الموظف
الجماعي شخص طبيعي يقوم بالتعبير عن إرادة الجماعة التي يزاول بها وظيفته وهو
يضطلع بدور هام باعتباره منفذ سياسة هذه الجماعة والمسؤول عن تحقيق اهدافها في
التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
هدا الموظف وبغض النظر عن أساسه القانوني. فانه
يدخل في علاقة إدارية مع الجهاز الإداري الذي يتبع له.
هذه العلاقة تترتب عنها حقوق يكتسبها الموظف طيلة مساره الوظيفي مقابل قيامه بواجباته والتزاماته التي تقع على عاتقه وكل إخلال بها ينتج عنها قيام علاقة أخرى مع الجهاز الإداري.
علاقة قائمة على عنصر التأديب والزجر والتي تقتضي توفير كل الضمانات المقررة عند هذا التأديب حماية للموظف من تعسف الإدارة.
هذه العلاقة تترتب عنها حقوق يكتسبها الموظف طيلة مساره الوظيفي مقابل قيامه بواجباته والتزاماته التي تقع على عاتقه وكل إخلال بها ينتج عنها قيام علاقة أخرى مع الجهاز الإداري.
علاقة قائمة على عنصر التأديب والزجر والتي تقتضي توفير كل الضمانات المقررة عند هذا التأديب حماية للموظف من تعسف الإدارة.
فحسب الظهير الشريف رقم
1.58.008الصادر بتاريخ24 فبراير1958 بمثابة نظام أساسي عام للوظيفة العمومية .
وقد جاء في الفصل الثاني من هذا القانون ما يلي: «يعد موظفا كل شخص يعين في وظيفة قارة ويرسم قي إحدى رتب السلم الخاص بأسلاك الإدارة التابعة للدولة».
وقد جاء في الفصل الثاني من هذا القانون ما يلي: «يعد موظفا كل شخص يعين في وظيفة قارة ويرسم قي إحدى رتب السلم الخاص بأسلاك الإدارة التابعة للدولة».
و يشترط لكي يعد
الشخص موظفا عموميا أن يعين في وظيفة عمومية من قبل السلطة التي تملك تعيينه
قانونا، وهي سلطة مختصة ومؤهلة للإصدار قرار التعيين وأن يتخذ طبقا لما يستلزمه
القانون من إجراءات إدارية وإلا سيعتبر القرار معيبا،وبالتالي لن نكون أمام موظفا
عمومي شرعي عادي بل نكون أمام أحد حالات الموظف الفعلي أوالوا قعي بالنسبة للغير
وقد لا يعتبر موظفا عموميا الشخص المعين في وظيفة من قبل سلطة غير مختصة زمنيا أو
مكانيا أو موضوعيا فالسلطة المفوض إليها اختصاص التعين في حالات معينة لا يمكن لها
أن تتجاوز هذه الحالات أو السلطة المختصة بالتعين في زمان محدد لا يمكن أن تعينه
خارج هده المدة وأخيرا السلطة المختصة بالتعين في حدود جغرافية معينة لا يمكن أن
تعينه خارج هده الحدود فكل هذه التعيينات الخارجة عن مختلف تلك الاختصاصات تعتبر
تعيينات غير قانونية وبالتالي لا يعتبر الأشخاص المعينون اتجاه الإدارة موظفين
عموميون ولو أنهم يعتبرون موظفون فعليون تجاه الغير بحكم الظاهر.
ومن جهة أخرى، وارتباطا مع قرار التعين، هناك من يعتبر ضرورة أن يقبل المعني بالأمر قرار التعين، وبالتالي لا يعتبر موظفا عموميا الأشخاص المجندون في الخدمة العسكرية أو الملزمون بتقديم خدمات في نطاق عمليات التسخير التي تضطر الإدارة إلى اللجوء إليها.
كما أن الوظيفة التي يتم التعين فيها يجب أن تكون وظيفة إدارية وبالتالي نقول يجب أن يكون المرفق إداريا أو يغلب عليه الطابع الإداري سواء كان يدار بطريقة الاستغلال المباشر أو بصفة غير مباشرة في نطاق المؤسسة العامة الإدارية وهكذا يعتبر مختلف الأشخاص العاملين في المرافق العامة الإدارية موظفين عموميين ولو كانت هذه المرافق تسير من قبل أشخاص معنوية عامة كالجامعات مثلا أو المركز السينمائي المغربي أو وكالة المغرب العربي للأنباء...الخ.
إن علاقة الموظف بالجهاز الإداري منظمة بموجب القانون الأساسي للوظيفة خدمة وتكليف وتنظيم لمجموعة من الاختصاصات و المسؤوليات يمارسها الموظف خدمة للمصلحة العامة ومن هنا يمكن القول أن الوظيفة العمومية هي خدمة وطنية شريفة تناط بالقائم عليها مجموعة من الواجبات يتحملها كمقابل للحقوق المعترف له بها وهدا ما عملت به نظرية الوظيفة العمومية هي ذات البنية المغلقة التي ألزمت الموظفين بالخضوع لهده الواجبات لاجتناب كل ما من شانه أن يجعلهم محل عقوبات.
ومقابل الواجبات التي يتحملها الموظف العمومي اعترف له ببعض الحقوق التي تحقق له الاحترام والتوقير اللازمين نظر لأن الموظف العمومي يعتبر إلى حد كبير تجسد لسيادة الدولة وهيبتها كما أن الوظيفة العمومية لا تعتبر فقط مهنة ولكنها كدالك وظيفة اجتماعية وخدمة لصالح الموطنين ومن هدا المنطلق فان إقرار حقوق وواجبات الموظفين من طرف المشرع يرمي إلى تحقيق هدفين أساسيين وهما:
أولا: تسيير الخدمات على أحسن وجه وبدون انقطاع وتوقف أي في نطاق الاستمرارية والدوام قصد تلبية رغبات المواطنين.
ثانيا : الحفاظ على كرامة الوظيفة العمومية حيث لا يمكن للموظف أن يشتغل صفة الموظف لأغراضه الشخصية.
و هدا ما دفع المشرع إلى إصدار قوانين من اجل احترام واجبات الوظيفة و اتخاذ عقوبات الجزاء لمخالفتها من طرف الموظف مقابل الحصول على حقوق و امتيازات مهمة.
ترتبط واجبات الموظف بالمصلحة العامة التي تسعى الدولة إلى تحقيقها للجماعة و من تم فان أي تهاون أو امتناع عن القيام بالواجبات يعتبر مساسا للمصلحة العامة و إذا كان القانون الأساسي للوظيفة العمومية لم يشر إلى هده الواجبات بدقة و تفصيل فانه يمكن استنباط أهمها من نص المقتضيات الخاصة التي توضح التزامات الموظف التي يجب احترامها أثناء مزاولة نشاطه.
و تتمحور حول أربع نقط أساسية و هي إلزامية أداء العمل الوظيفي و الطاعة الرئاسية و الامتناع عن ممارسة عمل متعارض مع الوظيفة و كدا الإلزام بكتمان السر المهني.
أولا: إلزامية أداء العمل الوظيفي .
و يقتضي هدا الواجب أن يقوم الموظف بتأدية عمله المنوط به بنفسه بدقة و أمانة وليس له أن يوكل غيره في دلك إلا في الحدود التي يسمح بها القانون.
فأول واجب من واجبات الموظف العمومي هو أن يؤدي عمله بنفسه و لا يفوضه إلى غيره إلا إذا أجاز القانون له دلك.
كما أن الموظف يجب أن يقبل المنصب الذي خصص له أثناء تعيينه و يلتحق بمقر عمله لممارسة مهامه. لأنه في حالة رفضه الالتحاق يعرض نفسه للعقوبات التأديبية التي قد تصل إلى حذفه من قائمة الموظفين لان عدم الالتحاق بالمنصب بدون مبررات قانونية يعتبر تخليا عنه.
لدلك نجد أن القضاء الإداري اعتبر أن الموظف المتخلي عن منصبه لا يحق له أن يطعن في قرار عزله على أساس عدم شرعيته إلا إذا كان هدا الأخير يشوبه عيب واضح و خطير يسئ للمصلحة العامة لدلك لا بمكن معاقبة الموظف في حالة كان التخلي عن منصبه ناتجا عن قوة قاهرة.
لدلك فان المشرع راعى مصلحة الموظف في الفصل 64 من قانون الوظيفة العمومية... و يجب أن تراعى في تعيين الموظفين الطلبات التي يقدمها من يهمهم الأمر و كذلك حالتهم العائلية ضمن الحدود الملائمة لمصالح الإدارة.
ثانيا:واجب الطاعة الرئاسية
الطاعة الرئاسية لم يخلقها القانون بذاته و إنما أتت و نشأت كظاهرة إدارية و اجتماعية نتيجة لتطبيق الوظائف الإدارية بصفة متدرجة ابتداء من وظائف التخطيط و التصور و مرورا بوظائف التطبيق و الانتهاء بوظائف التنفيذ و كما هو معلوم فان تنظيم الإدارة المغربية ينبني على قاعدة هرمية تقضي بان السلطة الأدنى مطالبة بالطاعة للسلطة العليا و الفصل 17 من قانون الوظيفة العمومية ينص على أن كل موظف كيفما كانت وظيفته في السلم الإداري فهو مسؤول عن المهام الموكولة إليه كدالك يمكن استنباط فكرة واجب الطاعة من الفصول 66.13.19.3 .
كما يشترط في امتثال المرؤوس لأوامر رئيسه أن تكون هذه الأوامر جائزة من الوجهة القانونية وممكنة التنفيذ من الوجهة القانونية وممكنة التنفيذ من الوجهة العملية وداخلة في اختصاص كل من الرئيس والمرؤوس معا وإلا اتسمت بعدم المشروعية كما أن تهاون الموظف في تنفيذ التزاماته يعرضه للعقوبات التأديبية بالإضافة إلى العقوبات الجنائية إن اقتضى الأمر ذلك عملا بالفصل17 من الظهير الشريف رقم 008-58-1.
ثالثا:الامتناع عن ممارسة عمل آخر متعارض مع وظيفته .
لا يجوز بحال من الأحوال للموظف أن يجمع بين وظيفته وعمل آخر سواء أكان عمله هذا في القطاع العام أو في القطاع الخاص والغاية من ذلك هي أن الموظف ملزم بتكريس وقته لخدمة الجماعة ولأن نشاطه الأصلي قد يتضرر من مزاولة نشاط آخر مع العلم انه يخشى أن يفقد الموظف حريته.
وهذا ما أكد عليه الفصل 15 من قانون الوظيفة العمومية الجديد حيث منع الموظف من مزاولة أي نشاط مهني حر أو تابع للقطاع الخاص يدر عليه دخلا كيفما كانت طبيعته غير أنه أجاز بعض الاستثناءات.
وقد نص الفصل 15 من قانون الوظيفة العمومية الجديد على ما يلي:
<مع مراعاة الأحكام التشريعية المنافية الخاصة ببعض الهيئات يمنع على الموظف مزاولة أي نشاط مهني حر أو تابع للقطاع الخاص يدر عليه دخلا كيفما كانت طبيعته باستثناء:
- انجاز الأعمال العلمية و الأدبية والفنية شريطة ألا يطغى عليها الطابع التجاري و لا يجوز للموظف المعني أن يذكر صفته الإدارية بمناسبة نشر أو عرض هذه الأعمال إلا بموافقة رئيس الإدارة التابع لها>.
- إجراء الخبرات و الاستشارات أو القيام بدراسات أو بالتدريس شريطة أن تمارس هذه الأعمال بصفة عرضية ولمدة محددة وأن لا يطغى عليها الطابع التجاري ولا يجوز للموظف الاستفادة من هذين الاستثناءين إلا بعد تقديم تصريح بذلك لرئيس إدارته الذي يمكنه الاعتراض متى تبن له أن الأنشطة التي يزاولها الموظف تتم أثناء الفترة القانونية لعمله العمومي أو تخضعه إلى تبعية قانونية غير التبعية القانونية لوظيفة العمومي أو تجعله في وضعية متنافية مع هذا الوظيف.
يلزم الموظف الذي له زوج يزاول مهنة حرة أو نشاطا اعتياديا تابعا للقطاع الخاص يدر عليه دخلا أن يصرح بدلك لإدارته و يتعين على هده الأخيرة أن اقتضى الحال اتخاذ التدابير اللازمة للمحافظة على مصالح الإدارة و تحدد كيفيات تطبيق هدا الفصل بنص تنظيمي.
و هكذا يمكن أن نسجل بارتياح تفعيل النصوص المانعة للجمع بين الوظائف خصوصا و أن المغرب يسعى اليوم إلى مكافحة البطالة التي أصبحت تنخر حسد المجتمع.
رابعا:الالتزام بكتمان السر المهني.
إن الموظف العمومي و بحكم وظيفته يطلع على أسرار المهنة المناطة به و بدلك لا يجوز له إفشاء أسرار المهنة دونما ترخيص من الإدارة و هدا ما يمكن تسميته بكتمان السر المهني.
و السر المهني يراد به عدم إفشاء الأسرار التي يطلع عليها الموظف بحكم عمله إذا كانت سرية بطبيعتها كالأمور التي لها علاقة بحياة المدار أو بموجب تعليمات تقتضي دلك.
كما أن التزام الموظف بكتمان أسرار المهنة يظل ساري المفعول حتى ولو بعد ترك الموظف لوظيفته.
لدلك نجد أن الفصل 18 من قانون الوظيفة العمومية يؤكد على ضرورة كتمان السر المهني بنصه على « بقطع النظر عن القواعد المقررة في القانون الجنائي فيما يخص السر المهني فان الموظف يكون ملزما بكتم سر المهنة في كل ما يخص الأعمال و الأخبار التي يعلمها أثناء مهامه أو بمناسبة مزاولتها».
إن فلسفة هدا الالتزام تظهر في كون تسرب معلومات للغير يفقد الثقة ما بين الإداري والمدار إن لم نقل فقد السلطة والهيبة التي من الضروري أن يتميز بها كل موظف يوجد في خدمة الدولة غير أن هذه الفلسفة جعلت البعض ينظر إليها نظرة سلبية خاصة إذا ظل سر المهنة مطلق وهكذا وحسب المناهضين لفكرة السرية يرون بان الالتزام بكتمان سر المهنة قد يجعل من الإدارة عالما مغلقا ومبهما بالنسبة للمجتمع المدني وخاصة بالنسبة للباحثين في المجال الاقتصادي والاجتماعي و الإداري الذين غالبا ما يعانون من صعوبة الحصول على المعلومات التي تحتكرها الإدارة والتي يكونون في حاجة ماسة إليها من أجل إغناء أبحاثهم التي قد تستفيد منها الإدارة نفسها لهذا كله لابد من التعامل مع هذا الواجب بشيء من المرونة لتيسير البحث العلمي والمعرفة خاصة وأن الإدارة العمومية تعتبر إدارة المواطنين تماشيا مع مبدأ تقريب الإدارة من المواطنين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق