الثلاثاء، 24 نوفمبر 2015

آليات المشاركة المواطنة والمدنية في تدبير الشأن العام المحلي بالجماعات

 آليات المشاركة المواطنة والمدنية في تدبير الشأن العام المحلي بالجماعات
تعتبر الديموقراطية التشاركية من الآليات الهامة والجديدة التي يتم من خلالها ضمان مشاركة المواطنين والمواطنات والهيئات المدنية، في اتخاذ القرارات العمومية التنموية، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.. وتتبعها وتنفيذها وتقييمها، وهي شكل من أشكال الرقابة الشعبية والمجتمعية على صانعي القرار العمومي، ومدخلا أساسيا لتحقيق الحكامة في تدبير الشأن العام، وتساهم في تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
وقد نص الدستور الجديد لسنة 2011 في العديد من فصوله ولأول مرة في تاريخ التعديلات الدستورية بالمغرب،على مبدأ الديموقراطية التشاركية وحق المواطنين والمواطنات والجمعيات في المشاركة في صنع السياسات العمومية سواء على المستوى الوطني أو المحلي/الترابي، وذلك من خلال الفصول التالية: 1- 12-13-14-15-139 وأحال إلى السلطات الحكومية والعمومية المعنية لإصدار القوانين التنظيمية المحددة لشروط وكيفيات ممارسة هذه الحقوق.
وتنزيلا لفصول الدستوراعلاه وخاصة الفصل 139 المتعلق بمشاركة المواطنين والمواطنات والجمعيات في تدبير الشأن العام المحلي، انطلاقا من مبدأ الديموقراطية التشاركية،تم بمناسبة تعديل القوانين التنظيمية لكل من الجماعات والجهات والعمالات والأقاليم بالتنصيص على مواد قانونية تؤطر أنواع وكيفية وشروط هذه المشاركة.

فعلى مستوى الجماعات حدد القانون التنظيمي الجديد رقم 113.14 من خلال ثلاث مواد، آليات ممارسة حق مشاركة المواطنين والمواطنات و الجمعيات في تدبير الشأن العام المحلي وهي:عقد لقاءات للتشاور والحوار(المادة 119) إحداث هيئة استشارية للمساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع (المادة120) تقديم العرائض لإدراج نقطة في جدول أعمال المجالس(المادة121).
1- عقد لقاءات للتشاور والحوار:
نصت المادة 119 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، على أن تُحدِث مجالس الجماعات آليات تشاركية للحوار والتشاور لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج العمل وتتبعها. فيما أحالت على النظام الداخلي للجماعة لتحديد كيفية تطبيق هذه المادة.
ولهذا الغرض عملت وزارة الداخلية على إعداد نموذج للنظام الداخلي وعممته على
الجماعات للعمل به مع تعديلات ممكنة لبعض المواد، وأهم ما تضمنه حول صيغ تطبيق المادة 119 أعلاه مايلي:
– يمكن لرئيس المجلس الجماعي بتعاون مع أعضاء المكتب،عقد لقاءات عمومية(مرتين او…) مع المواطنات والمواطنين والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين وجمعيات المجتمع المدني لدراسة مواضيع عامة تدخل في اختصاصات الجماعة والاطلاع على آرائهم بشأنها وكذا لإخبار المواطنات والمواطنين والمعنيين بالبرامج التنموية المنجزة أو المــوجودة في طور الإنجاز. -  يحدد رئيس المجلس مكان وتاريخ وساعة انعقاد هذه اللقاءات، ويوجه الدعوة إلى الأطراف المعنية وتعليق موعد هذا اللقاء بمقر الجماعة 3 أيام على الأقل قبل انعقاده. - يمكن لرئيس المجلس عرض تقارير اللقاءات والجلسات على مكتب المجلس للنظر في إمكانية إدراجها في جدول أعمال الدورة المـوالية للمجلس الجماعي للتداول بشأنها. - لا يمكن أن تكتسي اللقاءات والجلسات المشار إليها في المواد أعلاه طـابعا سياسيا أو انتخابيا، أو تكون بطلب من حزب أو نقابة.كما أن هذه اللقاءات مجرد أعمال تحضيرية لا يمكن الطعن في محاضرها.
2- إحداث هيئة استشارية للمساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع:
كما نصت المادة 120من القانون التنظيمي للجماعات ايضا على إحداث لدى مجلس الجماعة، هيئة استشارية بشراكة مع فعاليات المجتمع المدني تسمى: “هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع”، فيما أحالت على النظام الداخلي للجماعات لتحديد كيفية تطبيق هذه المادة.
وحسب النظام الداخلي للمجالس الجماعية فإن الهيئة تختص بدراسة القضايا و المشاريع المتعلقة بالمساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع الاجتماعي فقط، وتقوم بتجميع المعطيات التي لها صلة بهذه الميادين من أجل دراسة وإعداد توصيات بشأن إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في برامج الجماعة وتبدي الهيئة رأيها، بطلب من المجلس أو رئيسه.
وتحدد المواد من 62 إلى 81 من النظام الداخلي للمجالس الجماعية مهام ومعايير تشكيل الهيئة وكيفية اشتغالها كمايلي:
– تتكون هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع من شخصيات تنتمي إلى جمعيات محلية وفعاليات من المجتمع المدني يقترحهم رئيس المجلس الجماعي، ويحدد عدد أعضاء الهيئة باعتبار أهمية النسيج الجمعوي والفاعلين المحليين وبالتشاورمعهم.
– يأخذ بعين الاعتبار في تشكيل الهيئة المعايير التالية:
– مقاربة النوع الاجتماعي حيث يتم تخصيص نسبة ثلاثين بالمائة للنساء من مجموع أعضاء الهيئة للسعي نحو تحقيق مبدأ المناصفة.
– تحديد نسبة لكل فئة من الفئات المستهدفة ( أشخاص من ذو احتياجات خاصة، أطفال، مسنون…).
– المكانة والسمعة داخل المجتمع المحلي.
– التجربة في ميدان التنمية البشرية.

– الخبرة في مجال النوع الاجتماعي.
– التنوع المهني.
– الارتباط بالجماعة.
- يجوز لرئيس الهيئة أن يأذن لبعض الأشخاص ذوي الاختصاص لحضور أشغالها إذا كان من شأن ذلك أن يفيد الهيئة في اتخاذ القرار المناسب بخصوص الموضوع المعروض عليها.ويمكن للهيئة تكوين مجموعات عمل تهتم بقضايا معينة في مجال اختصاصاتها.
–  إن نشاط الهيئة عمل تحضيري داخلي لا يجوز نشره ولا إبلاغه إلى العموم.ويمكن للهيئة أن تقدم لمجلس الجماعة توصيات وملتمسات.ويقوم رئيس المجلس الجماعي بصفة دورية بإخبار أعضاء الهيئة بمآل توصياتها وملتمساتها واقتراحاتها.
3- تقديم العرائض لإدراج نقطة في جدول أعمال المجالس:
حدد القانون التنظيمي للجماعات من المادة 121 إلى 125 شروط تقديم العرائض من قبل المواطنات والمواطنين والجمعيات، يكون الهدف منها مطالبة المجلس بإدراج نقطة تدخل في صلاحياته ضمن جدول أعماله.كما حدد كيفية إيداعها لدى المجالس، فيما أحال إلى إصدار نص تنظيمي لتحديد شكل العريضة والوسائل المثبتة التي سيتم إرفاقها بالعريضة حسب الحالة.
العريضة: حسب مدلول القانون التنظيمي هو كل محرر يطالب بموجبه المواطنات والمواطنين والجمعيات من مجلس الجماعة بادراج نقطة تدخل في صلاحياته ضمن جدول الأعمال.
الوكيل: المواطنة او المواطن الذي يعينه المواطنات والمواطنين وكيلا عنهم لتتبع مسطرة تقديم العريضة.
شروط تقديم العريضة من طرف المواطنين والمواطنات:
- يجب أن يستوفي مقدموا العريضة من المواطنات والمواطنين الشروط التالي:
– أن يكونوا من ساكنة الجماعة المعنية او يمارسوا بها نشاطا اقتصاديا او تجاريا اومهنيا.
– أن يكونوا مسجلين في اللوائح الانتخابية العامة.
– أن تكون لهم مصلحة مباشرة مشتركة في تقديم العريضة.
– أن لا يقل عدد الموقعين عن 100 مواطنة او مواطن بالنسبة للجماعات التي يقل عدد سكانها عن 35000 نسمة،و200 مواطن ومواطنة بالنسبة لغيرها من الجماعات، غير انه يجب ان لا يقل عدد الموقعين عن 400 مواطن ومواطنة بالنسبة للجماعات ذات نظام المقاطعات.
شروط تقديم العريضة من طرف الجمعيات:
– أن تكون الجمعية قانونية ونشيطة لمدة تزيد عن ثلاث سنوات.
– أن يكون مقرها او احد فروعها داخل تراب الجماعة.
– أن يكون نشاطها مرتبط بموضوع العريضة.
- تودع العريضة لدى رئيس مجلس الجماعة مرفقة بالوثائق المثبتة للشروط المنصوص عليها مقابل وصل يسلم فورا.وتحال العريضة من قبل رئيس المجلس الى مكتب المجلس الذي يتحقق من استيفائهـا للشروط.
وفي حالة قبول العريضة تسجل في جدول أعمال المجلس في الدورة العادية الموالية وتحال إلى اللجنة آو اللجان الدائمة المختصة لدراستها قبل عرضها على المجلس للتداول في شانها ويخبر رئيس المجلس الوكيل أو الممثل القانوني للجمعية حسب الحالة بقبول العريضة.
أما في حالة عدم قبول العريضة من قبل مكتب المجلس يتعين على رئيس المجلس تبليغ الـوكيل او الممثل القانوني للجمعية حسب الحالة بقرار الرفض معللا داخل اجل ثلاثة أشهر ابتداء من تاريخ توصله بالعريضة.
خلاصة القول إن اعتماد المقاربة التشاركية من طرف المجالس الجماعية في تدبير الشأن العام المحلي، كشكل من أشكال تقاسم السلطة المؤسسة على المشاركة المواطنة والمدنية في اتخاذ القرارات من خارج الديموقراطية التمثيلية، يتوقف بعد الإقرار القانوني لآلياتها كما أسلفنا ذكرها على تفعيل وتنزيل مضامين هذه الآليات التشاركية على أرض الواقع، سواء من طرف المنتخبين أو الفاعلين من المواطنين والمواطنات و الهيئات المدنية، فالتجربة تقول إن المجالس الجماعية غيرمعنية بالمقاربة التشاركية، أو في أحسن الأحوال يبقى إشراكها للمواطنين والمجتمع المدني شكليا فقط، وإن كان الجميع يتغنى بها، وهذا واضح من خلال النموذجين من المشاركة الواردين بالميثاق الجماعي لسنة 2009 وهما: لجنة المساواة وتكافؤ الفرص التي بقيت حبر على ورق ولم يتم تفعيلها في أية جماعة،في حالة تشكيلها، ومن خلال أيضا المشاركة في إعداد المخططات الجماعية للتنمية، وهي بالمناسبة تم تغيير تسميتها ببرنامج عمل الجماعة يتم إعداده وفق منهج تشاركي وعبر آليات للحوار والتشاورسيحدد نص تنظيمي مسطرتها حسب الفصل 78 من القانون التنظيمي الجديد للجماعات، وهي فرصة أخرى للمجتمع المدني ولمختلف الفاعلين للمساهمة والدفاع عن حقوق ومطالب الفئات التي يمثلونها حتى يتم إدماجها  في مسلسل التنمية المحلية، هذه الفئات الغير الممثلة تمثيلا وازنا من خلال الديموقراطية التمثيلية كالشباب والنساء، والأطفال، وذوي الحاجيات الخاصة، والمسنين، وبعض الفئات من المهنيين والحرفيين.
.فاروق الحجاجي*
*موظف ببلدية امزورن/ فاعل مدني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق