الاثنين، 19 أكتوبر 2015

هل من إستراتيجية وطنية لتكوين المنتخبين الجماعيين؟

الكاتب : المصطفى العبصودي | 13/10/2015
من خلال الوقوف عند أسماء الفائزين في الاستحقاق الجماعي ل4 شتنبر2015 يمكن للمتتبع للشأن المحلي أن يلاحظ أن مجموعة من المنتخبين بما فيهم رؤساء المجالس يفتقرون للمستوى المعرفي والقانوني الذي يمكنهم من تدبير شؤون الجماعات الترابية في إطار مبادئ الحكامة الرشيدة، ووفق القوانين الجديدة التي جاء بها القانون التنظيمي رقم14.113 المتعلق بالجماعات الترابية.
وأكيد أن صعوبات كثيرة ستعترضهم أثناء مزاولة مهاهم على المستوى المالي والتعميري والتقني والقانوني خاصة بالنسبة لمنتخبي المجالس القروية ، وهاته مسؤولية الأحزاب السياسية المغربية التي عوض أن ترشح الأطر والنخب ذات التكوين الجامعي تفتح الباب في وجه الأميين لالشيئ سوى لأنهم يتوفرون على الإمكانيات المالية التي تساعدهم على اكتساح الساحة الانتخابية والحصول على اكبر عدد من المقاعد، وهذا ما يجعل المجالس الجماعية رهينة منتخبين غير متمكنين من القوانين المنظمة للعمل الجماعي، وغير قادرين على التمييز بين اختصاصات رئيس المجلس الجماعي واختصاصات المجلس، وغير مؤهلين معرفيا لتدبير الملفات الجماعية الكبرى، وغير قادرين على التحاور مع المستثمرين والمنعشين العقاريين باللغة الفرنسية، أما اللغة العربية فهي براء منهم، وما يزيد الطين بلة هو غياب إطار قانوني للتكوين، وانعدام مؤسسات متخصصة في تكوين المنتخب الجماعي إضافة إلى محدودية الاعتماد المالية التي
ترصدها الجماعات المحلية للتكوين الذي لاتوليه أي اهتمام عكس ما تعرفه بعض البلدان المجاورة نذكر على سبيل المقارنة الجارة تونس التي ينص فيها الفصل 113 من القانون الأساسي للبلديات الذي نص على عقد ندوات بين البلديات على المستوى الجهوي، المشرع الفرنسي أولى بدوره لحق المنتخب المحلي في التكوين أهمية قصوى حيث أكد القانون رقم92.108 الصادر بتاريخ3فبراير1992 المتعلق بالنظام الأساسي للمنتخب هذا الحق وأوجبه على كافة المنتخبين المحليين من جهويين وإقليميين وجماعيين،ونص أيضا على إحداث مؤسسة وطنية متخصصة في التكوين وهي المجلس الوطني لتكوين المنتخبين المحليين Le conseil national de la formation des élus locaux الذي تم إحداثه بمقتضى المرسوم التطبيقي رقم92.1206.
بلادنا بدورها مطالبة بإعطاء عملية تكوين المنتخب الجماعي المكانة التي تستحقها، وفي نظري ينبغي تفعيل توصيات المناظرة الوطنية السادسة للجماعات المحلية المنعقدة بتطوان في شهر يونيو1994، ومن أهمها اذكر مايلي:
-الإسراع في إحداث المعهد العالي لتكوين المنتخبين على الصعيد الوطني.
-إنشاء مراكز للتكوين على الصعيد الجهوي يسهر على تنظيم دورات تكوينية لفائدة المنتخبين على جميع الأصعدة.
-خلق خلية لتكوين المنتخبين على صعيد العمالات والأقاليم تعمل وفق برنامج مستمر يتم وضعه بتنسيق مع المصالح المختصة.
-تنظيم مناظرات وطنية ومحلية سنوية لاستكمال تكوين المستشارين مع توفير الاعتمادات المالية في ميزانيات الجماعات المحلية.
-إعادة هيكلة مراكز التكوين الإداري والتقني المتواجدة على الصعيد الجهوي وإعدادها لاستقبال المنتخبين إلى جانب الأطر الإدارية والتقنية.
لقد حان الوقت لإخراج هاته التوصيات إلى ارض الواقع من اجل العمل على تكوين المنتخبين كي يصبحوا على إلمام بالتشريعات الجديدة المنظمة للعمل الجماعي، وهاته مسؤولية عدة جهات أولها وزارة الداخلية التي لن تردد في القيام بجميع الخطوات الكفيلة بالرفع من القدرات المعرفية للمنتخب خاصة في ظل الوزير الحالي محمد حصاد الذي يؤمن بأهمية التكوين كأداة تساعد على تأهيل المنتخبين الجماعيين على جميع الأصعدة، وثانيها رؤساء الجهات الذين أصبح لزاما عليهم العمل على إحداث مراكز جهوية لتكوين المنتخبين، وثانيها رؤساء المجالس الترابية التي ينبغي عليها الرفع من الاعتمادات المخصصة للتكوين وإحداث مراكز لتكوين المستشارين الجماعيين، وذلك في إطار اتفاقيات شراكة تبرم مع وزارة الداخلية أو المعاهد المتخصصة سواء الوطنية أو الدولية.
فالمطلوب إذن هو تظافر الجهود بين جميع الإطراف المعنية من اجل وضع إستراتيجية وطنية دقيقة في ميدان تكوين المنتخب تتأسس على إحداث مراكز جهوية للتكوين يتم تزويدها بالإمكانيات المالية وبالموارد البشرية المتخصصة في مجال التكوين باعتباره أداة قوية تساهم في الرفع من القدرات المعرفية للمنتخب الجماعي وتمكنه من ضبط النصوص القانونية المنظمة للعمل الجماعي وعدم ارتكاب الأخطاء التي قد تعرضه للمساءلة والمحاسبة من طرف الأجهزة القضائية والإدارية المختصة التي أصبحت ملزمة بالقيام بعملية تدقيق سنوي للمجالس الجماعية طبقا للمادة214 من القانون التنظيمي رقم14 .113 المتعلق بالجماعات الترابية، ولكي يحقق هذا التكوين النتائج المتوخاة منه ينبغي أن يشمل الموظفين الجماعيين على المستوى الإداري والتقني من خلال تنظيم دورات تكوينية في مجالات: الممتلكات الجماعية، التعمير، المالية المحلية، المنازعات القانونية، الصفقات الجماعية، الحالة المدنية، الشرطة الإدارية لتمكينهم من استيعاب التشريعات الجديدة المرتبطة بتدبير الشأن المحلي لتنمية قدراتهم المعرفية وبالتالي المساهمة في الرفع من مردودية الإدارة الجماعية كي تكون قادرة على خدمة المواطن بطريقة احترافية، ولعب دورا أساسيا في تحقيق التنمية المحلية إلى جانب المجالس الترابية التي أعطاها القانون التنظيمي الجديد اختصاصات مهمة الهدف منها جعل الجماعات أداة قوية لتحقيق التنمية المندمجة التي يعمل صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله على ترسيخ مرتكزاتها في إطار تدبير ينبني على مبادئ الحكامة الجيدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق