : وجوب إبرام تأمين مهني
نظرا للأخطار التي يتعرض لها المهندس المعماري جراء مسؤولية و التعويضات التي يمكن أن تنتج عنها، فإنه عليه أن يقوم بالتأمين نشاطه فبل القيام بأي عمل مهني .
و لهذه الغاية على المهندس المعماري أن يدلي للهيئة بالوثائق التالية :
- شهادة تثبت إبرامه تأمينا يغطي جميع الأخطار التي يمكن أن يعتبر مسؤولا عنها في حالة ما إذا كان يزاول نشاطا بصورة مستقلة أو بصفة شريكا في شريكة للمهندسين المعماريين.
- شهادة تتلبث بأن مسؤولية مغطاة بتأمين أبرمه مشغله في حالة ما إذا كان يزاول كمهندس معماري بصفة أجير .
المطلب الثاني : مراحل تدخل المهندس في علاقته مع المتعاقدين معه .
إن علاقة المهندس بالمتعاقد معه أو المقاول إن صح التعبير يحكمها مسلسل طويل من الإجراءات و المراحل التي تمتد منذ اللقاء الأول إلى غاية انتهاء الأشغال و تسليم رخصة السكن أو الرخصة الانتهاء من الأشغال التي يتم تسليمها من طرف رئيس المجلس الجماعي.
يبتدئ هذا المسلسل بين طالب التصميم و المهندس بخروج هذا الأخير إلى الميدان و التحقق من وضعية العقار و كدا الإطلاع على الوثائق المثبتة لملكية العقار ( الرسم العقاري شهادة ملكية ). و عدم وجود مشاكل من شأنه أن توقف الأشغال .
و يمكن للمهندس في هذه المرحلة الاستعانة بمهندس طبوغرافية لتكوين فكرة واضحة عن العقار
و بعد التأكد من وضعية العقار يستدعي المعنى للأمر للتعاقد، و يجب أن يكون العقد المبرم بين الطرفين عقد مكتوب، و ينص على مجموعة من المقتضيات التي تحكم العلاقة التعاقدية و التي يمكن تلخيصها كالأتي : هوية المتعاقدين ، نوع الملك ، وضعية الملك هل هو محتفظ أو غير محفظ للالتزامات التي تكون على عاتق الطرفين، الواجبات، و يمكن التنصيص كذلك على التاريخ الانتهاء الأشغال و الذي يجب أن يتقيد به المهندس ، و هل دور المهندس يقتصر فقط على و ضع التصميم أم أن الأمر يتعدى ذلك ليتتبع جميع مراحل أشغال البناء .
و بعد جمع المعلومات من المحافظة العقارية، بعد دراسة و وضع التصميم النهائي الذي يوقع عليه المهندس المعني بالأمر و الذي يجب أن يطبع عليه " هذا التصميم لا غير " يأخذه صاحب المشروع إلى الجماعة الحضرية و القروية التي تسلمه بدورها رخصة البناء "
و بذلك تنتهي مراحل ما قبل بداية الأشغال ، و بالطبع دور المهندس لا يقف هنا بل نجده يلعب دور جد مهم في تتبع و مراقبة أشغال البناء حتى نهايتها، و بالتالي يكون مسؤولا عن كل الإختلالات التي قد تشوب المبنى و التي قد تعرضه للمتابعة .
و مع بداية الأشغال يتقابل المقاول و المهندس الذي يحيله على باقي المهندسين الذين يواكبون بدورهم الأشغال و يتعلق الأمر هنا بمهندس الإسمنت المسلح، و مهندس مدني و الذي يتكلف بشبكة التطهير السائل.
و يقوم المهندس واضع التصميم بعملية التنسيق بين كل الأطراف بما فيهم المقاول و المهندسين و المختصين، و الجماعة الحضرية أو القرية و له صلاحية إيقاف الأشغال، في حالة اختلاف الرؤى بينه و بين أحد المهندسين السالفين الذكر، أو في حالة شك، أو إذا تبين له أنه هناك اختلال ما يشوب الأشغال ، و قد يطلب إجراء خبرة على مكمن الخلل و في حالة إذا تبين له أن الأشغال على ما يرام يأذن بمواصلة الأشغال .
و عند انتهاء الأشغال يمنح رئيس المجلس الجماعي شهادة السكن أو شهادة انتهاء لأشغال، و بالتالي ينتهي دور المهندس المعماري .[10]
المبحث الثاني : صلاحيات المهندس في مجال التعمير
تختلف مجالات تدخل المهندس المعماري في التعمير ( مطلب أول ) . و كذلك للمهندس المعماري دور رقابي (مطلب ثاني ).
المطلب الأول : مجالات تدخل المهندس المعماري في التعمير
يتجلى تدخل المهندس في مجال التعمير من خلال عملية البناء، حيث يتجلى دور كل من المهندس المعماري الحر و المهندس المختص في هذا الشأن، نظرا لطابع التقني الذي تتميز به عملية البناء، و في ذلك سعي طرف المشرع من أجل مراقبة قبلية على أشكال البناء حتى لا تكون هناك مخالفة للضوابط المعمول بها، و التي تبقى أحكاما من النظام العام، حيث تضمن الفصل الثاني من قانون 90-12، الاستعانة بالمهندس المعماري و هي إجبارية، نجد المادة 50 تنص على ما يلي : " في الجماعات الحضرية و المركزية المحددة و المناطق التي تكتسي صبغة خاصة كما هي محددة في (ب) من المادة 18 أعلاه تكون الاستعانة .
بمهندس معماري حر و بمهندسين مختصين واجبة فيما يتعلق بكل بناء جديد، و كل تغير مدخل على بناء قائم يستوجب الحصول على رخصة البناء، كذلك جميع الأشغال المتعلقة بترميم الآثار.
و تعتبر الاستعانة بمهندس معماري مقيد في جدول المهندسين المعماريين "شرطا للحصول على رخصة البناء". [11] إذا في هذه الحالات لا بد من الاستعانة بالمهندس المعماري و المختص و هي كما نصت المادة أعلاه ضرورية من أجل تسليم رخص البناء، لكن هذا فيما يخص الجماعات الحضرية و المراكز المحددة و المناطق التي تكتسي صبغة خاصة، لهذا فإلزامية الاستعانة بالمهندس المعماري الحر المناطق الخارجية و الغير المحددة حسب هذه المادة ، غير مشروطة و ليست واجبة، و عليه فخارج هذه المناطق تكون الاستعانة بهذا المهندس غير واجبة ما عاد إذا كان المشروع يتمثل في بناية عمومية أو يستعملها العموم.[12]
و يقوم المهندس المعماري و المختص بجميع أو بعض هذه الأعمال وفق الوكالة التي يسندها إليه عميله، و ذلك دون الإخلال بالأحكام المقررة في الحالات التي يفرض فيها القانون الاستعانة بمهندس معماري و مختص لإنجاز أعمال معينة ( المادة 52) و يناط بالمهندس المعماري مهمة التخطيط المعماري للمباني ، و التجزئات العقارية و إعداد التصاميم المتعلقة بها و الإشراف على تنفيذها، و يمكن أن تناط بالمهندس المعماري و المختص مهمة مراقبة صحة البنايات الحسابية للمقاولين المساهمين في إنجاز الأعمال الخاصة بهذه العمليات.[13]
و فيما يتعلق بكل عملية بناء أو إدخال تغيير على بناء قائم يكلف وجوبا كل من :
- المهندس المعماري :
- تصميم المبنى أو تغيره من الوجهة المعمارية .
- وضع جميع الوثائق المرسومة و المكتوبة المعمارية المتعلقة بتصميم البناء أو تغييره و لاسيما التي يجب تقديمها إلى الجماعة للحصول على رخصة البناء وفق الأنظمة الجاري بها العمل، و السهر على مطابقة الدراسات التقنية المنجزة من طرف المهندسين المختصين في البناء مع التصميم الهندسي، و متابعة أشغال المبنى و مراقبة مطابقتها مع التصاميم الهندسية و بيانات رخصة البناء و ذلك إلى تسليم رخصة السكن أو شهادة المطابقة.
أما المهندس المختص فهو ملزم بدراسة و وضع الوثائق اللازمة المتعلقة بالتصميم المبنى و كذا تتبع انجاز الأشغال المتعلقة بالدراسات التقنية التي و ضعها.[14]
و استثناء من المادة 53 يقتصر وجوب الاستعانة بالمهندس المعماري فيما يتعلق بمشاريع البناء سوء منها المفتوحة للعموم أو التي تفوق مجموع أرضيتها 150 متر مربعا.[15]
كما يختص المهندس المعماري و المهندس المختص وجوبا فيما يتعلق بتشيد المباني العامة أو التي يستعملها العموم خارج الدوائر المشار إليها في المادة 50. [16] و كمثال على المبادئ العامة :
- البنايات الإدارية المعدة لممارسة نشاط مرفق عمومي ؟
- البنايات المعدة لممارسة نشاط المؤسسات تساهم فيها الدول .
- المؤسسات المدرسية العمومية بمختلف مستوياتها و ملحقاتها.
- وتجهيزات الصحة العمومية كالمستشفيات، وغيرها منة التجهيزات والمباني و المراكز العمومية. [17]
إضافة إلى الأدوار المنوطة بالمهندس المعماري، مهمة المعاينة و المراقبة و ذلك حسب المادة 55 من القانون 90-12 " فقرة 3 " تحرر الرخصة و الشهادة المذكورتان بعد إجراء معاينة لتحقق من أن الأشغال أنجزت وفق ما يجب، بيد أنه إذا تولى مهندس معماري إدارة الأشغال يمكن الاكتفاء بشهادته عن المعاينة " في هذه الحالة الإدارة لها السلطة التقديرية في قبولها أو رفضهما بإجراء معاينة أخرى تبعا لعبارة "يمكن الاكتفاء " الواردة في نص المادة 55.[18]
المطلب الثاني : الدور الرقابي للمهندس في مجال التعمير
بنمو حركة التعمير و ما صاحبها من انتشار ظاهر البناء غير القانون، و ما نجم عن ذلك من تداعيات تمثلت انهيار بعض الأبنية و بروز أحياء غير مهيكلة، و تشويه المشهد العمراني و غيرها من التداعيات [19]، من خلال هذا كان لزاما على الجهات المعنية تدارك الموقف و ذلك بإصدار مجموعة من الدوريات تسد الثغرات التي يعرفها قانون التعمير ، و من هنا وردة مقتضيات تخص المهندس المعماري بأن دوره مهم في مجال البناء و تسليم الرخص و لتفادي المشاكل التي يطرحها البناء فقد تم فرض بعض أشكال الرقابة على المهندس من طرف الجهات المعنية لذلك ، بحيث ورد بأن المفتشين الجهويين للإسكان و التعمير و التنمية المجالية و مديري الوكالات الحضرية :
- التأكد أثناء دراسة طلبات رخص البناء من وضع الدراسات من طرف المهندسين المعماريين للمشاريع و التزامهم بتتبع انجازها و مراقبتها ، و ذلك وفق أحكام النصوص التشريعية و التنظيمية المعمول بها و لاسيما فيما يخص :
أ- تتبع أشكال الأشغال من طرف المهندس المعماري فيما يتعلق بمشاريع البناء سواء منها المفتوحة للعموم أو التي تفوق مجموع أرضيتها 150 متر مربع.
ب- التزم المهندس المعماري بمسك في الورش، كلوثيقة ثبتت تقدم الأشغال و تتبعها من بدايتها إلى نهايتها، و في حالة تخلي المهندس المعماري المكلف بالمشروع عن التزامه، فعلية أن يخطر كلا من صاحب المشروع أو من يمثله قانونا و رئيس المجلس الجماعي المعنيو رئيس المجلس الجهوي للمهندسين معماري أخر يتتبع التنفيذ و إحضار رئيس المجلس الجماعي المعني بذلك [20] من خلال هذا نستنتج بأن المهندس المعماري لا يقوم بعمله بكل حرية و عبثا، و إنما مقيد و مراقب من طرف الجهات المذكورة سلفا.
بالإضافة إلى ما سبق ذكره، تتأكد الوكالة الحضرية و المفتشية الجهوية للتعمير من مدى تتبع الورش من طرف المهندسين المعماريين، و ذلك من خلال الوثيقة المشار إليها سابقا و تدعو الأطراف رئيس المجلس الجماعي لإثارة انتباه المهندسين المتقاعسين و عند اقتضاء الإشعار الهيئات التي ينتمون إليها.[21]
إضافة إلى هذه الرقابة المفروضة على عمل المهندس المعماري يمكن إثارة مسؤولية في حالة ارتكابه لمخالفة أو إخلاله بمسؤوليته العقدية، و تنص المادة 76 من قانون 90-12 في هذا الصدد، " بعد شريكا لمرتكب المخالفة لهذا القانون و لضوابط التعمير أو البناء العامة أو الجماعية رب العمل و المقاولة الذي نفد الأشغال و المهندس المعماري و المهندس المختص أو المشرف الذي صدرت منهم أوامر نتج عنها المخالفة.[22]
خاتمة :
يلعب المهندس دورا مهما في مجال التعمير، بحيث أنه يتدخل في جميع المراحل التي سبق الحصول على رخصة البناء، و كذا فإنه يتدخل حتى بعد الحصول على هذه الرخصة إضافة إلى أن القانون المتعلق بالتعمير رقم 12.90 أكد على أن الاستعانة الإلزامية بالمهندس للحصول على رخصة البناء ، فمن هنا تتضح أهمية المهندس في مجال التعمير و ذلك نظرا لكل هذه الأدوار و التدخلات التي يقوم بها، و ما ينعكس عنها من أثار، سواء رقابية و المتمثلة في مراقبة عمليات البناء لمقتضيات التصاميم التي أنجزها، أو جمالية و المتمثلة في جمالية المظهر العمراني لأي دولة.

التصميم:
مقدمة:
المبحث الأول : الإطار العام للمهندس في مجال التعمير
المطلب الأول : مقتضيات خاص حول ممارسة مهنة الهندسة
المطلب الثاني : مراحل تدخل المهندس في علاقته مع المتعاقد معه
المبحث الثاني : صلاحيات المهندس في مجال التعمير
المطلب الأول : مجال تدخل المهندس في مجال التعمير
المطلب الثاني : الدور الرقابي للمهندس في مجال التعمير


المراجع المعتمدة:
الكتب:.
-محمد بوجيدة ،" رخصة البناء " ، الجزء الثاني ، الطبعة الأولى ،دار الجيل للنشر ،الرباط ،2000 .
-عبد السلام المصباحي ،محاضرات في إعداد التراب و التعمير،الطبعة اللأولى،مطبعة فاس،1997
-Henri Jacquot et François Priet : Droit de l'urbanisme 3e édition Dalloz 2000
*الأطاريح و الرسائل:
-الشريف البقالي،"شرطة التعمير بين القانون والممارسة"، أطروحة لنيل الدكتراه في القانون العام ، جامعة محمد الخامس اكدال ،الرباط ،2011-2010 .
- العرعاري عبد القادر ،"المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب " ،أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ، الرباط ،1990-1991
- محمد عمري ،" المراقبة الإدارية للتعمير العملياتي بالمغرب بين القانون والممارسة العملية " ، رسالة لنيل شهادة الماستر ، في القانون العام ، جامعة محمد الخامس ، السويسي ، سلا ، 2007-2008 .
*المقالات:
-الشريف البقالي ،"رخصة البناء بالوسط القروي نطاق الزاميتها وشروط منحها" ،منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ، عدد 105-106 ،يوليوز –اكتوبر ، 2012 .
*الدوريات:
دورية مشتركة حول تفعيل المقتضيات القانونية المتعلقة بمراقبة التعمير والبناء ، عدد 12.2911 مايو ،2008.
*النصوص القانونية :
قانون رقم 016.89 المتعلق بممارسة مهنة المهندس المعماري وإنشاء هيئة المهندسين المعماريين الوطنية ن الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.92.122 ، بتاريخ 10 سبتمبر 1993
- ظهير شريف يتعلق بتصفيف الأبنية وتوسيع المدن وبالواجبات والضرائب المفروضة على الأبنية وما يلحق بها، صادر بتاريخ 20 جمادى الأولى 1332 ( 16 أبريل 1914)، الجريدة الرسمية عدد 51 بتاريخ 27 جمادى الأولى 1332 (24 أبريل 1914)، الصفحة 173.
- ظهير شريف بشأن الشؤون المعمارية، صادر بتاريخ 7 ذو القعدة 1371 (30 يوليوز 1952) )، الجريدة الرسمية عدد 2083 بتاريخ 5 محرم 1372 (26 شتنبر 1952)الصفحة 6146.
- القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير: الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.92.31 بتاريخ 15 من ذي الحجة 1412 (17 يونيو 1992)، الجريدة الرسمية عدد 9159 بتاريخ 14 محرم 1413 (15 يوليوز 1992) الصفحة 887.
*دلائل :
-دليل الجماعات المحلية في التعمير ، الطبعة الأولى سنة 2009 .
- دليل التعمير والهندسة المعمارية ، تحت إشراف ،إدريس البصري ، المطبعة الملكية ، منشورات مجموعة تشييد دولة حديثة ، السنة 1994 .

الهوامش
[1]-Henri Jacquot et François Priet : Droit de l'urbanisme 3e édition Dalloz 2000, p 8.
[2]-Henri Jacquot et François Priet :ibid, p. 3.
[3]-Idem.
[4]- ظهير شريف يتعلق بتصفيف الأبنية وتوسيع المدن وبالواجبات والضرائب المفروضة على الأبنية وما يلحق بها، صادر بتاريخ 20 جمادى الأولى 1332 ( 16 أبريل 1914)، الجريدة الرسمية عدد 51 بتاريخ 27 جمادى الأولى 1332 (24 أبريل 1914)، الصفحة 173.
[5]- ظهير شريف بشأن الشؤون المعمارية، صادر بتاريخ 7 ذو القعدة 1371 (30 يوليوز 1952) )، الجريدة الرسمية عدد 2083 بتاريخ 5 محرم 1372 (26 شتنبر 1952)الصفحة 6146.
[6] - القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير: الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.92.31 بتاريخ 15 من ذي الحجة 1412 (17 يونيو 1992)، الجريدة الرسمية عدد 9159 بتاريخ 14 محرم 1413 (15 يوليوز 1992) الصفحة 887.
- قانون 016.89 المتعلقة بممارسة مهنة المهندس المعماري و إنشاء هيئة المهندسين المعماريين الوطنية.[7]
- إدريس البصري :" دليل التعمير و الهندسة المعمارية " 1994.[8]
- إدريس البصري ، دليل التعمير و الهندسة المعمارية ، مرجع سابق .[9]
- الشريف البقالي ، محاضرات في قانون التعمير، ماستر التدبير الإداري كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية سلا الموسم الجامعي 2012/2013[10]
- المادة 50 من قانون 12.90 المتعلق بالتعمير الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.92.31 المؤرخ في 15 من ذي الحجة 1217 (14 يونيو 1992).[11]
[12]- ذ. الشريف البقالي ، " رخصة البناء بالوسط القروي نطاق إلزاميتها و شروط منحها " منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية عدد 105-106- يوليوز-
أكتوبر 20012 ، ص 92 .
[13]- الشريف البقالي ، شرطة التعميم بين القانون و الممارسة ، أطرحة للدكتورة في القانون ، جامعة محمد الخامس أكدال الرباط، 2011/2010 ص 218.
-المادة 53 من قانون 90-12 .[14]
- دورية مشتركة حول تفعيل المقتضيات القانونية المتعلقة بمراقبة التعمير و البناء – عدد 2911-12 مايو 2008 .[15]
- المادة 51 من القانون 90-12.[16]
- دليل الجماعات المحلية في التعمير الطبعة الأولى -2009[17]
- محمد بوجيدة : " رخصة البناء ، الجزء الثاني " الطبعة الأولى ، دار الجيل ، الرباط ، 2000 ص 99 .[18]
[19] - محمد عمري، "المراقبة الإدارية لتعمير العملياتي في المغرب يبين قانون و الممارسة العلمية " رسالة لنيل الماستر، جامعة محمد الخامس – السويسي كلية العلوم القانونية و
الاقتصادية و الاجتماعية، سلا السنة الجامعية 2007/2008 ، ص 27 .
- دورية مشتركة جدل تفعيل المقتضيات القانونية المتعلقة بمراقبة التعمير و البناء عدد 12.2911 مايو 2008 .[20]
- دورية مشتركة حول تفعيل المقتضيات القانونية المتعلقة بمراقبة التعمير و البناء عدد 12.2911، مايو 2008 .[21]
- المادة 76 من قانون 90-12 .[22]
المصدرhttp://www.marocdroit.com/دور-المهندس-في-مجال-التعمير_a3918.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق