الجمعة، 11 ديسمبر 2015

المنازعات القضائية للجماعات

دورية حول ضبط المنازعات القضائية للجماعات المحلية                                                                                                                                                     المملكة المغربية                                                                                 الرباط،في...................
وزارة الداخلية
المديرية العامة للجماعات المحلية
مديرية الشؤون القانونية والدراسات
والتوثيق والتعاون
رقم................ق م م/4



من وزيـر الداخليــة
إلـى

السادة الولاة وعمـال
عمالات وأقاليم المملكـة


الموضـوع : دورية حول ضبط المنازعات القضائية للجماعات المحلية


سلام تام بوجود مولانا الإمام ،وبعد ، لقد حظيت المنازعات القضائية للجماعات المحلية خلال السنين الأخيرة بأهمية كبيرة من لدن المصالح المختصة بهذه الوزارة نظرا لما ل ها من تأثير مباشر على تدبير الشأن المحلي. وقد تجسد هذا الاهتمام في الدوريات والمناشير التي ما فتئت هذه الوزارة تصدرها من أجل تنوير وإرشاد الجماعات المحلية وتحسيسها بأهمية تدبير هذا الميدان على الشكل المطلوب.

غير أن المتابعة المنتظمة لتطور القضايا المرفوعة ضد الجماعات المحلية و لمدى تنفيذ مقتضيات الدوريات الصادرة بهذا الشأن، أظهرت أن هذا القطاع لا يزال لم يحظ بالعناية و الاهتمام الكافي من لدن المصالح المحلية المختصة .
فقد تبين من خلال دراسة جداول القضايا التي عرفتها الجماعات المحلية كمدعى عليها خلال الفترة الانتدابية السالفة، أن عدد المنازعات القضائية و الأحكام الصادرة ضدها وحالات عدم تنفيذ هذه الأحكام قد تصاعد بشكل كبير نتيجة لعدد من الثغرات والإختلالات القانونية و المسطرية التي شابت عملها أثناء تدبيرها لهذا القطاع فضلا عن تسجيل تهاون وعدم اهتمام من جانبها طيلة مدة سريان الدعوى أمام القضاء.

أ‌- إشكالية تزايد عدد الدعاوى القضائية

ففيما يتعلق بالتزايد المستمر لعد المنازعات القضائية ضد الجماعات المحلية، فقد تبين أن تصاعد عدد القضايا المرفوعة أمام المحاكم ، يرجع بالأساس إلى عدة عوامل ذاتية وموضوعية سبق و أن تم معالجتها في عدد من الدوريات و المناشير السابقة. وتتمثل هذه العوامل على الخصوص فيما يلي:
- عدم إعداد دراسة مادية وقانونية للوقائع والظروف المحيطة بالعمل الذي أقدمت عليه الجماعة وكذا عدم تقدير الأسباب التي تم الاستناد إليها ؛
- عدم احترام النصوص القانونية والتنظيمية المعمول بها في كل موضوع تطلب تدخل أو عمل الإدارة مثل الإقدام على احتلال ملك الغير دون اتباع مسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة ؛
- الإمتناع لأسباب وحجج واهية ، عن التعويض عن نزع الملكية من أجل المنفعة العامة ؛
- الامتناع عن أداء الديون المترتبة في ذمة الجماعة والناتجة عن عقود التوريد والأشغال و الخدمات ؛
-الاعتداء على ملك الغير من أجل القيام بمشروعات جماعية دون اتباع مسطرة نزع الملكية و بدون تعويض؛
- التدخلات المادية للإدارة التي تؤدي إلى إحداث أضرار مادية للغير نتيجة عدم اتخاذ الإجراءات الإحترازية .
-عدم الالتزام بالوفاء بالديون المترتبة في ذمة الجماعة نتيجة تعاملها مع الخواص داخل الآجال القانونية .

ب‌- صدور الأحكا م ضد الجماعات المحلية

يرجع ازدياد صدور الأحكام و القرارات القضائية ضد الجماعات المحلية إلى عدة عوامل أساسية تم استقراؤها من حيثيات الأحكام الصادرة من مختلف المحاكم . وتتمثل هذه العوامل خصوصا فيما يلي :

- اتخاذ رؤساء المجالس المحلية لقرارات بدون أن تكون مؤسسة على أسباب واقعية ، وهو ما يعتبرها القضاء تصرفا مشوبا بعيب التجاوز في استعمال السلطة يبرر الإلغاء ؛
- عدم إدلاء الإدارة بأي تعقيب عن المذكرات داخل الآجال القانونية وعدم قدرتها على إثبات ادعاءاتها ؛
-عدم تنفيذ الأحكام في إبانها ، مما يجعل الجماعة عرضة لدعاوى أخرى يصدر بشأنها أحكام بالغرامات التهديدية أو أوامر بالحجز على أموالها؛
-عدم تتبع الدعوى في جميع مراحلها ابتدائيا واستئنافيا وأمام المجلس الأعلى ؛
- عدم وجود محامين متعاقدين مع الجماعة ممن تتوفر فيهم الكفاءة المطلوبة للدفاع والاستعداد الدائم لتقديم الاستشارة القانونية ؛

ولا يخفى عليكم ما تشكله هذه الأحكام من مساس بمصداقية الجماعة وسمعتها إزاء مواطنيها ولما لها من تأثير على ميزانيتها، خصوصا عندما تعجز عن التنفيذ و يؤدي الأمر إلى الحجز على أموالها.

ج -تنفيذ الأحكام القضائية

إن ما يثير الإنتباه هو أن معظم الجماعات المحلية المحكوم عليها لا تولي أهمية خاصة لتنفيذ الأحكام، متذرعة بعدة مبررات لا سند لها في أغلب الأحيان ، وهذا ما يشكل احتقارا للأحكام القضائية وخرقا لمبدأ قدسية القضاء ودولة الحق والقانون . وقد تفاقمت هذه الإشكالية إلى حد أن أصبحت مثار عدة تساؤلات و شكايات ترد على هذه الوزارة، كما شكلت موضوع عدة اجتماعات مع عدد من الإدارات الحكومية وخاصة مع وزارة العدل من أجل تجاوز هذه المشكلة وإيجاد حل لها .

وبهذه المناسبة ، أذكركم بالمناشير والدوريات التي صدرت عن هذه الوزارة والتي يظهر أنها لم تأخذ القسط الأوفر من الاهتمام من لدن المجالس الجماعية.
ومن هذه المناشير والدوريات التي صدرت في الموضوع ما يلي :
- الدورية رقم 55 م م م بتاريخ 23 أبريل 1996 حول تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة الجماعات المحلية .
- منشور عدد 121 ق م م/ 3 بتاريخ 1/10/1998 حول تنفيذ الأحكام والقرارات النهائية .
- منشور 120 ق م م/ 3 بتاريخ 9 غشت 2000 حول ضرورة تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية .

وبهذا الصدد، أثير انتباهكم إلى أن امتناع الجماعات المحلية عن تنفيذ الأحكام القضائية شكل في كثر من الحالات مصدر أحكام بالغرامات التهديدية أو مصدر أوامر بالحجز على أموالها . و لا يخفى عليكم ما لهذه الأوامر من انعكاسات على مصداقية الجماعة أولا وعلى أداء مرافقها العمومية ثانيا وهو الأمر الذي يجب تنبيه الجماعات المحلية إليه و العمل على تفاديه.
هذا، ويعود امتناع الجماعات المحلية عن التنفيذ بالأساس إلى اعتقادها بعدم وجود وسائل جبرية تلزمها بالإمتثال إلى الأحكام القضائية الصادرة ضدها من جهة وإلى استنادها إلى مبدأ عدم جواز الحجز على الأموال العمومية من جهة أخرى .
غير أن هذا الإعتقاد ينطوي على كثير من الخطورة، فالمحاكم المغربية دأبت على إصدار أوامر بالحجز على أموال الجماعة كلما امتنعت عن تنفيذ أحكام بأداء دين لفائدة الغير بدون مبرر قانوني، واعتبرت أن الأمر بالحجز هو وسيلة لضمان استيفاء الدين المطلوب أداؤه . و إذا كان المتفق عليه فقها و قضاءا أنه لا يمكن حجز الأموال العمومية إلا في حالة التخصيص، فإن هذا المبدأ يتم استبعاده في حالة الإمتناع دون مبرر قانوني عن تنفيذ حكم قضائي نهائي حائز على قوة الشيئ المقضي به.

و نظرا لتداعيات عدد الدعاوى و عدد الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات المحلية على ميزانياتها و ما تخلفه من انعكاسات سلبية على السير العادي لمرافقها العمومية، فإن معالجة هذه الإشكالية و الحد منها أصبحت ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى. و هذا لن يتأتى إلا بتحسيس المجالس الجماعية بمدى خطورتها والعمل على ضبط منازعاتها القضائية و ذلك باتخاذها للتدابير القانونية و المادية التالية:

1- إحداث مصلحة مختصة بالمنازعات
فكما سبق الذكر، فإن تزايد عدد الدعاوى المرفوعة على الجماعات المحلية وصدور أحكام ضدها هو راجع بالأساس إلى انعدام جهاز داخل الإدارة الجماعية مختص بهذا الميدان يتوفر على اختصاصات واضحة ومؤطرا بالعنصر البشري ذو الكفاءة القانونية التي تؤهله للسهر على تسييره .

وتجدر الإشارة في هذا الباب أنه سبق لي بواسطة دوريتي عدد 162 م ج م/ ق م م/ 3 بتاريخ 22 مايو 1991 المتعلقة بضبط المنازعات القضائية للجماعات المحلية بأن طلبت منكم حث رؤساء المجالس الجماعية التابعة لدائرة نفوذكم للقيام بإحداث مثل هذه المصلحة من أجل دعم و مساعدة المجلس الجماعي في القضايا ذات الطابع القانوني مما يبعد المجلس الجماعي الوقوع في أخطاء قانونية ومسطرية ينتج عنها صدور أحكام قضائية تكلفه أعباء مالية هو في غنى عنها .

هذا وحتى تضطلع هذه المصلحة بمهامها التي أحدثت من أجلها فإنه يتعين تحديد مجال اختصاصها على الشكل التالي:

-استقبال الشكايات والتظلمات الواردة على الجماعة وتهييء أجوبة عنها بتنسيق مع المصالح الجماعية الأخرى المختصة ؛
-إعانة رئيس المجلس على القيام بإجراءات رفع الدعاوى أمام المحاكم بالتنسيق مع المصلحة الجماعية المختصة بموضوع النزاع ومحامي الجماعة إن وجد ؛
- مسك سجل للمنازعات القضائية يتضمن الخانات التالية: (الرقم التسلسلي . رافع الدعوى . موضوع الدعوى . مراحل الدعوى. ملخص الحكم النهائي . مآل الحكم . ملاحظات )؛
- فتح ملف عن كل قضية على حدة وترقيمه وتحيينه تبعا لمراحل الدعوى ؛
- استقبال الاستدعاءات والمقالات الافتتاحية من لدن المحاكم المختصة ؛
- إخبار رئاسة المجلس الجماعي بموضوع النزاع قصد اتخاذ ما يلزم في شأن الدعاوى المرفوعة ؛
- جمع عناصر الدفاع بتعاون مع المصالح الجماعية الأخرى المختصة معززة بالوثائق الضرورية؛
- ربط الاتصال مع محامي الجماعة إن وجد ؛
- التعاون مع الوكيل القضائي للمملكة وإيفاؤه بالوثائق والمعلومات التي يطلبها تحت إشراف سلطة الوصاية ؛
-تتبع إجراءات الدعوى و إطلاع رئاسة المجلس الجماعي بجميع مراحلها بالتنسيق مع محامي الجماعة إن وجد ، وإثارة مسألة الإذن بالتقاضي خلال الجلسة الأولى التي تعقدها المحكمة طبقا للقانون ؛
- العمل على حيازة نسخ من الأحكام الصادرة في حينها إما من المحكمة مباشرة ، أو عن طريق محامي الجماعة إن وجد ؛
- دراسة الأحكام واستغلالها وتوجيه استفسار لمحامي الجماعة إذا ثبت تقصير أو تهاون في الدفاع عن حقوق الجماعة ؛
- استئناف ونقض الأحكام الصادرة داخل الأجل القانوني ؛
- إعداد عناصر دفاع جديدة إذا اقتضى الأمر ذلك بتعاون مع المصالح الجماعية المختصة ؛
- تتبع عملية تنفيذ الأحكام النهائية بالتنسيق مع المصالح الجماعية المختصة ؛
- استشارة رئاسة المجلس من أجل برمجة المبالغ المحكوم بها ضمن مشروع الميزانية الجماعية المقبلة ؛
- توجيه نسخ من الأحكام الصادرة إلى الجهات المعنية ( القابض ، وكالة المداخيل ، وكالة المصاريف ، المصلحة الجماعية المختصة بموضوع النزاع ، الإدارة المركزية ...) ؛
- ملئ جداول المنازعات القضائية طبقا لمنشوري عدد 158 بتاريخ 22 مارس 1990 وتوجيها في نهاية كل سنة إلى الإدارة المركزية؛
- طلب استشارات من الإدارة المركزية كلما دعت الضرورة إلى ذلك.

و مما لاشك فيه أن هذه الإختصاصات لا يمكن ممارستها على الوجه المطلوب دون تدعيم المصلحة الجماعية المختصة بأطر ذات كفاءة ولها دراية كافية بالشؤون القانونية والإدارية .

2- تعيين محامي للدفاع عن مصالح الجماعة :

من المعلوم أن تعيين محامي للدفاع عن مصالح الجماعة أمام المحاكم ذو أهمية كبيرة ، ذلك أن رئيس المجلس الجماعي وإن كان هو الممثل القانوني للجماعة أمام القضاء ، فقد لا يكون متفرغا للحضور أمام المحكمة كما قد لا تكون له الكفاءة القانونية التي تمكنه من الدفاع على مصالح الجماعة على أحسن وجه وهو ما يؤثر سلبا على سير الدعاوى أمام القضاء ضد الجماعة .
ولهذه الأسباب لجأت العديد من الجماعات وخاصة البلديات إلى التعاقد مع محامين لمدة معينة مقابل مبلغ جزافي يؤدى في آخر السنة المالية.

غير أن ما يلاحظ على هذه الاتفاقيات هو أن معظمها لا تتضمن الشروط الأساسية التي تلزم المحامي بأداء مهمته بالكيفية المطلوبة طيلة مدة التعاقد، بما في ذلك المقتضيات الخاصة بفسخ العقد إذا ما تخلف عن أداء مهمته .
و لذا يجب إعادة النظر في الاتفاقيات المبرمة مع المحامين بالشكل الذي يجعل المحامي ليس فقط مدافعا عن الجماعة أمام المحاكم حين إخباره بالدعوى ، بل يجب أيضا أن يكون مستشارا لها في كل القضايا التي تتطلب استشارات قانونية ، هذا إضافة إلى المراقبة والتتبع لنشاط هذا المحامي تفاديا لكل تهاون من جهته .

هذا ، وإذا كانت طريقة التعاقد مع محامي للدفاع عن مصالح الجماعة مقابل مبلغ مالي جزافي يؤدى في نهاية السنة المالية هي مجدية في أغلب الأحيان بالنسبة للبلديات وخاصة بالنسبة لتلك التي تعرف قضايا متنوعة طوال السنة، فإنه بالنسبة للجماعات القروية، ونظرا لقلة إمكانياتها المادية ، يستحسن اللجوء إلى المحامي في كل قضية على حدة مقابل أتعاب يتفق عليها حسب حجم القضية ومضمونها. فهذه الجماعات عادة لا تعرف قضايا كثيرة تستدعي التعاقد مع محامي مقابل مبلغ سنوي قد يستنزف ماليتها بدون فائدة .

ومن أجل أن تتمكن المصالح المختصة بهذه الوزارة من الاستمرار في إرشاد وتوجيه الجماعات المحلية فيما يتعلق بضبط منازعاتها القضائية ومساعدتها على تفادي كل الثغرات والاختلالات المؤدية إلى تورطها في نزاعات قضائية، أطلب منكم دعوة رؤساء المجالس الجماعية إلى موافاتي في آخر كل سنة بجدولين اثنين :
- الأول يتعلق بالدعاوى المرفوعة ضد الجماعات المحلية. ويجب أن يتضمن المعطيات التالية : الجماعة المدعى عليها – المدعي- ملخص موضوع الدعوى- مآل الدعوى ( مراحلها).
- أما الثاني فيتعلق بالأحكام القضائية النهائية ويجب أن يتضمن المعطيات التالية :
الجماعة المدعى عليها– المدعي– ملخص موضوع الدعوى – مآل الحكم : ( نفذ مع ذكر كيفية التنفيذ – لم ينفذ مع ذكر أسباب عدم التنفيذ – في طور التنفيذ مع ذكر الإجراءات المتخذة لتنفيذه ).

وعليه ، أهيب بكم العمل على تعميم مضمون هذه الدورية على رؤساء المجالس الجماعية التابعة لدائرة نفوذكم و دعوتهم قصد التقيد بما جاء فيها والسهر على متابعة تطبيق المقتضيات الواردة بها مع إيلاء أهمية خاصة لمسألة تنفيذ الأحكام و القرارات القضائية النهائية الصادرة في مواجهة الجماعات المحلية احتراما لسيادة المشروعية وقدسية القضاء ودعما لدولة الحق و القانون.
والســلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق