الاثنين، 23 مارس 2015

اليات التدبير الجيد للموارد البشرية بالإدارة الجماعية

آليات التدبير الجيد للموارد البشرية بالإدارة الجماعية

إن الانتقال الفعلي من تسيير شؤون الموظفين إلى تدبير الموارد البشرية بالإدارة الجماعية، لا يكتمل فقط بإعادة النظر في الإطار القانوني والتنظيمي للوظيفة الجماعية، بل الأمر أكبر من ذلك، أي ضرورة اعتماد وتوظيف العناصر الأخرى للتدبير توظيفا صحيحا حتى يمكننا أن نصل إلى تدبير للموارد البشرية بالإدارة الجماعية كنظيره المعمول به على صعيد المنظمات الخاصة.
وتتمثل العناصر الأساسية لتدبير الموارد البشرية في التخطيط والتنظيم والتوظيف وتقييم لأداء، ثم التحفيز، لهذا فلا يمكن أن ينفصل أي عنصر تدبيري عن باقي العناصر الأخرى، وبالتالي فذلك الترابط والانسجام بينهما هو الذي يؤدي إلى حسن استعمال واستغلال المنظمة لمواردها البشرية.
 ويعتبر التخطيط في هذا الإطار من أهم العناصر التدبيرية الأخرى، فعن طريقه يتم تقدير حاجات المنظمة من الموارد البشرية في المستقبل من حيث أعدادها ونوعياتها، ويجري ذلك على ضوء نتائج تصميم وتحليل العمل، أي العمل على تحديد واجبات ومسؤوليات وظائف المنظمة، والمواصفات والشروط الواجب توفرها في من سوف يشغلها أو يعين فيها.
لهذا فتخطيط الموارد البشرية يعتبر الجسر الذي يمكن من نجاح باقي العمليات والعناصر التدبيرية الأخرى للعنصر البشري من حيث تنميته وتأهيله عن طريق التكوين أو التحفيز من خلال مطابقة الدافع مع الحافز، أو العمل على تقييم أدائه عن طريق محاولة الوصول إلى كل المؤشرات والعناصر اللازمة والمساعدة على تقييم أداء العاملين.

: اعتماد نظام فعال لتخطيط وتكوين الموارد البشرية

يعد التخطيط من بين أهم العناصر المكونة لمنظومة الموارد البشرية، وذلك نظرا لوجوده ضمن قمة الهرم التدبيري، اعتبارا لذلك الارتباط الوثيق لباقي العناصر الأخرى مع وظيفة التخطيط، كالتكوين والتحفيز والتوظيف... لهذا يجب حث الجماعات وتوعيتها بأهمية التخطيط من أجل ضمان تطابق الأهداف مع حاجياتها النوعية والكمية من الموارد البشرية.
كما أن التكوين بدوره يعد عنصرا مهما ضمن عناصر التدبير، فعن طريقه يتم إعداد الأطر سواء منها الإدارية أو التقنية في انسجام تام مع خصوصيات واختصاصات الجماعات، لهذا فوظيفة التكوين ترتبط أشد الارتباط بباقي العناصر التدبيرية الأخرى، وذلك من خلال اعتماده على نتائج تحليل وتصميم العمل لمعرفة ما الذي سوف تتدرب عليه الموارد البشرية، لأن وظيفتا التصميم والتحليل توضحان مهام ومسؤوليات الوظائف وكذلك شاغليها، كما تعتمد على نتائج تقييم الأداء لمعرفة جوانب الضعف في أداء الموارد البشرية للعمل على تلافيها من خلال التدريب، وأخيرا تعتمد أيضا على نتائج وظيفة الاختيار لتعد برامج تأهيل الموارد البشرية التي جرى تعيينها حديثا.
لهذا فالجماعات أصبحت مطالبة بتخطيط مواردها البشرية (الفقرة الأولى) وكذا العمل على ضمان تكوين فعال لها ينسجم مع متطلبات وخصوصيات الجماعات (الفقرة الثانية).

: ضرورة تخطيط الموارد البشرية بالإدارة الجماعية

يعد تخطيط الموارد البشرية أهم مدخل لإصلاح وتحديث الإدارة الجماعية، فهو ضمانة أساسية للحصول على الموظفين في الوقت المناسب وبالشكل المناسب، وذلك باعتماد أسلوب حديث، وكذا آليات جديدة.
ولا يمكن لنشاط أو عمل أن يتم بنجاح إلا إذا تم التخطيط له على أساس علمي سليم. إذن أصبح تخطيط الموارد البشرية بالإدارة الجماعية مطلبا رئيسيا لتحقيق أهدافها، على اعتبار أنه يضمن توقع نوع محدد وكم مضبوط من الموارد البشرية، تنسجم تخصصاتها وكفاءاتها مع متطلبات الجماعات، وهذا يتطلب تعاونا ما بين الإداري والسياسي، أي ما بين رؤساء الأقسام والمصالح ورئيس المجلس واللجان، بالإضافة إلى ضرورة الوعي بأهمية التخطيط كإجراء أولي لنجاح أي مشروع كيفما كان نوعه.
لقد أصبحت الجماعات مطالبة في ظل هذه الوضعية، بتخطيط مواردها البشرية وذلك من خلال إنشاء مصلحة أو قسم يطلق عليه "قسم تدبير الموارد البشرية" يهتم بتدبير الشؤون اليومية والمستقبلية للموظفين، وذلك في انسجام تام مع أهداف الجماعة، أي أن تقوم هذه المصلحة بإعداد مخطط شامل للموارد البشرية بالإدارة الجماعية في كل المجالات المرتبطة بها، كالتوظيف والتكوين والتحفيز وتقييم الأداء والتنظيم...
وبذلك سوف تصبح الجماعة تتوفر على إحصائيات ومعطيات علمية دقيقة عن مواردها البشرية ومدى تطابقها مع أهدافها، وبهذا ستنتقل الجماعة من المفهوم الضيق لتدبير الموارد البشرية إلى مفهومه الواسع، أي الاعتماد على مخططات كأداة أساسية لإصلاح وتحديث العنصر البشري.
ولكن، أحيانا يمكن أن تصطدم الجماعة بضعف القدرة المادية والإمكانيات البشرية، لإعداد خطة لمواردها البشرية، لهذا يمكن للجماعات عقد شراكات مع مكاتب للدراسات أو مع بعض الجمعيات أو المنظمات، أو مع فعاليات المجتمع المدني على المستوى المحلي أو الوطني، وكذلك مع المصالح اللاممركزة... حتى تتمكن من تخطيط مواردها البشرية.
إذن فتخطيط هذه الأخيرة لا يمثل تلك العملية البسيطة بل يظل إطارا يتطلب معلومات وحسابات دقيقة، وأي خطأ على هذا المستوى يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة، لهذا يجب على الجماعات أن تنهج نظاما دقيقا لضبط وجمع المعلومات بطريقة علمية حتى يسهل إعداد أي مخطط في هذا المجال.
إن تخطيط الموارد البشرية بالإدارة الجماعية سيمكن هذه الأخيرة من تجاوز كل المشاكل التي تعترضها، خاصة الفائض الكمي والنوعي في عدد الموظفين، بالإضافة إلى ضمان توزيع عادل ومناسب بالنسبة للموظفين على مستوى المصالح الجماعية.
لهذا فنجاح عملية التخطيط لن يتأت إلا بتوعية المنتخب الجماعي وخاصة رؤساء المجالس بأهمية التخطيط بصفة عامة وتخطيط الموارد البشرية بصفة خاصة.
وتعتبر في هذا الإطار عناصر تخطيط الموارد البشرية، الأداة التي ستمكن من تجاوز المشاكل التي تعرفها الإدارة الجماعية، وتتمثل لنا هذه العناصر في، توصيف الوظائف وتحليلها، ثم تحديد الموارد البشرية اللازمة والمناسبة لشغلها في إطار معقلن يراعي الأهداف الإستراتيجية للإدارة الجماعية.
وسوف نعالج عناصر تخطيط الموارد البشرية على الشكل التالي:

أولا: تحليل العمل

يقصد بتحليل العمل تحديد معالم كل وظيفة في المنشأة عن طريق الملاحظة والدراسة، أي توضيح ماهية الواجبات والمسؤوليات الخاصة بالوظيفة وتقدير درجة المهام ومقدار المعلومات ونوع المقدرة المطلوبة في من سيشغلها، وتحليل طبيعتها وظروف العمل الخاصة بها بهدف التوصل إلى توصيف كامل لها. والواقع أن نجاح برنامج تقييم الوظائف يتوقف إلى حد كبير على درجة التوصيف المستخدم، وتعتبر عملية التحليل بمثابة الوسيلة أو الطريقة الفنية للتوصل إلى هذا التوصيف .
إن التحليل يهدف إلى إعطاء معنى شامل ودقيق للوظيفة بحيث تعرف مختلف الخبرات والمؤهلات الفنية والمعرفية المطلوبة ومختلف الشروط العامة والخاصة المرتبطة بهذا العمل .
إن كل وظائف الموارد البشرية تعتمد إلى حد كبير على نجاعة وفعالية وكفاءة برنامج التحليل، لهذا فإن عملية التحليل هذه، تتطلب العمل على الحصول على المعلومات الكافية عن الوظيفة من حيث تحديد الواجبات المفروضة في إطارها وما يترتب عنها من مسؤوليات ومهام يراد إنجازها والشروط المصاحبة لذلك .

ثانيا: توصيف العمل

يعد توصيف العمل الخطوة أو الركن الثاني لعملية التخطيط ويقصد به إعداد وصف تحليلي لكل ما تتضمنه الوظيفة   وتحديد مواصفات شاغليها، ويتضمن التوصيف مجموعة من البيانات تمكن من وصف كامل للعمليات والمسؤوليات والواجبات الخاصة بها، وعموما فإن التوصيف يتضمن البيانات التالية:
- التعريف بالوظيفة ومستواها التنظيمي.
- وصف للواجبات الأساسية والمسؤوليات المختلفة.
- الصلاحيات التي يتمتع بها شاغل الوظيفة.
- بيئة ومحيط الوظيفة.
- خطوات ومعدلات الأداء عند الاقتضاء.
- العلاقات الوظيفية.
- مواصفات شاغل الوظيفة: ويقصد بها تحديد الشروط والمؤهلات والمعارف والقدرات والمهارات الواجب توفرها في شاغل الوظيفة، كما يتضمن أيضا تحديد بعض السمات والصفات الشخصية والإنسانية والقدرات الاجتماعية.
  وتقوم عملية توصيف الوظائف على أساس وضع بطاقات الوصف الخاصة بكل وظيفة وذلك بعد جمع المعلومات والبيانات الخاصة بها وتحليلها ودراستها، وتحمل هذه البطاقات اسم الوظيفة ووصفا دقيقا وشاملا لها وذلك بشكل جد مختصر، والبطاقات الوظيفية هذه تنقسم إلى جزأين:
- جزء خاص بوصف الوظيفة من حيث متطلباتها.
- وجزء خاص بالمهارات والمعارف والخبرات التي يجب أن تتوفر في من سيشغلها، فعملية التوصيف الوظيفي يجب أن تشتمل على اسم الوظيفة بدقة كاملة وبشكل يوضح غايتها والأعباء الرئيسية التي تفرض على شاغلها، أي أن هناك قسمان:
* قسم خاص بطبيعة العمل نفسه.
* وقسم خاص بمواصفات الفرد الذي يصلح لشغلها.
وتمر عملية توصيف الوظائف بالخطوات التالية:
- حصر الوظائف بإعداد قائمة توضح أنواع الأعمال المطلوبة والوظائف اللازمة لتأديتها، ويعتمد في ذلك على تحليل الأنشطة الإدارية ودراسة الهيكل التنظيمي للمؤسسة.
- جمع الحقائق والبيانات عن مكونات الوظائف للوقوف على الخصائص المميزة لكل وظيفة.
- تحديد المواصفات المطلوبة لشغل الوظيفة، من حيث التعليم والمعرفة والقدرات والخبرات والمهارات والسمات والصفات إلى غير ذلك من المؤهلات اللازمة لشغل الوظيفة.
- ويتولى القيام بهذا التوصيف خبير أو مدير الموارد البشرية ويكتبه محلل الوظائف على أساس أنه أدرى بهذه المهمة، بحكم احتكاكه المباشر بالموظفين والمشرفين ومعرفة كل وظيفة.
وهناك أساليب كثيرة لوصف الوظائف، إلا أن أكثر هذه الأساليب موضوعية تلك التي تتم بواسطة خبرات التوصيف، وذلك بالرجوع إلى جمع بيانات الوصف المعدة ميدانيا من طرف شاغلي الوظائف ومن رؤسائهم وذلك تحت إشراف إدارة الأفراد وبالتعاون الكامل مع الرؤساء على كافة المستويات ، كما أن طرق جمع بيانات توصيف الوظائف تتميز بالتعدد حيث يمكن تحديد أربع طرق وهي: الملاحظة وطريقة المقابلة وطريقة الاستبيان أو الاستمارة وطريقة الجمع بين المقابلة والاستبيان.
إن عملية توصيف العمل تسهم بشكل كبير في تحقيق مجموعة من الأهداف فهو يعد خطوة هامة لوضع البرامج التدريبية، من أجل الحصول على أفراد يتمتعون  بخبرات وقدرات تمكن من رفع مستوى الأداء وتمكن من بناء البرامج التدريبية بناء على الاحتياج الفعلي للمنظمة، ويمكن التوصيف من تقييم أداء المستخدمين كما يمكن كذلك من الوقوف على الخصائص الوظيفية التي يتم الاعتماد عليها في النقل أو الترقية، بحيث يمكن من تحقيق الأهداف المرجوة من الترقية، ويمكن الإدارة كذلك من فرض رغباتها بشكل فاعل، كما يمكن من تحديد المتطلبات الضرورية لشغل الوظائف واختيار الشخص المناسب للعمل المناسب، وكشف ظروف العمل غير الملائمة والعمل على تحسينها كنتيجة لتوصيف الوظائف.

ثالثا: تقدير الاحتياجات المستقبلية من الموارد البشرية

تعد عملية تقدير الاحتياجات المستقبلية من الموارد البشرية مرحلة أساسية وهامة ضمن أركان التخطيط، حيث أن حسن التخطيط للاحتياجات المستقبلية يؤثر على مدى نضج سياسة التخطيط ومرونتها وقابليتها للتكيف من خلال تحديد الأعداد من الموارد البشرية للفترة الحالية والمستقبلية، وتعتبر هذه الخطوة بالغة الأهمية بالنظر إلى المضاعفات التي يمكن أن تنجم عنها ولاسيما في الدول النامية، كما أن مختلف الأساليب التي تستخدم في ضوء المعطيات الحالية تتم بناء على أهداف مستقبلية من أجل إحداث التوازن بين المتطلبات والإمكانيات، وفي هذا الإطار يتم التعرف على حجم وعدد هذه الاحتياجات ثم تجزأ هذه التقديرات الإجمالية إلى تقديرات مهنية حسب متطلبات كل تخصص وما يفرضه من مهارات وخبرات ومعارف، فعملية التقدير هذه تعتمد أساسا على حجم العمل الحالي والتغيرات المتوقع حدوثها في هذا الحجم في المستقبل إما زيادة وإما نقصانا في ضوء الأهداف العامة للإدارة.
إن عملية تخطيط الاحتياجات المستقبلية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار مجموعة من العوامل عند محاولة التقدير، ولعل أبرزها التغيرات والتحولات المجتمعية المستقبلية، بالإضافة إلى ضرورة الوقوف على صحة المعطيات والعناصر المعتمد عليها في عملية بناء التخطيط، بغية الحيلولة والابتعاد عن العشوائية والارتباك والأحكام الجاهزة المجردة من الحقائق من أجل الحصول على توقعات وتقديرات حقيقية خالية من الأخطاء، وذلك بالحرص على الطابع العلمي في عملية التقدير والتفكير في حجم العمل.    
إن تخطيط وتقدير الاحتياجات المستقبلية من الموارد البشرية يلعب أدوارا مهمة ومختلفة، ويعتبر مدخلا أساسيا لبداية كل خطة، خاصة في مجال سياسات الموارد البشرية، فهو يشكل مناسبة لمعالجة مشاكل وظيفية وبشرية قائمة أصلا وتبني فلسفة توقعية لمواجهة التغيرات والحاجيات من القوى العاملة، كما أن عملية التقدير للحاجيات المستقبلية يجب أن تتم في سياق التنمية البشرية ودراسة عبء أو حجم العمل المستقبلي في كل إدارة وقسم داخل المنظمة لتقدير حاجاتها من الموارد البشرية، ولتغطية هذا الحجم كذلك يستدعي الأمر دراسة قوة العمل المتاحة في كل منها لمعرفة كمية العمل التي بإمكانها تغطيته من عبء، وعملها الكلي بعد المقارنة بين الحاجة من الموارد البشرية لإنجاز العمل المطلوب مع ما هو متاح منها (قوة العمل).  
وخلاصة القول، أن تخطيط القوى العاملة جزء أساسي من نظام تنمية الموارد البشرية على مستوى الأجهزة الإدارية، وهو ما يمثل العملية الأولى في هذا النظام. وغالبا ما تتوقف عليه بقية العمليات الأخرى: كالاختيار والتدريب وصيانة الموارد البشرية. كما أنه يدخل في علاقات تبادلية بين النشاط الخاص بإدارة معلومات الأفراد، والمتمثل في سجلاتهم ونشاط معلومات الوظائف وعملية التوصيف والتقييم والتحليل.
فباعتماد الإدارة على التخطيط المناسب ستحقق تطورا وإصلاحا كبيرا سواء على مستوى الأجهزة الإدارية والفئات العاملة بها، بحكم أن الإدارة سوف لن تسير في مسارات عشوائية، وإنما في خطة ممنهجة تستهدف تحقيق أهداف محددة سواء حاليا أو مستقبليا.
: تفعيل سياسة جيدة للتكوين
يعد التكوين الإداري من ضمن العناصر الأساسية لتدبير الموارد البشرية، وحلقة رئيسية لتحقيق إستراتيجية التنمية الإدارية والنهوض بالعنصر البشري على مستوى الإدارة الجماعية، وجعله يستجيب لكل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها المحيط المحلي. ومن المؤكد أن العنصر البشري هو المحرك الأساسي لكل تغيير، لهذا فإن أي عملية للإصلاح الإداري ترتبط وترتكز على تأهيل الفرد والرفع من كفاءته المهنية، وتكوينه على التقنيات الحديثة بالشكل الذي يخوله أن يقوم بمهامه على أحسن وجه في فترة زمنية قياسية.
ومن هذا المنطلق أصبحت أهمية التكوين الإداري ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى، لأنها مسألة مرتبطة حاليا بالقدرة على الوجود والاستمرار في سوق المنافسة مع الانفتاح الذي تعرفه كل الدول في إطار العولمة، فالجودة وحسن تدبير الوقت أصبحا من الضروريات في القطاعين العام والخاص.
إن عملية تطوير الإدارة الجماعية وتنمية قدرات العاملين بها هو أمر تقتضيه ظروف التنمية الشاملة للجماعات، عن طريق نهج سياسة تتسم بالإستراتيجية في التكوين وذلك بتحويل هذا الأخير من تكوين من أجل الاستهلاك إلى تكوين من أجل الاستثمار، أي جعل التكوين ينسجم مع المعطيات الحالية والمستقبلية للجماعات وذلك من خلال الاهتمام بالموظف الجماعي، أي إعادة تكوينه وصقل مواهبه وقدراته ومطابقتها مع مجال عمله وتخصصه، وجعل كل من سيلج الوظيفة الجماعية يمر عبر مركز للتكوين الإداري أو التقني، وبالتالي التخلي عن التوظيف بدون اجتياز مرحلة تكوينية بالمراكز المخصصة لذلك، فأغلبية الجماعات حاليا وخاصة الجماعات القروية لا يخضع أغلبية موظفيها لعملية التكوين، بالإضافة إلى ذلك لابد من تجاوز إشكالية قلة مراكز تكوين الموظفين الجماعيين وذلك بجعلها تساير التطور العددي لكل الموارد البشرية الجماعية، لهذا فقلة المراكز جعلها لا تستجيب لحاجيات الجماعات من التكوين، مما يتوجب على الوزارة الوصية تغطية هذا النقص بإحداث مركزين للتكوين، أحدهما يخصص للتكوين الإداري والثاني للتكوين التقني، على صعيد كل جهة من الجهات 16 بالمملكة، الأمر الذي سيمكن شيئا ما من تجاوز مركزية التكوين، فحاليا تظل وزارة الداخلية هي المسؤول الوحيد عن تلك المراكز على صعيد كل المجالات كتحديد البرامج التدريبية وإعداد المراكز وتجهيزها وأداء مستحقات المكونين، في حين تظل الجماعات وهي المعني الأول غائبة عن المشاركة في عملية التكوين.
هذا وبعد  مرور حوالي 32 سنة على تجربة اللامركزية الإدارية ببلادنا حان الوقت لكي تنتفض الجماعات وتعمل وبشكل جدي إلى جانب باقي الفعاليات الأخرى في المساهمة في بلورة خطة إستراتيجية لتكوين مواردها البشرية، أي أن تعمل على تحديد احتياجاتها التدريبية، وتحديد البرامج الملائمة للتكوين، ومدة التكوين ومكان تنفيذ هذه البرامج إلى غير ذلك من الإجراءات، لأن الجماعات هي أدرى بالإكراهات التي تواجهها نظرا لخصوصية كل جماعة على حدة، فمثلا الاحتياجات التدريبية لبلدية خريبكة ليست هي الاحتياجات التدريبية لبلدية تادلة أو لجماعة الكناديز أو الكفاف، وبالتالي فالجماعة تبقى الكيان الوحيد القادر على تشخيص احتياجاته من البرامج التكوينية.
إن هذه المقترحات لا يمكن أن تجد طريقها إلى التحقيق بدون تخصيص موارد مالية للتكوين الإداري، فالمتفحص لميزانيات أغلبية الجماعات لا يجدها تخصص موارد مالية للتكوين، وبالتالي يرجع مصدر التمويل الفعلي لسياسة التكوين الحالية إلى ميزانية الوزارة الوصية، ومن هنا تبرز أهمية إشراك كل الأطراف المعنيين في هذا المجال وخاصة الجماعات للتخفيف من استحواذ هذا الممول الوحيد فيما يخص كل هذه السياسة. لهذا فعلى الجماعات، حتى يتناسب تكوين موظفيها مع واقع اللامركزية الإدارية أن تخلق شراكة فيما بينها وتؤسس مراكز لتكوين موظفيها يتم تمويلها من خلال ميزانيات هذه الجماعات المكونة للشراكة ، كما أنه يجب توظيف الجانب التطبيقي أكثر من الجانب النظري بالنسبة للتكوين ، لأن مجال العمل يرتبط بما هو واقعي، لهذا يمثل التكوين التطبيقي النموذج الأكثر إفادة ونفعا بالنسبة للموظف الجماعي وهذا يرتبط بضرورة تجهيز المراكز التكوينية بكل التجهيزات الضرورية التي تسهل عملية التواصل ما بين المكون والمكون وبالتالي يتم التمرن على ما هو واقعي عوض الغوص في دروس نظرية لا تتطابق مع واقع وإكراهات العمل، وعلاوة على ذلك يجب إعطاء أهمية للتكوين التقني، خاصة وأن الأعمال التقنية تكتسي أهمية قصوى في الإدارة الجماعية، حيث تشمل مجالات حساسة كالتعمير والكهرباء والنقل، والتجهيز... ولكن الواقع الحالي أثبت أن عدد الأطر الإدارية التي خضعت للتكوين الإداري تفوق بكثير الأطر التقنية، لهذا يجب على الأقل خلق توازن في مجال التكوين الإداري بين الفئات الإدارية والفئات التقنية.
إن التكوين بنوعيه الإداري والتقني يستدعي أطر قادرة على بلورة قيمة مضافة للمتلقين، أي أن يكون المدرب متمكن من التخصص المعني به، أي قادر على خلق تواصل جيد بين المتلقين للتكوين، لهذا أصبحت تطرح ضرورة إجراء دورات تدريبية للمكونين أنفسهم حتى يسايروا الطرق والوسائل الجديدة في هذا المجال، كما يجب تحفيز الأساتذة المدربين من خلال تخصيص تعويضات مهمة تتناسب مع المجهودات التي يبدلونها.
وإضافة إلى ما سبق يجب ربط التكوين بالتحفيز، خاصة على مستوى التكوين المستمر، فما يلاحظ هو غياب الاهتمام والرغبة في إجراء التكوين، لأنه لا يرتبط بأي حافز مادي، لهذا يجب أن يقترن التكوين بالترقية، حتى يتم تشجيع الموظفين للإقبال عليه، وتوليد الرغبة لديهم في التحصيل، كما أنه يجب الاهتمام بالمدة المخصصة للتكوين، أي جعلها كافية لإكمال كل البرامج التدريبية.
لقد أصبح الاهتمام حاليا بمجال المعلوميات من قبل الجماعات، مما أدى إلى ظهور هذا التخصص بمراكز التكوين التقني، وغالبا ما يتم الاقتصار على التدريب في هذا المجال على مسائل عادية لا تستدعي جهدا كبيرا، كدراسة كيفية الكتابة على الحاسوب أو تعلم كيفية إجراء بعض العمليات الحسابية ، لهذا لابد أن يتطور الأمر إلى تكوين الموظفين الجماعيين في مجالات معلوماتية أكثر تطورا، أي التدرب على برانم تساعد على اتخاذ القرارات في مجال التكوين والتخطيط والتعمير والبيئة... فبالرغم من تمكن الجماعات مؤخرا من اقتناء حواسيب لغرض الانخراط في مجال الإدارة الالكترونية، فإنها لم تستغل بالشكل الصحيح، أي تم استعمالها فقط في مسائل روتينية.
إن التكوين لا يكتمل بتوظيف وتشغيل الأطر المكونة بأسلاك أحد مراكز التكوين، بل يمتد الأمر إلى ما بعد التوظيف، لهذا فأمام التطور الذي يعرفه دور الجماعات المحلية في ميادين مختلفة تكون هذه الأخيرة بحاجة مستمرة لتجديد المعلومات المهنية لموظفيها وتطوير مؤهلاتهم وهذا لا يتم إلا باستكمال تكوينهم، وفي الوقت الراهن تضطلع مديرية تكوين الأطر بممارسة تنظيم وتمويل بعض الندوات والدورات التكوينية في إطار ما يسمى باستكمال تكوين موظفي الجماعات،   وبالتالي فنجاح هذه الدورات التكوينية يبقى رهين بمدى النجاح في تحديد ومعرف الاحتياجات التكوينية، ويتوقف ذلك بشكل أساسي  على مدى فعالية وموضوعية تقييم أداء موظفيها، وبعد أن تتعرف الجماعات على عدد ونوعية الموظفين الذين في حاجة إلى استكمال تكوينهم يجب على الجماعات المعنية إبرام علاقات تعاقد بينها وبين بعض المؤسسات سواء التعليمية أو المهنية لإمدادها بالمكونين اللازمين والمؤهلين للقيام بتكوين هؤلاء الموظفين، فكثيرة هي الجماعات التي تختفي وراء مشكل محدودية تمويلها الذاتي، في حين أن مشكلتها الحقيقية تكمن في كيفية الاستفادة من مواردها البشرية، وفي هذا السياق نقترح أن تتكفل الجماعات المحلية نفسها بهذا النوع من التكوين بإشراك الأطراف التي يمكنها أن تدعم وتساهم في تمويل بعض البرامج التكوينية.
وبالتالي فبإشراك هذه الأطراف (الجماعات والمعاهد والمدارس العليا والمقاولات، مديريات بعض الوزارات، الجهات...) تصبح مديرية تكوين الأطر التابعة لوزارة الداخلية طرف من هذه الأطراف وليست الفاعل الوحيد في هذه السياسة.  
وأخيرا لابد من اعتماد تقييم حصيلة التكوين، وهو ما يغيب لدى الجماعات، بل يظل لديها فقط التكوين الاستهلاكي، خاصة وأنها لا تتحكم ولا تشارك في بناء وبلورة سياسة التكوين فيما يخص البرامج والأهداف، لهذا فهي تقبل بما تقترحه الوزارة الوصية، بالنسبة للموظفين الذين سيستفيدون من التكوين، وهذا ما يؤدي فعلا إلى تغييب أي تقييم فعلي لهذه السياسة.
أما فيما يخص المناظرات الوطنية للجماعات المحلية، فقد أكدت كلها على أهمية تكوين الموظف الجماعي على اعتبار أنه الأداة التي تمكن من ترجمته اختيارات وقرارات المجلس الجماعي، هكذا أوصت لجنة الموارد البشرية بمناسبة انعقاد المناظرة الوطنية الخامسة للجماعات المحلية بضرورة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتدعيم تكوين الموظفين الجماعيين من خلال ما يلي:
- مراعاة المعطيات الجهوية بمختلف مكوناتها في جميع برامج تكوين الموظفين الجماعيين.
- تقرير التكوين العام بتكوين ميداني داخل مرافق الجماعات المحلية.
- إشراك الأطر المتخصصة والكفأة التي تتوفر عليها الجماعات في تأطير مدارس التكوين وذلك من أجل ضمان تكوين عملي يستوحي مواده ومنهجيته من التجارب المعاشة في الجماعات.
- إحداث تخصصات في ميدان تسيير وتدبير الجماعات المحلية في الجامعات والمدرسة الوطنية للإدارة العمومية والمعاهد العليا.
كما أن المناظرة الوطنية السادسة للجماعات المحلية، والتي انعقدت بتطوان تم تخصيصها لموضوع التكوين ، حيث تم اقتراح خلق مصلحة لتكوين الموظفين الجماعيين على مستوى الجماعات، الشيء الذي سيسمح لهذه الأخيرة من لعب دورها في وضع سياسة تكوينية تتلاءم مع خصوصياتها، كما دعت كذلك إلى إحداث المعهد العالي للجماعات المحلية، لتكوين الأطر العليا في مجال التسيير الجماعي. بالإضافة إلى ذلك دعت المناظرة الوطنية السابعة للجماعات المحلية إلى فتح مجال التكوين المستمر للأطر الجماعية والمنتخبين ليشمل تخصصات جديدة لمسايرة التطور العملي والحاجيات الحقيقية للإدارة الجماعية خاصة في ميدان المعلوميات، التسيير المحاسبي، التخطيط، المجال البيئي والمحافظة على الصحة...
إذن فتحقيق التكامل بين الاختصاصات وتعزيز وتطوير الوسائل والطاقات لمن شأنه أن يجعل من الجماعات أداة فعالة قادرة على الرفع من مستوى مردوديتها وتأثيرها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والمساهمة بالتالي في إغناء الديمقراطية المحلية والدفع بها نحو آفاق أرحب وأوسع.

: إصلاح منظومة التقييم والتحفيز

تعد وظيفتي التحفيز وتقييم الأداء من بين العناصر الأساسية والمهمة لتدبير الموارد البشرية، وإذا كان التحفيز   الإداري يهدف إلى خلق الدافع لدى الموظفين والعاملين مع مقابلتها بالحوافز، فإن نظام تقييم الأداء يعمل على تقييم وقياس المردودية والأداء الإداري.
لذا فإن نظام التقييم لا يقتصر فقط على قياس الأداء الإداري، بل تمتد وظيفته إلى قياس مدى نجاح باقي عناصر تدبير الموارد البشرية في أداء أدوارها وتحقيق غايتها، كتقييم عملية التخطيط والتوظيف والتكوين والتحفيز والتنظيم...
لهذا لابد من إعادة النظر في وظيفة تقييم الأداء، بجعلها تتجاوز ذلك المفهوم الضيق للتقييم (الفقرة الأولى) بالإضافة إلى ذلك يجب اعتماد نظام فعال لتحديث منظومة التحفيز بالنسبة للعاملين بالجماعات من خلال مقابلة الدوافع بالحوافز (الفقرة الثانية).

: إحداث نظام فعال لتقييم الأداء

تعد عملية قياس وتقويم الأداء من العمليات المهمة التي تمارسها إدارة الموارد البشرية، فعن طريق القياس والتقويم تتمكن المنظمة من الحكم على دقة السياسات والبرامج التي تعتمدها سواء كانت سياسات استقطاب واختيار وتعيين أو سياسات تدريب وتطوير ومتابعة لمواردها البشرية. كما يمكن أن تستخدم العملية إذا ما أجادت الإدارة في إنجازها، كوسيلة لجذب الموظفين الجدد. وقد تعكس عملية التقويم الصورة القانونية والاجتماعية والأخلاقية للجهاز الإداري ومستوى العاملين أنفسهم. وتعتبر عملية القياس والتقويم وسيلة يتعرف من خلالها الفرد العامل على نقاط القوة والضعف في أدائه وخاصة عند الإعلان عن نتائج تقويم الأداء من قبل الإدارة، وعن طريقها يتمكن الفرد من تطوير نقاط القوة ومعالجة نقاط الضعف.
من هنا تظهر الأهمية الإستراتيجية لتقويم الأداء كوسيلة لرفع المردودية وإصلاح الجهاز الإداري، وإذا كان المرسوم الجديد المتعلق بتنقيط وتقويم أداء الموظفين قد حاول تجاوز اختلالات النظام القديم، فإنه على العكس من ذلك زاد من تفاقم الاختلالات والمشاكل مما أدى إلى حدوث شرخ كبير على مستوى الإدارة الجماعية، الأمر الذي أدى إلى دعوة كل النقابات إلى عدم تطبيق هذا النظام ومحاولة إيجاد نظام بديل أكثر عدالة وأكثر فعالية، من هنا   جاء اهتمامنا لاقتراح بعض البدائل كمحاولة لتجاوز اختلالات ومشاكل تقويم الأداء الإداري بالإدارة الجماعية وتتمثل كالآتي:
- بالنسبة لمؤثرات قياس الأداء الإداري: فقد حددها المشرع في خمس معايير وذلك للإحاطة بكل ما يتعلق بالتقييم، لهذا فعلى المشرع أن يتبنى إطارا توضيحيا وتفصيليا لكل المعايير والمؤشرات أي أن يحدد الحدود والفروق بين المؤشرات، حتى يتم ضمان قياس عادل بين كل الموظفين.
كما يلاحظ أن خمس معايير تظل غير كافية لقياس الأداء الإداري، لذا لابد من إضافة معايير أخرى، كعلاقات الموظف أو العون، وتعاونه مع الرؤساء والمرؤوسين، وتقبله للمهام الصعبة... وإذا كانت عملية تحديد جميع العناصر ذات التأثير في أداء الموظف تكتسي صعوبة كبيرة، وخاصة في حالة استخدام نموذج موحد لعدد كبير من الوظائف، فإن الدكتور نادر أحمد أبوشيخة قد اقترح لتجاوز هذه الإشكالية، العمل على :
- تحديد عناصر كل وظيفة أو مجموعة وظائف.
- ترتيب هذه العناصر على حسب أهميتها.
- عرض هذه العناصر على الخبراء وعلى الموظفين الذين سيقوم أداؤهم لبيان وجهة نظرتهم في أهمية هذه العناصر لتقييم الأداء.
- اختيار عدد يتراوح بين عشرة عناصر وعشرين عنصرا لكل وظيفة أو مجموعة وظائف.
كما أن تحديد المشرع لنظام موحد لتنقيط وتقييم الأداء سوف يثير مشاكل كبيرة، نظرا للاختلافات على صعيد المستويات الإدارية والمهام، لهذا لابد من العمل على تنويع المؤشرات وفقا لمستويات العاملين، وبالتالي فتوزيع المؤشرات والأوزان أو الدرجات المعتمدة لتقويم رؤساء المصالح أو الأطر العليا، يختلف عن المؤشرات المعتمدة لتقييم أداء الموظفين العاملين في المستويات الوسطى والدنيا. والنموذج أدناه يوضح كيفية توزيع المؤشرات والدرجات في تقارير الأداء لأربع مستويات وظيفية:

تقييم الأداء حسب الحلقات

عناصر التقويم
موظفو الحلقة الأولى
عناصر التقويم
الحلقة الثانية
الحلقة الثالثة
الحلقة الرابعة
كمية العمل
15
كمية العمل
20
15
25
مستوى الجودة والإتقان
15
الجودة والإتقان
25
25
20
توقيتات العمل
10
القدرة على البحث والتحليل
10
-
-
القدرة على التخطيط والتنظيم
10
القدرة على تغذية المعلومات
10
-
-
القدرة على التوجيه والمتابعة
10
القدرة على حسن التصرف
10
15
-
القدرة على تحمل المسؤولية
10
علاقات العمل
10
15
15
القدرة على المبادرة
10
الانضباط واستخدام الوقت
15
15
25
علاقات العمل
10
الحفاظ على معدات العمل
15
15
الانضباط
10
المجموع
100 %
100 %
100 %
%100
هكذا يتضح من خلال هذا النموذج أعلاه أن مؤشرات التقييم قد تباينت، بل حتى الدرجات المعطاة لكل مؤشر قد اختلفت، لأن موظفي الحلقة الأولى يشغلون وظائف قيادية وموظفو الحلقة الثانية يشغلون وظائف تنفيذية وموظفو الحلقة الرابعة يشغلون وظائف حرفية ومتطلبات كل وظيفة من المهارات أو المعلومات أو المؤهلات يختلف من وظيفة إلى أخرى.
أما بالنسبة للتقييم الكمي، أي تلك الأوزان الموزعة على مستوى كل مؤشر من المؤشرات، وهي أكثر دقة وإن كانت أصعب تطبيقا ودقتها تعتمد على درجة الموضوعية التي يتمتع بها المشرفون والرؤساء الذين يضعون الدرجات أمام هذه المؤشرات. وقد تبنى المشرع نظام النقطة العددية عوض الدرجات وحصرها ما بين 0 و20 وتم توزيعها على المؤشرات الخمس حسب تسلسلها، لهذا فلابد من تبني معايير واضحة لتوزيع الأوزان بين المؤشرات حسب أهميتها وهو ما لم يتم اعتماده على مستوى المرسوم المتعلق بتقييم وتنقيط الموظفين، وحتى أن النقطة المحصورة بين 0 و20 أثبتت عدم نجاعتها، حيث تميزت "بالانحصار" و"الضيق"، كما لو كنا مازلنا في النظام القديم ، بل والأكثر من ذلك يلاحظ أنه باعتماد نظام الدرجات بدل النقطة العددية يتيح شيئا ما للرئيس إمكانية التقسيم بطريقة ناجحة نظرا لتوسيع الدرجات والمحددة في 100 % ، والنموذج التالي يوضح تقريرا يعتمد الكمية أي التقدير من خلال الدرجات ، كما أنه يفصل بعض المؤشرات ويفرعها للمزيد من الدقة .

تقرير كمي لتقييم الأداء

اسم الموظف:..................................................
عنوانه ووظيفته:...............................................
راتبه الحالي:....................................................
الجهة التي يعمل فيها:...................................................
الإدارة التي يتبعها:.......................................................
تاريخ الحصول على هذا الراتب:......................................
مؤشرات التقويم
التقديرات
الدرجة المقررة
الدرجة المخصصة
ملاحظات
- المؤهلات الشخصية والعلمية والمهنية
30 %
 
 
- الشهادات
- الدورات التدريبية
- الصفات الشخصية
 
 
 
- كفاءة العمل وحسن الأداء
30 %
 
 
- السرعة في الإنجاز
- الإتقان والجودة
 
 
 
- العلاقة والتعاون:
20 %
 
 
- مع الرؤساء.
- مع المرؤوسين
 
 
 
لمواظبة على الدوام.
10 %
 
 
المظهر واللياقة
10 %
 
 
مجموع الدرجات
100 %
 
 
ملاحظات الرئيس المباشر
ملاحظات الموظف
ملاحظات الرئيس الأعلى
 
 
 
 فما يلاحظ من خلال هذه الوثيقة أن الأوزان أي الدرجات هي موزعة على المؤشرات حسب تسلسلها وأهميتها، لهذا فهي تتميز بتوسعها وعدم ضيقها مما يتيح إمكانية تجنب الخطأ في أغلب الأحيان، والأكثر من ذلك فهذه الدرجات يمكن توزيعها حسب مستويات الوظائف، أي وظائف عليا ومتوسطة ودنيا.
إن توزيع الأوزان على المؤشرات والمعايير يظل أمرا يتسم بالحيرة والصعوبة لهذا نجد الدكتور نادر أبو شيخة يقترح أيضا لتجاوز اختلالات الأوزان وصعوبات توزيعها ما يلي:
- تجميع الوظائف المختلفة في مجاميع تضم كل منها وظائف متقاربة في واجباتها ومسؤولياتها.
- إجراء تقويم لأهمية كل عنصر من عناصر التقويم.
- توزيع الدرجات على عناصر التقويم في ضوء أهمية كل عنصر، وقد تكون الخبرة الشخصية للمقوم عاملا مساعدا في تحقيق توزيع عادل وموضوعي.
أما فيما يخص التقييم الكيفي، أي ذلك التقييم الذي يعتمد على صفات محددة بالنسبة لمؤشرات محددة، والإشكال الذي يعترضها هو الغموض الذي ينتابها وبالتالي يجب تبني صيغة واضحة بالنسبة للقياس الكيفي تفرق وتفصل بين كل الصفات، وذلك من خلال إرفاق هذه الأخيرة بشروحات وقياسات مضبوطة، ونقترح الجدول التالي الذي يتضمن أوصاف واضحة، يمكن التمييز بينها، على خلاف الأوصاف التي وضعها المشرع على مستوى مرسوم تقييم وتنقيط أداء الموظفين.

تقرير وصفي لتقييم الأداء

اسم الموظف:.............................................
عنوانه ووظيفته:........................................
راتبه الحالي:.............................................
الجهة التي تعمل فيها: ..................................
الإدارة التي يتبعها:......................................
تاريخ الحصول على هذا الراتب:.....................
أسس التقويم ومؤشراته
التقديرات
ضعيف
مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز
مؤهلاته الشخصية ومتابعته لتطوير ذاته
 
 
 
 
 
كفاءته في العمل وحسن أدائه
 
 
 
 
 
علاقاته وتعاونه مع الرؤساء والمرؤوسين
 
 
 
 
 
مواظبته على الدوام واستغلاله للوقت
 
 
 
 
 
مظهره وهندامه ولياقته
 
 
 
 
 
إخلاصه وتحمله للمسؤولية وتقبله للمهام الصعبة
 
 
 
 
 
التقدير العام
 
 
 
 
 
ملاحظات الرئيس المباشر والمشرف:            o أوصي بمنحه العلاوة          o لا أوصي بمنح العلاوة
ملاحظات الرئيس الأعلى:                             o أصادق على                     o لا أصادق على
 وإذا كان تقييم الأداء الحالي بالإدارات العمومية والجماعية يقتصر فقط على تحديد الموظفين المستحقين للمكافآت والترقيات والعلاوات الدورية، فإن أهميته وأهدافه أكبر من ذلك، أي أنه يكتسي أهمية إستراتيجية على صعيد المنظمات، لهذا فتقييم الأداء الإداري يجب أن يتعدى مفهومه الضيق المعمول به على مستوى الإدارات العمومية والجماعية ليمتد إلى مجالات وظيفية أخرى والتي يمكن أن يسهم في تطويرها وحسن أدائها، ومن هذه المجالات ما يلي:
- اختبار مدى نجاح عملية سياسات الاختيار والتعيين، فمن خلال تقويم أداء الموظفين الجدد والوقوف على كمية ونوعية إنتاجهم وأدائهم ومعرفة التقديرات التي حصلوا عليها من خلال تقويم الأداء، يمكن التأكد من مدى دقة عملية الاختيار وبالتالي تحديد الموقف منها إما بالسلب أو الإيجاب.
      - تقوية اهتمام الرؤساء بالمرؤوسين فحين يطالب الرؤساء بتقويم مرؤوسيهم تقويما شاملا ودوريا فإنهم سيجدون أنفسهم بحاجة ماسة إلى زيادة معلوماتهم عنهم وتقوية علاقاتهم بهم حتى لا يخطئوا بتقويمهم ويعرضوا أنفسهم لانتقادات زملائهم وبالتالي يشعرون بالحرج وربما بتأنيب الضمير لما أحدثه خطؤهم من أضرار. وقد يدفعهم ذلك على تسجيل الملاحظات عنهم ومناقشتهم حولها بين الحين والآخر مما يزيد من التفاهم والتعاون بينهم.
- تحديد احتياجات الموظفين من التدريب ومن ثم قياس فاعلية البرامج التدريبية. وتستخدم تقارير قياس الكفاءة والأداء في تشخيص نقاط القوة والضعف لدى الموظفين، وبالتالي معرفة المجالات التي تنقصهم فيها الكفاءة. وفي ضوء ذلك يتقرر مدى حاجتهم إلى التدريب ونوع البرنامج التدريبي الذي يلائمهم ومدته ومكانه. كما تستخدم هذه التقارير في تقويم التدريب ذاته حيث يمكن معرفة مدى فاعلية البرامج التدريبية التي شارك فيها الموظفون من خلال مقارنة التقارير المرفوعة عنهم قبل التدريب وبعده ومدى التغيير الذي تعرضوا له بسبب هذه البرامج. ومعرفة هذه المسائل من شأنها أيضا أن تحدد مواقف الإدارة من سياساتها وبرامجها الحالية فتدعمها وتطورها في ضوء نتائجها.
- تقرير نوع الحوافز التي تقدم للموظفين ومعرفة مستحقيها، فالموظف الجيد يحتاج دوما إلى اهتمام ورعاية الإدارة لتحفزه على الاستمرار والمضاعفة من جهده وعطائه. والموظف الضعيف هو أيضا يحتاج إلى تشجيع الإدارة لتجاوز ضعفه ورفع مستواه. ولكن الأسلوب المتبع مع الموظف الأول لا ينبغي استخدامه مع الموظف الثاني. فقد يحفز المجدون بترقيتهم أو بمنحهم مكافئة مادية وتقديم شهادة شكر لهم. بينما يحفز المقصرون من خلال تدريبهم وتحسين ظروف عملهم أو إشعارهم برغبة الإدارة في تطويرهم لذاتهم واللحاق بزملائهم. وإلا فإن الحوافز السلبية يمكن أن تكون هي السبيل الأفضل.    
- هناك استخدامات عديدة أخرى يمكن أن تكون فيها لتقارير قياس الكفاءة وتقويم الأداء فائدة وأهمية، ومن هذه مثلا استخدامها في توصيف الوظائف ومعرفة مؤهلات من يشغلها، وفي تحديد مستقبل الترقيات ووضع الخطط المستقبلية لاحتياجات المنظمة من القوى العاملة.
وإلى جانب أساليب تقييم الأداء الإداري، توجد جهات هي التي تسهر على هذه العملية، وتتمثل أساسا في رئيس المجلس الجماعي، وبالتالي فهو السلطة الرئاسية بالإدارة الجماعية، وبالتالي يتمتع بسلطات واسعة تسمح له بترجيح إرادته على إرادة المرؤوسين الذين يمثلون قاعدة الهرم، لهذا فعملية التقييم في غالب الأحيان تتأثر بمجموعة من الظواهر السلبية كالمحسوبية والزبونية، كما يمكنها أن تصطدم ببعض الأخطاء الغير مرئية، ولعلاج الأخطاء المترتبة عن التقييم أو التخفيف منها نقترح ما يلي :
- تدريب المقومين وإطلاعهم على مفهوم التقويم وطرقه المختلفة ومشكلاته المحتملة والتأكيد خلال التدريب على وسائل دعم الموضوعية والدقة.
- ابتعاد المقوم عن الاستجابة العاطفية.
- التركيز على النتائج المحققة وعدم الاستجابة لحادث أو حادثين عرضيين في الأداء.
- تحديد مستوى الأداء المطلوب مقدما ليكون مرشدا ودليلا لمقارنته بالنتائج الفعلية، وأن يكون الموظف على علم بذلك مقدما، وأن تكون أسس المقارنة واضحة لديه، وتستخدم بثبات من موظف إلى آخر، ومن مدة إلى أخرى.
- البحث عن سبب التباين بين معدلات الأداء المستهدفة والأداء الفعلي والاستماع إلى وجهة نظر الموظف حولها، واخذ الظروف غير الطبيعية بنظر الاعتبار.
- الاحتفاظ بسجل الأداء الفعلي لكل موقف.
- مناقشة الموظف المعني بالتقويم لتحديد نقاط الضعف لمساعدته على تجنبها وتحديد نقاط القوة، لتعزيزها وتطويرها مستقبلا.
- الاتفاق مع الموظف المعني على أهداف مستقبلية واضحة لتطوير أدائه.
وختاما فلكي   يكون تقويم الأداء وسيلة فعالة وهادفة لتحقيق الأغراض المتوخاة منه ويتجنب السلبيات والثغرات، فإن عددا من الخصائص ينبغي توفرها في أي نظام يتم تصميمه لقياس أداء العاملين، وأن عددا من المتغيرات يجب أن يشملها هذا النظام. وفي ما يلي أهم هذه الخصائص والمتغيرات:
- أن يكون التقويم دوريا ومستمرا ومتواصلا وتتم المقارنة بين نتائجه السابقة والحالية، وتوضع نتائجه بين يدي العاملين وتتاح لهم فرصة الحوار والنقاش مع رؤسائهم.
- أن يعتمد التقويم على معلومات وافية ودقيقة وحديثة توثق في سجلات وملفات أو تخزن في أجهزة إلكترونية يسهل الرجوع إليها.
- أن يعي الرؤساء مسؤولياتهم ويتمسكوا بالموضوعية ويتجنبوا الأهواء والنزاعات ويتعاملوا مع المرؤوسين بكل تجرد ومصداقية قدر ما أمكنهم.
- أن يشعر النظام المرؤوسين بضرورة التقويم ويتلمس الفوائد والايجابيات التي تعود عليهم منه مثلما يسهم في تحقيق أهداف المنظمات.
- أن تتضح المبادئ والآليات التي تحكم عملية التقويم ويتم إصدارها بقرار أو بنظام من أعلى سلطة مختصة. وبفضل تعدد النماذج والأساليب المستخدمة تبعا لتعدد المستويات أو المهن.
- أن يشمل التقويم مختلف الجوانب الشخصية والإدارية والإنسانية والفنية المتعلقة بالموظف وبالوظيفة وبالمنظمة، ويتم إعطاء أوزان كمية لهذه المتغيرات تبعا لدرجة أهميتها.
مما تقدم يمكن القول بأن نظام تقويم الأداء للعاملين أصبحت ضرورة من ضرورات الإدارة الحديثة المتطورة باعتبارها الوسيلة لتحقيق العدالة المهنية والوظيفية بين العاملين ولرفع كفاءة الجهاز الإداري وإنتاجية مؤسساته على اختلافها. فالأداء والعطاء ينبغي أن يكون المنطلق لتقويم الأفراد وتحديد مواقع خدمتهم وتطويرهم وليس الولاء الشخصي أو صلة القرابة العائلية أو النسب أو الانتماء القبلي آو الطائفي كما هو الحال في تطبيقات النظم التقليدية.
: تحديث منظومة التحفيز
        لقد أصبح التحفيز الإداري يلعب دورا مهما في تحقيق أهداف المنظمة، وذلك من خلال تشجيع أفرادها على العمل والبذل والعطاء.
لهذا فإن الإنتاجية والمردودية العالية تتطلب توافر مجموعة من العوامل، وتحفيز المستخدمين يعد أحد هذه العوامل ولكنه يبقى أبرزها وأهمها كيفما كانت المنظمة، فلقد اتجهت الإدارة نحو العمل على استخدام كل الوسائل التي تساعد موظفيها على زيادة الرغبة في العمل وتحقيق درجة عالية من إثارتهم ودفعهم وحفزهم على أدائه على أحسن وجه، وتعتبر تلبية حاجيات الموظفين وإشباعها هي إحدى هذه الحوافز، وهذا يتطلب من الإدارة فهم الحوافز التي تحرك دوافع الموظفين من حاجات، وما تم إشباعه منها وما لم يشبع بعد، وكذلك كيفية إشباع الحاجات الموجودة والملحة لديهم، بمعنى أنه يتعين على الإدارة فهم الاحتياجات الحقيقية التي يشعر بها الموظفون ومعرفة الأهمية النسبية لكل حاجة من هذه الحاجيات، والتأكد من المستوى المناسب من الإشباع لكل من هذه الحاجيات.
إن عملية التحفيز الإداري بالإدارة الجماعية، تظل تتسم بالاستمرارية وتصنف أهميتها وأولويتها ضمن إطار هرمي كما فعل "ماسلو"، وبالتالي لا يمكن حصرها في إطار ضيق، بل تبقى تتميز بصفة تتسم بالتولد بين الحين والآخر لأنه كلما تم إشباع حاجة معينة إلا وتظهر حاجات أخرى جديدة لابد كذلك من إشباعها، وأهم ميزة يجب أن يتصف بها على مستوى الجماعات، هو جعل الحافز يتناسب دائما مع الدافع، حتى يتم ضمان المردودية والإنتاجية الجيدة، لهذا فالحوافز بالإدارة الجماعية يجب أن تتسم بالفعالية حتى تستجيب لأهدافها وطموحاتها.
إن عملية التحفيز تكتسي أهمية محورية بالنسبة للعاملين بالجماعات. لهذا فإصلاح هذه المنظومة يقتضي ضرورة خلق مصلحة أو قسم يدعى قسم تدبير الموارد البشرية يكون هو المسؤول عن تدبير السياسة التحفيزية بالجماعة، إلى جانب عناصر التدبير الأخرى كالتكوين والتخطيط وتقييم الأداء والتوظيف...
وإذا كان تحفيز المستخدمين عملية تتسم بالصعوبة والتعقيد، فإن دور إدارة الموارد البشرية وإسهامات أطرها تبقى مهمة في تفعيل عملية التحفيز وتحقيق جودتها، لهذا ففهم وإدراك أهميته، يشكل دعما أساسيا لنجاحه، مما يستدعي أن يكون الطاقم الذي يعمل في إدارة الموارد البشرية والمشرف على سياسة التحفيز ذو خلفية علمية عالية، حيث سبق له أن درس وتعلم أكاديميا الأصول والقواعد المعرفية المتعلقة بمهنة إدارة الموارد البشرية، وأن يكون له بالدرجة الأولى خبرة عملية في مجال التدبير، وهذا ما يدفعنا إلى القول إلى أن إدارة الموارد البشرية في المنظمة ليس مكانا يمكن أن يوظف ويعمل فيه أي شخص كان، بل هو مكان عمل ذو أهمية وحساسية عالية، لأن هذه الإدارة تتعامل مع أهم عناصر العمل والإنتاج ألا وهو العنصر البشري.
وعلى صعيد آخر يمكن القول، فمهمة قسم تدبير الموارد البشرية في مجال إيجاد جودة التحفيز تتطلب نوعا من الفن والمهارة في تطبيق المفاهيم والمبادئ التي يشتمل عليها التحفيز، وبالتالي فالقيام بهذه المهمة يتطلب ذكاء ومقدرة عالية في التعامل مع الآخرين .
لهذا فلابد من خلق خلية متخصصة تتميز بكفاءتها وتجربتها في مجال التحفيز، حتى تتمكن من النهوض بالإدارة الجماعية وجعلها تمارس مهامها بإتقان وفعالية.
كما يعد الأجر من بين أهم وأبرز أنواع الحوافز في كافة الإدارات، لهذا ففعاليته تتخلص في أن الموظف أو العون يحصل على أجر محدد مقابل العمل والجهد الذي يقوم به. وتزاد أهميته بالنسبة للموظف الجماعي من خلال أولوية على باقي الحوافز الأخرى.
لهذا فالجهات المسؤولة أصبحت حاليا ملزمة بإصلاح منظومة الأجور بالنسبة للعاملين بالجماعات، وذلك من خلال الزيادة فيها وجعلها تستجيب للتحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها المجتمع، وذلك من خلال اعتماد الإجراءات التالية:
* أن يصبح الأجر متوازنا بين ما يقدمه الشخص من عمل والمقابل النقدي، خاصة بالنسبة للأعوان الذين يمارسون بعض الأعمال الشاقة كالنظافة والحراسة الليلية... وما يترتب عن ذلك من آفات مرضية كقصر النظر والحساسية والأخطار المترتبة عن ممارسة الوظيفة، فغالبا ما تجد أغلبية هؤلاء لا يتجاوز راتبهم 1500 أو 1400 درهم بالإضافة إلى فئات أخرى.
* أن لا يتم الاعتماد فقط على الإطار أو الدرجة كمعيارين أساسيين لتحديد الأجور، بل يجب الاعتماد كذلك على نتائج توصيف وتحليل الوظائف وتقييمها حتى يتم خلق انسجام ما بين الوظيفية والأجر.
* يجب كذلك التخلي عن سياسة تجميد الأجور وجعلها تساير التطورات الاقتصادية والاجتماعية، حتى يستطيع الموظف الجماعي التغلب على التكاليف والمصاريف الأساسية على الأقل، فالأسعار حاليا تعرف تزايدا مستمرا، وبالتالي فيجب على الأجور أن تساير هذه الحركية الاقتصادية والاجتماعية.
* كما يجب الاهتمام بالموظفين المرتبين في سلالم الأجور من 1 إلى 5 والذين تتراوح أجورهم بين 1500 و2000 درهم، وذلك بالزيادة في رواتبهم وجعلها تستجيب للتطورات الحالية خاصة على مستوى الأسعار، حتى يتمكنوا على الأقل من تغطية حاجاتهم الأساسية، مما سيساعد على التخلص من مجموعة من الظواهر الشاذة بالإدارة الجماعية، كممارسة بعض الأنشطة الإضافية أو طلب المساعدة...
كما تستأثر الترقية الإدارية بأهمية قصوى لدى الموظف الجماعي. ومن أجل ذلك فهم يسعون جاهدين في اتباع سلوكات مختلفة طمعا في الحصول عليها، خاصة وأنها تزيد من قيمة الموظف المعنوية حينما ينتقل من سلم إلى سلم مما يؤدي إلى زيادة في مهامه ومسؤولياته.
ونظرا للأهمية التي تحظى بها الترقية، فقد أصبح لزاما تجاوز المشاكل التي تصطدم بها لكي تمارس دورها في تحفيز الموظف الجماعي، من خلال رفع مرد وديته وزيادة إنتاجيته، ويمكن تجاوز مشاكل الترقي من خلال اعتماد الإجراءات التالية:
- ضرورة إعادة النظر في المرسوم الجديد المتعلق بالترقية، والذي تم رفضه رفضا قطعيا من قبل كل الفعاليات النقابية والموظفين الجماعيين، فإذا كان يستجيب لطموحات الإدارة فإنه لم يستجب بتاتا لمتطلبات الموظف الجماعي، لهذا يجب إعادة الاعتماد على الترقية بالأقدمية لتمكين كل الفئات التي استوفت شروط الأقدمية من الانتقال إلى الرتبة أو السلم الذي تستحقه ، بالإضافة إلى ضرورة إعادة النظر في أسلوب الترقية عن طريق الاختيار من خلال عقلنتها بتمكين المستحقين والأكفاء من الاستفادة منها، ففي غالب الأحيان يخضع هذا النوع من الترقية لاعتبارات المحسوبية والزبونية، خاصة أمام السلطة التقديرية التي يتمتع بها رئيس المجلس الجماعي. كما يجب على المشرع تعديل النسب المتخصصة للترقي، فهي ليست في صالح الموظف، لهذا يجب إرجاع نسبة 20 % بالنسبة للترقية بالاختيار عوض 11 % ، وهذا يستوجب أيضا إعادة النظر في السنوات المطلوب قضاؤها في إحدى الرتب أو السلالم للترقي، وذلك بإعادة الاحتفاظ بالأقدمية ما بين 5 و10 سنوات عوض 11 سنة.
- أما بالنسبة للترقية عن طريق امتحان الكفاءة المهنية، فيجب على الجماعات أن تفسح لموظفيها هذه الإمكانية للترقي، فهذا الأسلوب يساعد على اختيار الموظف الأكفأ وذا التجربة العالية للترقي إلى الدرجات العليا، ولهذا يجب على المشرع إعادة النظر في النسبة المحددة في 11 % بموجب المرسوم الجديد بالنسبة للترقي عن طريق امتحان الكفاءة المهنية وذلك باعتماد الأسلوب القديم الذي كان محددا في عدد المناصب الشاغرة، كما يجب الاحتفاظ ب 4 سنوات كمدة مطلوبة لاجتياز امتحان الكفاءة المهنية كما نص على ذلك النظام القديم.
وإلى جانب ذلك يجب تدخل المشرع لتسوية وضعية بعض الأصناف من الموظفين الذين ظلت وضعيتهم جامدة إلى حين إحالتهم على التقاعد، ويتمثل في أعوان المصلحة والأعوان العموميون ومسيرو الأوراش والعرفاء، كذلك الموظفين المرتبين في سلالم الأجور 9، فبدورهم تظل وضعيتهم جامدة، لأن رئيس المجلس الجماعي رغم أن المشرع خوله إمكانية تدبير الأطر العليا بموجب المادة 54 من قانون 78.00، فإن القرار المنظم لهذا الإجراء لم يصدر بعد، فكثير من هؤلاء قد استوفى شروط الترقي لكي ينتقل إلى السلم 10 ولكن وضعيته ظلت جامدة.
إذن فالترقية تحتل مكانة مهمة ضمن مكونات التحفيز الإداري، لهذا ففعاليتها تظل ترتبط بمدى استحقاق الموظف لها، أي مدى ارتباطها بالمردودية والكفاءة وبمستوى الأداء.
أما بالنسبة للتعويض عن الساعات الإضافية والأعمال الشاقة ومنح ملابس لفائدة الأعوان، فبدورها تصطدم بمشاكل كثيرة، ويمكن تجاوزها من خلال الإجراءات التالية:
- ضرورة إعادة النظر في القوانين المنظمة لهذه الأنواع من الحوافز، وذلك من خلال جعلها   تساير التطورات التي عرفها مجال عمل تدبير الشأن العام المحلي.
- كما يجب العمل على إعادة النظر كذلك في قيمة تسعير الساعات الإضافية، أي محاولة رفع قيمتها، كذلك لابد من رفع النسبة المخصصة للتعويض عن الأعمال الشاقة والملوثة، نظرا للأخطار المحدقة بهذه الفئة من الموظفين.
- إضافة إلى ذلك، يجب إبعاد الاعتبارات الذاتية والسياسية عن إطار التعويض عن الساعات الإضافية، أي يجب منحها لمن أداها بشكل فعلي.
- كما يجب على الإدارة الاهتمام بوضعية العاملين الذين يؤدون بعض الأعمال التي تتطلب ملابس خاصة، أي التزام الجماعات بتسليم هذه الملابس الخاصة بصفة معتادة مرتين في السنة، بذلة خلال الفترة الصيفية، وبذلة ثانية خلال الفترة الشتوية.     
وعلاوة على ذلك، يعد استقرار العمل وضمان استمراره عنصرا أساسيا من العناصر التي تحفز الأفراد على بدل مزيد من الجهد مما ينبغي على الإدارة أن تربط عنصر استقرار العمل بالمردودية والكفاءة الإدارية للموظف.
ويعتبر الترسيم من بين أهم الشروط التي تضمن استقرار العمل والاستمرار فيه داخل الإدارة الجماعية، لهذا أصبح المشرع ملزما بضرورة تخفيض عدد السنوات الواجب قضاؤها في الخدمة كشرط للترسيم، والمحددة حاليا في 7 سنوات، بالإضافة إلى ضرورة إلزام رؤساء الجالس بموجب نص قانوني لتسوية وضعية الموظفين الذين استوفوا شروط الترسيم، حتى يتم تجاوز الاختلالات التي تشوب هذه العملية كالاعتبارات السياسية والمحسوبية والزبونية، فبالرغم من أن عملية الترسيم تزيد في تحملات ميزانية الجماعة، فإنها تجعل الموظف مطمئنا على مستقبله المهني وبالتالي ضمان قوته اليومي مما سينعكس بشكل إيجابي على المردودية والأداء الإداري.
بالإضافة إلى ذلك تلعب ظروف العمل المحيطة بالموظف الجماعي دورا أساسيا في التأثير على كفاءته ومردوديته في العمل، ويتحقق ذلك بحرص الإدارة على ضمان وجود توافق بين الحاجة التي يشعر بها وبين الحافز الذي يقدمه جو العمل، والظروف المحيطة به من حيث المكان وتوفر المكاتب ونظامها والتهوية والتدفئة والإنارة والنظافة والآلات والمعدات... فكلما كانت ظروف وإمكانيات العمل مهيأة بشكل جيد كلما كان استعداد الموظفين للعمل أحسن.
كما ينبغي على الإدارة أن تقدم للعاملين فيها مزايا إضافية أخرى وأنواع مختلفة من الخدمات التي ترى أن فيها فائدة للموظفين، كالخدمات الصحية، بما فيها التامين الصحي وكذلك الخدمات الترفيهية والاجتماعية والثقافية، والتي تساعد على تنمية روح الجماعة بين العاملين وزيادة التماسك والوحدة بينهم، بالإضافة إلى تقوية التزامهم وولائهم للإدارة، كما ينبغي على الإدارة كذلك تقديم خدمات مالية لموظفيها بغرض الوفاء بحاجياته في الادخار والاقتراض. كما يظل توفير السكن أحد الحوافز المهمة والأساسية للعاملين بالجماعات خاصة أمام الأزمة التي أصبح يعرفها هذا الجانب بالمغرب.
وإلى جانب الحوافز السابقة توجد العلاقات الإنسانية كأسلوب تحفيزي فعال وقد أثبتت نجاحها الكبير خاصة على مستوى المنظمات الخاصة، لهذا فأمام هذه التحولات ظهرت أهمية الروح المعنوية للعاملين داخل الإدارة من خلال الاحترام والتعاون المشترك لتنمية العمل الجماعي وتحقيق أهداف المنظمة، وتنمية العلاقات غير الرسمية بين الناس وتدعيم علاقاتهم الاجتماعية وترشيد السلوك الإنساني بأساليب اجتماعية وقواعد سلوكية مثالية.
إن العلاقات الإنسانية في المنظمة هي القدرة على فهم وتحليل طبيعة الإنسان وسلوكه للتوصل إلى إيجاد معاملة طيبة معه، وتفهمها للشعور الإنساني، وخلق الجو الملائم لرفع الروح المعنوية والكفاءة الفنية للموظفين وجعل العدل والإنصاف من أهم المبادئ في العلاقات الإنسانية.
وفي هذا الإطار يرى الأستاذ عليوة أن العلاقات العامة الداخلية مجال واسع يشمل كل شيء يشجع العاملين على بدل قصارى جهدهم ومساهمتهم في زيادة الإنتاج ونجاح المنشأة، وذلك عن طريق جهود العلاقات العامة في توفير المناخ الذي يمكن الأفراد أن يعملوا فيه بمزيد من الفعالية والرضا، ويحثهم على زيادة الإنتاج والنظام في العمل، إذن فالعلاقات العامة تمكن الإدارة من الاتصال الفعال مع العاملين على كل المستويات، كما تمكنها من أن تقوم بدور مفيد عن طريق إزالة أي سبب لسوء الفهم أو نقص المعلومات بين الإدارة والعاملين مما قد يتسبب في حدوث المشاكل والاضطرابات .
إن هذه الحوافز السابق ذكرها لم نوردها على سبيل الحصر، نظرا لتواجد حوافز أخرى كالمواصلات والتعاونيات الاستهلاكية والعلاوات... لأن الميزة التي يتسم بها التحفيز الإداري ترتبط أساسا بالتجدد والتطور المستمرين، لهذا فالجماعات أصبحت مطالبة حاليا بالاهتمام بموظفيها على اعتبار أنهم الأداة الأساسية القادرة على ترجمة قرارات المجلس الجماعي إلى واقع ملموس. فالحوافز تكرس عملية الدفع والحماس، لذا يجب الحرص دائما على مقابلة الدافع بالحافز، وبالتالي ستتم الاستجابة لمصلحتين متبادلتين، مصلحة الإدارة من جهة ومصلحة الموظف من جهة أخرى.
لذا فتحفيز الموارد البشرية بالإدارة الجماعية، لا يمكن أن يتأتى إلا بتخصيص موارد مالية كافية، فبالرغم من أنها ستكلف ميزانية الجماعة كثيرا،إلا أنها سوف تنعكس بشكل إيجابي على المردودية الإدارية، أي نكون قد استثمرنا في مواردنا البشرية، ولكن إذا تم هذا الاستثمار بشكل مدروس ومعقلن.   

 
إذا كان تدبير الموارد البشرية يحظى بأهمية قصوى لدى المنظمات الخاصة من أجل تحقيق أهدافها، فإن الجماعات لازالت متخلفة عن اعتماد الأساليب والأدوات التدبيرية بمفهومها الصحيح.
لهذا فالموارد البشرية بالإدارة الجماعية ظلت متخلفة عن مواكبة الأساليب والطرق الحديثة في التدبير، ولا أدل ذلك قدم المنظومة القانونية للموارد البشرية للإدارة الجماعية، حيث لم تواكب التطورات الجارية، بالإضافة إلى عشوائية التوظيف والتنظيم، وغياب التخطيط وعدم فعالية التكوين، وكذا غياب نظام فعال لتقييم أداء الموظف الجماعي، كما أن نظام التحفيز يصطدم بدوره بمشاكل كثيرة تحد من فعاليته واستجابته لدوافع الموظفين.
لهذا فتدبير الموارد البشرية لازال لم يفعل بعد على مستوى الإدارة الجماعية، ويظل الأمر يقتصر فقط على تسيير شؤون الموظفين، مما يجعل الوظيفة الجماعية لا تتسم بميزة الفعالية والمرونة.
لهذا فالجماعات أصبحت مطالبة في ظل التحولات الحالية على المستويات الاقتصادية والاجتماعية بالانتقال من منظومة تسيير شؤون الموظفين إلى اعتماد أسلوب التدبير لعناصرها البشرية، أي العمل على توظيف وظائف التدبير بمفهومها الصحيح مما سيمكن من الانتقال إلى مفهوم الجماعة المقاولة التي تعمل بمنطق وأسلوب المنظمات الخاصة لبلوغ أهدافها وغاياتها الأساسية.           
 

هناك تعليق واحد:

  1. موضوع جد جيد اتمنى أن يأخد ويعمل به كل مسؤول اداري

    ردحذف