الجمعة، 11 ديسمبر 2015

مخالفات التعمير

مخالفات التعمير
في إطار مشروع القانون 04.04
عرض في مادة مخالفات التعمير
الأستاذ المشرف: بن يونس المرزوقي

إعداد الطلبة والطالبات
محمد زواكي
عبد الرحيم مصمودي
سميرة الطويل
يوسف المدني


السنة الجامعية : 2007 /2008
مقدمة:
أصبح قطاع الإسكان والتعمير من بين أهم القطاعات جلبا للاستثمارات الوطنية منها أو الاجنبية وخاصة منذ السنوات الأولى للتسعينات نتيجة ارتفاع نسبة السكان الحضريين بفعل تنامي ظاهرة الهجرة نحو المدن والتي تولد عنها مشاكل عمرانية عديدة تمثلت بالخصوص في انتشار ظاهرة السكن غير اللائق وبروز المدن الصفيحية.
مثل هذه الأوضاع جعلت الحكومات المتعاقبة وعلى الخصوص الحكومات الثلاث الأخيرة تضع قطاع الإسكان والتعمير ضمن أولويات برامجها، فترصد لها ميزانيات ضخمة لتحقيق هدف الدولة الطموح إلى جعل مدننا بدون صفيح في أفق سنة 2010.
تلك الأوضاع جعلت المشرع يعيد النظر في التشريعات والنظم الجاري بها العمل لتستجيب لمتطلبات قطاع الإسكان والتعمير.
وقد توج هذا المجهود بصدور ثلاث تشريعات أساسية يتعلق الأمر بالقانون 12-90[1]والقانون 25-90[2] والقانون 016-89[3] المتعلق بمزاولة مهنة الهندسة المعمارية، وقد اعتبرت هذه التشريعات آليات مهمة لضبط عمليات التعمير والتجزئات العقارية.
إلا ان الواقع العملي والتطور المستمر لقطاع الإسكان والتعمير، فضلا عن الأحداث المؤلمة لزلزال الحسيمة بتاريخ 24 فبراير 2004، كلها أمور جعلت السلطات الحكومية تعيد النظر في قوانين التعمير وذلك لاستجلاء ما يعتريها من خلل ونقائص، وبهذا الخصوص تم إعداد مشروع القانون 04-04 القاضي بسن أحكام تتعلق بالسكنى والتعمير الذي عدل وتمم القوانين 12-90 و 25-90.
فما هي القيمة المضافة التي جاء بها هذا المشروع؟
تلكم إذن هي الإشكالية المحورية لهذا العرض، ولمعالجتها ارتأينا تقسيمه على مبحثين:
المبحث الأول: مستجدات مشروع القانون 04-04 فيما يتعلق بالقانون 12-90.
المبحث الثاني: أحكام التجزئات العقارية على ضوء مشروع القانون 04-04.
المبحث الأول: مستجدات مشروع القانون 04-04 في ما يتعلق بقانون التعمير 90-12.
إن سياسة التخطيط في مجال التعمير والسكنى تقتضي إتباع نهج تنموي يراعي خصوصيات المحيط العربي والتطور الديمغرافي وكذا الجوانب الاقتصادية والاجتماعية للبلاد فإن المغرب بوضعه لقانون 90-12 المتعلق بتنظيم مجال التعمير كان يهدف إلى تحسين جودة العمران وتوفير محيط سكنى المغربية يتسم بالجمالية والسلامة بعيدا عن كل المظاهر المخلة بجمالية وطبيعة العمران خاصة مدن الصفيح التي أصبحت أكبر آفة عمرانية بالبلاد.
وقد استحدث المغرب سنة 2004 مشروعا للتعمير رقم 04-04 بهدف تلافي نقائض قانون 90-12 المتعلق بالتجزءات وتضمن مجموعة من المستجدات سواء على المستوى التدابير القانونية المتخذة لضبط المخالفات (المطلب الأول) أو بخصوص العقوبات الجديدة لردع وزجر المخالفين للأنظمة القانونية للتعمير الجاري بها العمل (المطلب الثاني).
المطلب الأول: التدابير المستحدثة لضبط المخالفات فيما يتعلق بالتعمير.

لقد أدخل مشروع قانون 40-04 المتعلق بسن أحكام تتعلق بالسكنى والتعمير مجموعة من التغييرات على قانون التعمير 90-12 وذلك فيما يخص الأجهزة المكلفة بضبط المخالفات(الفقرة الأولى) ثم فيما يتعلق بالإجراءات المتبعة من أجل القيام بضبط هذه المخالفات (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الأجهزة المكلفة بضبط المخالفات في إطار مشروع قانون رقم 04-04.

تقضي المادة 64 من قانون 90-12 المتعلق بالتعبير على أن إجراء معاينة للمخالفات المنصوص عليها في قانون يضطلع به بمجموعة من الهيئات والمتمثلة في :
- ضباط الشرطة القضائية:
- موظفو الجماعات المحلية المكلفون بمراقبة المباني أو المفوض لهم بذلك من طرف رؤساء الجماعات المحلية.
- الموظفون التابعون لإدارة التعمير والمكلفون بهذه المهمة.
- موظفو الدولة الذين يعتمدهم الوزير المكلف بالتعمير للقيام بهذه المأمورية أو كل خبير أو مهندس معماري.
وباسقرائنا للمادة 64 من مشروع الجديد للتعمير والسكنى رقم 04-04 نلاحظ أن مشروع المغربي أراد أن يسحب من بعض الهيئات مهمة ضبط المخالفات المتعلقة بالتعمير حيث استبقى ضباط الشرطة القضائية بهدف معاينة هذه المخالفات واستحدث هيئات جديدة وهم المأمورون الذين يكلفهم العامل بهمة ضبط المخالفات.
ولعل المشرع المغربي يريد من خلال هذا المقتضى والمتمثل في استبعاد موظفي الجماعات المحلية المفوض لهم بذلك من طرف رؤساء الجماعات المحلية وموظفي الدولة الذين يعتمدهم الوزير المكلف بالتعمير وأخيرا الموظفون التابعون لإدارة التعمير أن يحد من تداخل الاختصاصات بين مجموعة من الهيئات في مجال ضبط المخالفات التي يشكل عرقلة لعملية ضبط هاته ويساهم في طئ مساطر المتابعة وتعقدها وقد اكتفى بجهازين هما ضباط الشرطة القضائية والمأمورون المكلفون بهذه المهمة من قبل العامل في مشروع قانون 04-04 وه8و ما من شأنه أن يعقلن تدخلات السلطة بهدف معاتبة وجزر مخالفات ويوجد فيما بين الاختصاصات وقد أناط المشرع في المادة 64 من المشروع إلى هؤلاء الأشخاص مهمة ضبط المخالفات وذلك بمبادرة العامل أو بطلب من رئيس المجلس الجماعي أو مدير وكالة التعمير أو عند الاقتضاء السلطة الحكومية المختصة وهو مقتضى جديد لا يوجد في قانون 90-12 المتعلق بالتعمير بحيث يتبين أن المشرع جعل مسألة المبادرة من أجل ردع المخالفات إلى مجموعة من الهيئات كبل في إطار اختصاصه وكلما ظهر هناك مخالفة للمقتضيات القانونية المتعلقة بالسكنى والتعمير أمكن لضباط الشرطة القضائية وللمأمورين المكلفين من قبل العامل معاينة هذه المخالفات وذلك بمبادرة العامل أو رئيس المجلس الجماعي أو مدير وكالة التعمير أو السلطة الحكومية المختصة وبذلك فالمشروع حاول تلاي النقص الذي طال الفصل 64 كن قانون 90-12 ذلك أنه لم يتبين السلطات التي يمكنها الإذن وإثارة معاينة المخالفات.
إلا أنه يعاب على المادة 64 من المشروع أنها لم تبين ما المقصود بالسلطة الحكومية المختصة وهو ما من شأنه يخلق نوعا من الالتباس وعدم تحديد الجهة التي سوف تناط بها مهمة الإشراف على معاينة المخالفات ولذلك فقد سعى المشرع من خلال مشروع مدونة التعمير لسنة 2007. تلاقي هذا النقض بحيث حذفت عبارة السلطة الحكومية المختصة وجاء المادة 64 خالية من هذا المصطلح ما جاء فيها.
الفقرة الثانية: الإجراءات المتبعة من أجل القيام بضبط المخالفات.

تنص المادة 64 من قانون التعمير 90-12 على أنه يقوم المأمور الذي عاين مخالفة من المخالفات المشار إليها في المادة 64 أعلاه بتحرير محضر بذلك يوجهه في أقصر أجل إلى رئيس المجلس الجماعة والعامل المعني والمخالف.
إن هذه المادة قد تم تغييرها بمقتضى المادة 65 من مشروع رقم 04-04 حيث أن ضبط الشرطة القضائية والمأمورون المشار إليهم في المادة 64 يقومون بمعاينة المخالفة وتحرير محضر بلك يكون مستجيبا لأحكام تحرير المحاضر طبقا للمادة 64 من قانون المسطرة الجنائية ويتم توجيه هذا المحضر إلى رئيس المجلس الجماعي أولا كما هو الحال في إطار الفصل 65 من قانون التعمير وإنما يوجه أولا إلى العامل ثم بعد ذلك إلى رئيس المجلس الجماعي والمخالف، وهذا ينم عن التوجه التشريعي وخاصة ضبط المخالفات وبالتالي يعكس الواقع الذي أبانت عنه الممارسو والمتمثل في فشل الجماعة المحلية في ميدان التعمير وخاصة في ضبط المخالفات.
وهو نفس الأمر الذي نلاحظه من خلال المادة 64 من المشروع رقم 04-04 حيث أنه أصبح العامل هو المكلف في إطار زجر المخالفين لضوابط البناء بتقديم شكوى لدى وكيل الملك المقتص ليتولى متابعة المخالفين ويحاط رئيس المجلس الجماعي علما بذلك في حين أ ن هذا الأخير في إطار القانون الحالي هو الذي يقوم بتقديم هذه الشكوى لوكيل الملك ويحيط العامل بذلك.
كما أن المادة 65 من قانون 90-12 تجيز للعامل حالبة البناء بدون إذن سابق أو إنجازه في منطقة غير قابلة للإنجاز أو أن البناء غير مطابق للإذن أن يأمر بهدم جميع أو بعض البناء المخالف للضوابط المقررة بحيث أن إمكانية العامل في الأمر بالهدم تتسم بالجوازية وليس بطابع الإلزام وهو ما تداركه مشروع رقم 04-04 حيث نص على أن إجراء الهدم يتسم بطابع إلزامي واستعمل عبارة " يجب على العامل" كما أن العامل كان يقوم بالإذن بالهدم بعد طلب من رئيس المجلس الجماعي مما يفيد معه أنه يمتنع على العامل إتحاد أي إجراء إذا لم يتوصل بطلب بذلك من رئيس المجلس الجماعي وأظنه مقتضى أضاف سلطات جديدة للعامل في إطار مخالفات التعمير.
ورغم حسنات مشروع رقم 04-04 بخصوص إجراءات ضبط المخالفات فإنه أغفل مجموعة من الأمور حاول المشرع مدونة التعمير لسنة 2007 تداركها حيث أنه من خلال استقرائنا للمادة 417 منه نجد أن ضباط الشرطة القضائية يقومون بعد تحرير محضر معاينة المخالفة بتوجيه هذا الأخير إلى العامل وذلك داخل أجل ثلاثة أشهر وهو أجل لم يقم التنصيص عليه في المادة 65 من قانون 04-04 كما أن العامل هو ملزم بتوجيه هذا المحضر إلى وكيل الملك داخل أجل ثلاثة أيام بهدف تحريك المتابعة مباشرة ودون انتظار حصول المخالفات المنصوص عليها في المادة 66 كما هو الحال في مشروع رقم 04-04.
وبذلك فإنه في إطار الفصل 418 من مشروع مدونة التعمير يمكن القول بأن تحرير محضر
المخالفة يؤدي تلقائيا إلى تحريك المتابعة من قبل العامل داخل أجل سريع وهو ثلاثة أيام كما يتم توجيه نسخة من هذا المحضر إلى رئيس المجلس الجماعي وكذا مدير وكالة التعمير وتوجه إلى المخالف.
وبمجرد ما يتلقى العامل محضر معاينة المخالفة فإنه يقوم إذا كانت أشغال البناء ما زالت متواصلة بتبليغ المخالف لضوابط التعمير بوقف الأشغال وذلك بواسطة قرار المكتوب ومعلل ويتم إعلام رئيس المجلس البلدي.
المطلب الثاني: العقوبات المقررة لمخالفة التعمير والبناء في إطار مشروع قانون 04-04.

تتجلى أهم أنواع العقوبات في قانون التعمير 90-12 في الغرامات المالية وبعض العقوبات الإضافية ذلك أن مشروع القانون 04-04 جاء بمستجدات جديدة فيما يتعلق بأنواع العقوبات حيث تناول العقوبات السالبة للحرية ( الفقرة الولى) ثم الغرامات وبعض العقوبات الإضافية ( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: العقوبات السالبة للحرية المتعلقة بمشروع قانون 04-04.

إن قانون التعمير رقم 90-12 نص على مجموعة من العقوبات المخلة بالأنظمة والقوانين المتعلقة بالتعمير والسكنى وبذلك بهدف ردع الأفراد وجميع المتدخلين في الميدان العقاري وقد تميز هذا القانون بكونه نص على نوع خاص من العقوبات ويتجلى في الغرامات وبعض العقوبات الإضافية الشيء الذي جعل هذه العقوبات لا تكون زاجرة بما فيه الكفاية للمخالفين.
وقد استحدث المشرع المغربي في إطار مشروع قانون 04-04 مقتضيات جديدة هادفا لتعزيز الصفة الردعية والزجرية التي يجب أن يتسم بها كل قانون يهدف ضبط المخالفة المعاقب عليها ولعل أهم المخالفات المستحدثة في هذا الإطار هي العقوبات الحبسية التي تطال الأشخاص الذين يقومون ببناء منشآت تخل القوانين أو بعض المسؤولين عن تجاوزاتهم بهذا الخصوص.
ويلاحظ أن مشروع قانون 04-04 تدرج في معامله مه العقوبات الحبسية حسب خطورة كل مخالفة وما تنتجه في تعامله مع العقوبات الحبسية حسب خطورة كل مخالفة وما تنتجه من ضرر في ميدان التعمير.

*العقوبات الحبسية عند مخالفة نظام رخص البناء والسكن.
نصت المادة 71 من مشروع قانون 04-04 على عقوبات حبسية تطال كل من خالف القواعد المتعلقة برخص البناء حيث أن العقوبات تكون اللآتي:
-يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة واحدة من باشر بناء من غير الحصول على رخصة البناء المنصوص عليها في المادة40.
-يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر كل من أدخل تغييرات على بناية من البنايات القائمة دون الحصول على رخصة البناء أو تشييد بناية خلافا للرخصة المسلمة له أو تغيير الأحجام أو المواقع المأذون فيها أو المساحة المقرر بناؤها أو الغرض المخصص له.
-يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات كل شخص حاصل على رخصة البناء يقوم بتشييد خلافا للرخصة المسلمة له.
-يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات كل شخص شيد بناء في منطقة غير مفتوحة أو ممنوعة للتعمير أو فوق الملك العام للدولة.
-وهذه العقوبات السالبة للحرية تكون مرفوقة دائما بالغرامات المالية حيث أن هذا القانون إما أنه ينص على لعقوبتين السالبة للحرية والمالية في مواجهة المخالفات وإما أنه ينص على تطبيق إحدى هاتين العقوبتين فقط.
وبرجوعنا مشروع مدونة لسنة2007 نجدها تنص أيضا على عقوبات سالبة للحرية لكنها أقل مقارنة مع مشروع قانون 04-04 ذلك أن العقوبات السالبة للحرية تطال من قام بتشييد بنايات بدون الحصول على رخصة البناء بالحبس من شهر إلى شهرين وغرامة من3000 إلى 15000 أو إحدى هاتين العقوبتين.
وبمقارنتنا للمادة 71 من مشروع قانون 04-04 والمادة 427 من مشروع مدونة التعمير نلاحظ أن المشرع تراجع فيما يتعلق بالعقوبات الحبسية والمالية ( الغرامات) وخفض منها في إطار مشروع المدونة ذلك المادة 71 من قانون 04-04 من محجفة نوعا ما حيث أن العقوبات تصل إلى خمس سنوات في حال بناء منشئات في منطقة مفتوحة وللملك العام وهو أمر غير مستساغ ذلك أن سياسة الردع والعقاب يجب أن تراعى الموازنة بين الضرر الحاصل والعقوبة وكذا حسن نية أو سوء نية المخالف وإقرار بالتالي استثناءات وظروف تخفف العقوبة.
لذلك فالمادة 74 من المدونة خفضت من العقوبة المقررة سابقا حيث نصت على عقوبة حبسية من سنة إلى ثلاث سنوات لكنها احتفظت بنفس العقوبة المالية( الغرامات) والمتمثلة في غرامة من 300.000 د إلى مليون درهم.
أما فيما يتعلق بمخالفة الأنظمة المتعلقة برخص السكن فإن مشروع رقم 04-04 قد تعامل مع هذا النوع من العقوبات بنوع من اللين مقارنة بالعقوبات المقررة لمخالفة رخص البناء حيث نص على عقوبة حبسية تتراوح ما بين شهر واحد إلى ثلاثة أشهر بالإضافة إلى الغرامة لكل شخص مالك مبنى فردي يقطن فيه قبل الحصول على رخصة السكن وتضاعف هذه العقوبة أي تصل ما بين ثلاثة أشهر إلى سنة وغرامة مالية كل مالك لمبنى يجعله في متناول غيره لاستعماله قبل الحصول على رخصة السكن أو شهادة المطابقة.
العقوبات الحبسية المتعلقة بمخالفة تدابير السلامة وضوابط البناء.
تنص المادة 72 من مشروع قانون 04-04 على عقوبة حبسية تتراوح ما بين ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة في مواجهة كل من ارتكب مخالفة للقواعد المقررة في ضوابط التعمير او البناء العامة او الجماعات فيما يتعلق باستقرار ومتانة البناء ولا سيما بعدم احترام ضابط البناء المضاء للزلزال وبخطر استخدام بعض المواد والطرق في البناء وبالتدابير المعدة للوقاية من الحريق.
وبخلاف ما سبق فإن المادة 73 من نفس المشروع خفضت من العقوبة الحبسية حيث نصت على عقوبة من ثلاثة أشهر إلى سنة في مواجهة كل شخص خرق القواعد المقررة في ضوابط البناء فيما يخص الأحجام او المواقع المأذون فيما او المساحة المباح بناؤها أو شروط التهوية او التجهيزات التي تهم النظافة او الصحة العامة.
ونلاحظ انه مقابل ذلك أن مشروع مدونة التعمير قد خفضت من العقوبات السابقة حيث نصت في المادة 429 على معاقبة مرتكب كل مخالفة تتعلق بقوانين التعمير والبناء فيما يتعلق بمعايير الواجهات الخارجية والنظافة بعقوبة تتراوح ما بين شهر إلى شهرين وغرامة مالية.
الفقرة الثانية: العقوبات المالية والعقوبات الإضافية في مشروع قانون 04-04


*العقوبات المالية ( الغرامات).
باستقرائنا لمجموعة النصوص المتعلقة بقانون التعمير 90-12 والتي تم تغييرها وتتميمها بمشروع 04-04 نجد أن المشرع أراد أن يتلع سياسة للتغريم تتسم بالشدة والصرامة تكون وسيلة رادعة لمواجهة المخالفات في مجال التعمير بخلاف الأمر فإن قانون 90-12 الحالي ينص على مجموعة من الغرامات لا تصل إلى مستوى وطبيعة التغريم في المشروع الجديد 04-04.
لا والمادة 71 مثلا من قانون 90-12 تنص على غرامة قدرها يتراوح ما بين 10000د إلى 100000د لمخالفة الحصول على رخصة البناء بينما تنص نفس المادة المغيرة بمقتضى مشروع قانون 04-04 بخصوص نفس المخالفة على غرامة تتراوح ما بين 50000د 300000د الأمر الذي يوضح طابع التشديد في التعامل مع هذه المخالفات نفس الأمر نجده في المادة 72 من قانون 90-12 حيث تعاقب بغرامة ما بين 10000 إلى 100000 د على كل مخالفة للقواعد المقررة في ضوابط التعمير والبناء العامة في حين أن نفس المادة في إطار مشروع 04-04 تعاقب هذه المخالفات بغرامة تتراوح ما بين 200000 إلى مليون درهم.
كما أن المواد 73 و 74 و 75 و 76 تسير في نفس الاتجاه وهو مضاعفة الغرامات المالية وهو الأمر الذي سار غليه مشروع مدونة التغيير بحيث نلاحظ أنها كثيرا ما حافظت في مواردها على نفس الغرامات باستثناء حالات قليلة قامت بالزيادة فيها وهو نهج تشريعي يعكس رغبة الدولة في لردع من جهة ومن جهة أخرى الحصول على موارد مالية مهمة.
*العقوبات الإضافية في مشروع قانون 04-04.
تتجلى أهم العقوبات الإضافية في مشروع قانون 04-04 في الإمكانية التي يتوفر عليها العامل من أجل الأمر بوقف الأشغال وحجز المعدات والأدوات ومواد البناء المحجوزة مع الحفاظ على حقوق الغير حسن النية ذلك أن المادة 66 من المشروع في معرض حديثها عن قيام العامل بإيداع شكوى لدى وكيل الملك المختص ليتولى متابعة المخالفين أمكنه كإجراء إضافي حجز المواد والمعدات المرتكبة بها المخالفة بهدف وقف الأشغال وإغلاق الورش ووضع الأختام.
بالإضافة على الحجز والإغلاق على الحجز والإغلاق هناك عقوبة إضافية تحكم بها المحكمة عند إدانة المخالف وتتمثل في مصادرة المعدات والأدوات ومواد البناء المحجوزة سابقا مع حفظ حق الغير الحسن النيةى.
والمصادرة هي عقوبة جنائية إضافية منصوص عليها في القانون الجنائي تطال المخالف عند ارتكابه للمخالفات ولا بد أن يصدر بها حكم من طرف المحكمة حتى تكون قانونية وهو ما نصت عليه المادة 80 من المشروع حيث جاء فيها :" يكون كل بناء كيفما كان نوعه يتم تشديد ه فوق الملك العام خرقا لأحكام المادة 80 المقررة أدناه بالرغم من كل طعن موضوع مصادرة لفائدة الدولة او الجماعة المحلية أو هدم يتم تلقائيا من طرف العامل بمبادرة منه أو بناء على طلب من مسير الملك العام المعنى على نفقة المخالف".
بالإضافة على ذلك فإن الأحكام الواردة أعلاه المتعلقة بالمصادر والهدم على البنايات المشيدة خرقا للقواعد الجاري بها العمل على الأراضي المخصصة لإدارة الدفاع الوطني وفي هذه الحالة يقدم الطلب إلى العامل من قبل السلطة المكلفة بالدفاع الوطني.
والملاحظ أن قانون 90-12 الحالي لا ينص على مصادرة والحجز كعقوبتين إضافيتين وهو أمر تم تداركه في مشروع 04-04 لأنه من المعقول أن تتم هذه المصادرة لجميع المواد التي كانت وسيلة لارتكاب المخالفات.
كما أن هناك عقوبة أخرى تتمثل في الهدم الذي يأمر به العامل حيث لأن المادة 68 قررت أنه في حالة ارتكاب مخالفات تتعلق بضوابط متانة البناء ومطالبته للرخص وجب على العامل بعد إخبار رئيس المجلس الجماعي بذلك وبعد إيداع شكوى لدى النيابة العامة أن يأمر بهدم جميع أو بعض البناء المخالف للضوابط المقررة و8هو نفس ما جاء في المادة 68 من قانون 90-12.
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع في قانون 04-04 قد سمع في طائفة لأشخاص المخاطبين بالعقوبات المتعلقة بالمخالفات حيث نجد أن المادة 75 مكررة من المشروع تعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى أربع سنوات وبغرامة مالية من 100000 د إلى 500000 د أو إحدى هاتين العقوبتين فقط رئيس المجلس الجماعي أو نائبه المفوض من لدنه لهذا الغرض الذي يسلم رخصة للبناء دون التعهد بالمسطرة المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل فيما يخص تسليم الرخصة المذكورة.
غير أنه إذا لم يتم بشكل كلي أو جزئي إنجاز المبنى موضوع رخصة البناء المسلمة بصفة غير قانونية فإن رئيس المجلس الجماعي أو نائبه المفوض من لدنه لهذا الغرض لا يعاقب إلا بغرامة من 2000 د إلى 20000 درهم.
كما يتحمل رئيس المجلس الجماعي أو نائبه المسؤولية المدنية الشخصية تجاه الأشخاص الذين لحقهم الضرر نتيجة المخالفات ويمكن لهؤلاء إصلاح الأضرار اللاحقة بالأغيار وعند تعذر ذلك يتم إصلاح الضرر من طرف الجماعات المحلية وقيد المبالغ الضرورية في ميزانيتها ضمن فصل النفقات الإلزامية.
ويترتب عن إدانة رئيس المجلس الجماعي ونائبه المفوض من لدنه عن المخالفات استقالتهما بصفة نهائية تلقائيا من جميع المهام الانتخابية أو عن صعيد الإقليم وفقدان الأهلية للترشيح لمدة عشر سنوات لكل انتداب أو مهمة انتخابية محلية.
ذلك أن المشرع المغربي أصبح ينحو منحى مساءلة المؤسسات الساهرة على تطبيق قانون التعمير بيد ان الواقع أثبت أن هؤلاء المسؤولين يساهمون بقسط مهم في ارتكاب هذه المخالفات خاصة فيما يتعلق برخص البناء والسكن وانتشار الرشوة إلى غير ذلك من الوسائل الملتوية فالمشرع المغربي يريد زجر وردع جميع المخالفات كيف ما كان مصدرها ونوعها هادفا من وراء ذلك وضع جميع مشهد عمراني سليم وكذا الرقي بالحكامة على مستوى الجماعات المحلية.

المبحث الثاني : أحكام التجزئات العقارية على ضوء مشروع القانون 04 – 04 المتعلق بسن أحكام تتعلق بالسكنى و التعمير .

للتجزئات العقارية دورا هاما في الرفع من المستوى العمراني لمدننا ، و يقصد بها عمليات تقسيم و تجزيء الأراضي الواقعة بمحيط المناطق المبنية و التي تهدف إلى إنشاء و تنمية أحياء جديدة و تشكيل تجمعات سكانية جديدة[4] لذلك فقد لقي موضوع التجزئات العقارية اهتماما تشريعيا مهما تمثل في إصدار مجموعة من الظهائر[5] كان آخرها ظهير 17 يونيو 1992[6] و الذي يعتبر طفرة نوعية على مستوى قطاع التعمير و السكنى ببلادنا، إلا أنه و اعتبارا لكون قطاع التعمير قطاع ديناميكي متطور، يضاف إليه أهداف الدولة الرامية إلى القضاء على السكن غير اللائق و توفير شروط السكن السليم والكريم ، كلها اعتبارات جعلت المشرع يفكر في إعادة النظر في التشريعات والنظم الجاري بها العمل لتلائم الواقع الطارئ في مجال البناء والتعمير ولتستجيب لمتطلبات المستقبل[7]، وفي هذا السياق تم إعداد مشروع قانون 04 – 04 الذي أدخل عدة تغييرات وتعديلات على القانون 25 – 90 و التي سنحاول الكشف عنها من خلال مواد هذا المشروع و ذلك من خلال المطلبين التاليين :
المطلب الأول : مستجدات مشروع القانون 04 – 04 على مستوى المراقبة القبلية لعمليات التجزئة.

يتطلب إحداث التجزئات العقارية مجموعة من الإجراءات الإدارية بدءا بتقديم طلب الإذن بالتجزئة و انتهاء بإجراءات البيع أو الكراء أو القسمة ، و ذلك بهدف إحداث تجزئات قانونية تستجيب لمعايير السكن السليم و الكريم ، و لجمالية مدننا ، و لذلك سنحاول من خلال هذا المطلب تتبع أهم المستجدات سواء على مستوى الهيئات المتدخلة في عمليات التجزئة ( الفقرة الأولى ) أو على مستوى آجال منح رخص التجزئة (الفقرة الثانية ):
الفقرة الأولى: مستجدات مشروع القانون 04 – 04 على مستوى الهيئات المتدخلة في عمليات التجزئة

لقد جاء مشروع القانون 04 – 04 بالجديد على مستوى الهيئات المتدخلة في عمليات التجزئة ، و هكذا فبينما تنص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون 25 – 90 على أن الإذن في القيام بإحداث التجزئات العقارية يسلمه رئيس مجلس الجماعة الحضرية أو القروية ، فإن المادة الثالثة من المشروع تنص على أن هذا الإذن يسلم من طرف رئيس المجلس الجماعي بدل رئيس مجلس الجماعة الحضرية أو القروية ، وهو مصطلح ينسجم مع مقتضيات القانون 00 – 78 المتعلق بالميثاق الجماعي ، كما أن هذا الإذن لا يمكن تسليمه إلا بعد موافقة وكالة التعمير و المقصود بها الوكالة الحضرية، وهو مقتضى مهم على اعتبار أن الوكالة الحضرية هي الأعلم والأدرى بشؤون التعمير والبناء ، كما جاءت الفقرة الثالثة من نفس المادة بمقتضى جديد يتمثل في إعداد الإذن بإحداث التجزئة العقارية وفق نموذج محدد من طرف الإدارة ، وهو مقتضى من شأنه توحيد العمل على المستوى الوطني .
و من المقتضيات الهامة التي جاء بها المشروع ما تضمنته المادة 17 منه و هو إحداث جهاز المنسق ليتولى مهمة السهر على حسن تنفيذ الأشغال وفقا للرسومات و المستندات و دفتر الشروط و ذلك قبل إفتتاح الأشغال، ويتم اختياره من طرف صاحب التجزئة و هذا المنسق يجب أن يكون إما مهندسا معماريا أو مهندسا مختصا أو مهندسا طوبوغرافيا ، و يبلغ هذا التعيين إلى علم العامل ورئيس المجلس الجماعي ووكالة التعمير أو الإدارة المختصة عند الاقتضاء .
ومن المهام المنوطة به طبقا للمادة المذكورة مسك دفتر للورش يوضع رهن إشارة المتدخلين في عمليات التعمير والتجزئة ليدونوا فيه ملاحظاتهم.ويتعلق الأمر على الخصوص بالأجهزة المكلفة بالماء والكهرباء والصرف الصحي و الوقاية المدنية ..إلخ كما يجب عليه إخبار العامل ووكالة التعمير و عند الاقتضاء الإدارة المختصة بأي عيوب يعاينها في تنفيذ الأشغال كما أن لجنة التسليم المؤقت للأشغال ، تعتمد على ما هو مدون بهذا الدفتر ومقارنته بما هو موجود على أرض الواقع عن طريق المعاينة والانتقال إلى عين المكان و ذلك قبل منح التسليم المؤقت للأشغال [8]
و نظرا لجسامة المهام المنوطة بالمنسق فإن المشرع جعله شريكا في أعمال التجزئة تطالها العقوبات المنصوص عليها في القانون 25 – 90 و التي نرجئ الكلام عنها إلى المطلب الثاني .
فإذا ما أقرت لجنة التسليم المؤقت بتحقق و سلامة أشغال إحداث التجزئة العقارية فإن رئيس المجلس الجماعي يسلم للمعني بالأمر الإذن بمباشرة عمليات البيع و الكراء و القسمة و ذلك بعد أخذ موافقة وكالة التعمير أو الإدارة المختصة عند الإقتضاء[9] أما المادة 59 من القانون 25 – 90 فإنها لا تلزم المجلس الجماعي بأخذ موافقة السلطات المذكورة و إنما يمكن أخذ رأيها فقط .
و ما يمكن اعتباره تراجعا إلى الوراء في هذا المشروع هو ما نصت عليه المادة 43 منه ، فالمادة 43 من القانون 25 – 90 تتطلب الحصول على رخصة للبناء حتى و لو كانت التجزئة توجد خارج المناطق التي يفرض فيها الحصول على هذه الرخصة ، أما المادة 43 من المشروع فاكتفت بالنص على تشييد المباني في التجزئات يكون مشروطا بالحصول على رخصة البناء، وهو ما يعني أيضا بمفهوم المخالفة أنه يمكن إحداث بناء بدون رخصة بشرط ألا يكون بالتجزئات وهو أمر غير مقبول. وتخضع المجموعات السكنية التي تتألف من وحدات لها مميزات متشابهة لمسطرة خاصة فيما يتعلق بتسليم رخصة البناء تحدد بنص تنظيمي وبالتالي فإن ما تضمنته المادة 43 من المشروع يتنافى ومجهودات الدولة الرامية إلى تنمية الجماعات القروية .
الفقرة الثانية : مستجدات مشروع القانون 04 – 04 فيما يخص نظام منح رخص التجزئة العقارية .

من المستجدات التي أتى بها المشرع أيضا تلك المتعلقة بأجال منح رخص التجزئة العقارية، وهكذا بعدما دققت المادة السادسة من المشروع صياغة المادة السادسة من القانون 25 – 90 ، أضافت مقتضى جديد يتمثل في أن الإذن بالتجزئة لا يمكن أن يتم إلا إذا كانت هذه الأخيرة تستجيب لمقتضيات تصاميم التنطيق وتصاميم التهيئة بالإضافة إلى التصاميم توجيه التعمير و الأحكام المتعلقة بضوابط البناء وهذين الضابطين الأخيرين تمت إضافتهما من أجل احترام شروط الأمن والسلامة في بناء التجزئات العقارية
وقد أضاف المشروع المذكور المادة السادسة مكررة والتي تضمنت مقتضيات مهمة تتمثل في أن الإذن بإحداث التجزئة يجب تسليمه إلى المعني بالأمر داخل أجل أقصاه شهر واحد في حالة وجود وثيقة تعمير موافق عليها بصفة قانونية و داخل آجل أقصاه ثلاثة أشهر في غياب هذه الوثيقة، لكن كيف يمكن تصور تسليم الإذن في أحداث تجزئات عقارية دون وجود وثيقة تعميرية؟ كما أن هذا الأمر قد يؤدي إلى إحداث تجزئات يمكن القول عشوائية بالرغم من إحداثها بناءا على إذن من السلطة المختصة على اعتبار أن وثيقة التعمير قد تأتي غير ملائمة وموافقة للتجزئة .
وفي حالة ما إذا تأخرت وكالة التعمير في إبداء رأيها بخصوص الإذن بإحداث التجزئة العقارية فإن رئيس المجلس الجماعي ملزم بإخبار العامل بذلك لاتخاذ ما يراه مناسبا وفي حالة ما إذا رفض رئيس المجلس الجماعي طلب الإذن بإحداث التجزئة العقارية فإن قراره هذا يجب أن يكون معللا .
وإذا مرت مدة شهر في حالة وجود وثيقة تعميرية أو ثلاثة أشهر في غيابها دون صدور قرار عن رئيس المجلس الجماعي بالقبول أو الرفض فإن سكوته هذا يعتبر بمثابة رفض لتسليم الإذن بإحداث التجزئة العقارية عكس ما تنص عليه المادة الثامنة من القانون 25 – 90[10] و في كلا الحالتين ( أي في حالة الرفض الصريح أو الضمني ) فإنه من حق طالب الإذن أن يلتمس من السيد العامل إعادة دراسة طلبه و ذلك داخل أجل 10 أيام من تاريخ انقضاء الأجل المذكور .
و لذلك فمسألة الإذن الضمني لم يبقى له وجود في المشروع ، و ما يؤكد ذلك هو أن المادة الحادية عشر من القانون 25 – 90 ، حيث نصت المادة 11 من المشروع على أن الإذن في القيام بالتجزئة يسقط إذا انقضى أجل ثلاث سنوات ابتداء من تاريخ تسليم الإذن دون أن يقوم صاحب التجزئة بإنجاز أشغال التجهيز ، و حسنا فعل واضعوا المشروع لأن المجلس الجماعي كما نعلم لا ينعقد إلا في دورات محددة إلا في حالة استثنائية ، و قد يحدث أن تمر مدة ثلاثة أشهر دون انعقاد المجلس و يحصل طالب التجزئة على الإذن الضمني و هو ما قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.
المطلب الثاني : مستجدات مشروع القانون 04 – 04 على مستوى زجر مخالفات إحداث التجزئات العقارية .

في سبيل تدعيم الأحكام التي جاء بها مشروع القانون 04 – 04 فإن المشرع قد أضاف عقوبات يمكن وصفها بالمهمة ، حيث تم النص على عقوبات حبسية كما تم النص على معاقبة رئيس المجلس الجماعي بالإضافة إلى الرفع من قيمة بعض الغرامات المالية و يتجلى ذلك من خلال قراءة مواد المشروع .
الفقرة الأولى : على مستوى الأجهزة المكلفة بمعاينة المخالفات .

من خلال المادة 66 من المشروع يلاحظ أن معاينة المخالفات المنصوص عليها في المواد 63 – 64 – 65 ، تعود لضباط الشرطة القضائية و المأمورون المكلفون لهذا الغرض من طرف العامل و هذا المقتضى من مستجدات المشروع حيث لم يكن منصوص عليه في المادة 66 من القانون 25 – 90 ، التي كانت ترجع معاينة المخالفات إلى ضباط الشرطة القضائية و الموظفون الذين يعتمدهم الوزير المكلف بالتعمير للقيام بهذه المأمورية ، أو موظفو الجماعة الحضرية أو القروية الذين يعتمدهم لذلك رئيس مجلس الجماعة المختص.
وهكذا يلاحظ أن المادة 66 من المشروع قد حددت بدقة من له الاختصاص في معاينة المخالفات ، وهو مقتضى إيجابي جاءت به المادة 66 متجاوزة بذلك تضارب و تداخل الاختصاص الذي يمكن أن يحدث نتيجة عدم تحديد بدقة من له الحق في معاينة المخالفات هل هم موظفوا الدولة المعتمدين من قبل الوزير المكلف بالتعمير أم موظفو الجماعة الحضرية و القروية المعتمدين من قبل رئيس المجلس الجماعي . لأن هذا التضارب على المستوى الاختصاص يؤدي بشكل أو بآخر إلى عرقلة عمليات المتابعة و الحد من فعاليتها.
وبعد معاينة هذه المخالفات يقوم المأمور بتحرير محضر بشأنها يوجهه في أقصر الآجال إلى وكيل الملك و عامل العمالة أو الإقليم و رئيس المجلس الجماعي ومدير وكالة التعمير أو الإدارة المختصة عند الاقتضاء وكذا إلى مرتكب المخالفة ، فيلاحظ إذن أن وكالة التعمير أصبح لها دورا مهم في عملية التجزئة العقارية ، وهو مقتضى إيجابي لأن الوكالة الحضرية هي أولى في رأينا من المجلس الجماعي لأنها هي المختصة في قضايا التعمير والبناء و باعتبارها تتوفر على الأدوات والأليات والأطر الكفأة لمراقبة عمليات التجزئة العقارية .
الفقرة الثانية : مستجدات مشروع القانون 04 – 04 على مستوى العقوبات الجنائية .

في حالة ثبوت ارتكاب المخالفة فإن مرتكبها سيواجه بالإضافة إلى الغرامات المالية عقوبات حبسية و هي من أهم المقتضيات التي جاء بها مشروع القانون 04 -04 .
وهكذا نجد المادة 63 من المشروع تنص على أنه " يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات و بغرامة من 100.000 إلى 1.000.000 درهم إحداث تجزئة أو مجموعة سكنية .....دون الحصول على الإذن المنصوص عليه في المادة 2 من هذا القانون " و هذا على عكس المادة 63 من القانون 25 – 90 التي كانت تكتفي بفرض غرامات مالية دون العقوبات الحبسية كما نجد أن المادة 63 من المشروع قد أضافت مقتضى آخر حيث نصت في فقرتها الثانية على أنه :" يعاقب بالحبس من سنة واحدة إلى خمس سنوات و بغرامة من 200.000 إلى 2.000.000 درهم إحداث تجزئة عقارية أو مجموعة سكنية في منطقة ممنوعة أو غير مفتوحة للتعمير أو فوق الملك العام ." و هذا المقتضى لم يكن منصوص عليه في المادة 63 من القانون 25 – 90 بل تعتبر من الإضافات التي جاء بها المشروع .
إضافة إلى ذلك نجد العقوبة المنصوص عليها في المادة 64 من المشروع و ذلك في حالة بيع أو إيجار أو قسمة بقعه من تجزئة أو مساكن من مجموعة سكنية أو عرض ذلك للبيع أو الإيجار إذا كانت التجزئة أو المجموعة السكنية لم يؤذن في إحداثهما أو لم تكونا محل التسليم المؤقت للأشغال .حيث نصت المادة بالإضافة إلى الغرامات المالية و التي بقيت كما كانت عليه في القانون 25 – 90 على عقوبات حبسية تتراوح بين ستة أشهر و ثلاث سنوات و لعل ما يمكن ملاحظته بالنسبة للمادة 64 مقارنة بالمادة السابقة هو أنها أعطت إمكانية الاختيار بين الغرامة المالية و العقوبات الحبسية على عكس المادة السابقة ، و لعل ذلك راجع إلى اختلاف في خطورة المخالفة المرتكبة .
كما ينص المشروع في المادة 65 منه على أن مخالفة أحكام المادة 58 .والمتملثة في القيام بمجموعة من التصرفات كالبيع ، والقسمة. دون الحصول على إذن سابق للتقسيم يترتب عنها عقوبة حبسية تتراوح بين 6 أشهر و3 سنوات، وغرامة مالية من 100.000 إلى 1.000.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق