الجمعة، 27 نوفمبر 2015

مادا نريد من الجماعة



مادا نريد من الجماعة


    ماذا نريد من الجماعة ، الجواب قطعا أن تكون مدينة فاضلة ، مما يقودنا إلى المرحوم عابد الجابري وهو يبسط أفكار أفلاطون وما جاء عنه حول المدينة الفاضلة ، ومن الأصلح لرئاستها ،والتي خلص في النهاية ان المدينة هذه لا تكون فاضلة الا اذا تربع على كرسي رئاستها فيلسوف، والفيلسوف هو ذاك الرجل الواسع المعرفة، الحكيم في تفكيره وسلوكه.
   فافلاطون حسب الجابري ينظر الى رئيس مدينته هذه نظرة الناس الى الطبيب المشروط فيه الدراية الكاملة والمعرفة  الدقيقة بالبدن والامراض واسبابها وطرق علاجها وكذلك يجب ان يكون رئيس المدينة الفاضلة عارفا يشؤون مدينته قادرا على ان يحقق لساكنتها شروط العيش الكريم ،وعادلا في تدبير شؤونها،لكن افلاطون ودائما حسب الجابري خلص الى استحالة قيام هذه المدينة لقلة الفلاسفة وادا وجدوا فالناس في الغالب لايسلمون أمرهم إليهم.

   والحالة هذه فالى من تولى امور الجماعات بالمغرب والتي تشهد اختلالات كبيرة على مستوى التسيير والتدبير ،قد تكون المقارنة ضرب من الخيال والحلم لكن من حقنا كمعنيين ان نحلم ونمني النفس برئية بجماعة فاضلة يتولى زمام امورها وزمام تدبير شؤون ساكنتها رجل عارف خابرا بشؤونهم وهمومهم .
ان استنطاق مضمون القانون رقم 11-59 المتعلق بانتخاب اعضاء المجالس الترابية وخاصة المادة الرابعة منه لا يوجد فيها شرط التوفر على مستوى تعليمي او دراسي  معين من بين شروط الترشح للانتخابات وبالتالي رئاسة الجماعة، وهو نفس ما ذهبت اليه باقي القوانين  التنظيمية المتعلقة  بالجماعات (14-113و14-112و 14-113) بكونها لم تحدد أي أهلية علمية للانتخاب رئيس الجماعة.
     إن تدقيق النظر في طبيعة النخبة المحلية التي تقوم بتدبير الشأن المحلي تقودنا مباشرة إلى فهم من يترأس ويدبر شؤون الجماعة ، و بالأخص التدقيق في طبيعة رؤساء الجماعات ذات الطبيعة القروية، والذين تغلب عليهم الأمية آو تيمية الأعيان والوجاهة الاجتماعية والمكانة السامية داخل القبيلة أوالجماعة .
      إنهم في الأصل رجال أعمال أو أصحاب مقاولات أو أصحاب تجارة، فاكترهم ان لم نقل كلهم يغلب عليهم منطق الربح و الخسارة في كل شيء، لا يتنافسون على كرسي الرئاسة، ولا ينافحون عن شخص عبثا، بل كل شيء يخضع لقانون ومنطق الربح و الخسارة. يحدث إذن نوع من التواشج بين السلطة والمال، وليس بين الكفاءة العلمية والعملية لتربع على كرسي الرئاسة.
    إذن نستشف من خلال ما تقدم جزء من مسوغات سوء تدبير الجماعات بالمغرب والتي ترجع بالأساس إلى فقدان الأهلية العلمية والعملية بالنسبة للمنتخبين لتسيير الجماعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق