الجمعة، 11 ديسمبر 2015

قراءة تحليلية لمظاهر اختلال تدبير النفقات المحلية

قراءة تحليلية لمظاهر اختلال تدبير النفقات المحلية
مكاوي نصير
- أستاذ زائر بكلية الحقوق سلا

-باحث في المالية العامة والقانون الضريبي
أصبحت الجماعات المحلية من أهم الشركاء الجدد للدولة، حيث يتقاسمان أعباء تدبير الشأن العام عن طريق توزيع ونقل الاختصاصات وتحويل الأموال ، وقد جاء ذلك نتيجة تأثير متغيرات داخلية ودولية استوجبت التقليل من دور الدولة وتكثيف تدخلات الجماعات .
هذا المنطق فرض على مجموعة من الدول الأوروبية إصلاح القطاع العام المحلي Secteur public local، وأهم الدول التي انخرطت في هذا الاتجاه فرنسا التي عرفت عدة إصلاحات لنظامها المحلي ولماليتها المحلية، وذلك بداية من المراجعة الدستورية في28 مارس 2003 ومرورا بإصدار القانون المنظم للاستقلال المالي للجماعات الترابية في 29 يوليوز 2004 وهو ما استدعى المغرب إلى محاولة الانفتاح على آليات الحكامة المالية لتجاوز الإكراهات القانونية والتنظيمية التي تعرفها المالية المحلية ومحاولة وضع ضوابط تحكم العلاقات المالية بين الدولة والجماعات المحلية لتفعيل آليات النجاعة المالية المحلية.
ونتيجة لإنفتاح الميزانيات المحلية على متطلبات الحكامة المالية، فقد أضاف الفقه الفرنسي إلى القواعد التقليدية للميزانية المحلية ( السنوية، التوازن، الشمول...) قواعد حديثة أطلق عليها المبادئ الحديثة للحكامة المالية المحلية، وهي مبدأ الشفافية المالية le principe de transparence financière ، ومبدأ صدق الميزانية le principe de sincérité.
إن المبادئ الحديثة للحكامة المالية المحلية تستوجب النجاعة والفعالية بالأخص في تدبير النفقات المحلية، خصوصا وأن هذه الأخيرة تعرف تزايدا ملحوظا بسبب تعدد مجالات تدخل الجماعات المحلية وظهور تحديات أصبحت تستوجب تجاوزها عبر توفير التجهيزات المحلية والبنيات التحتية الضرورية وتكتيف مستويات الاستثمارات المحلية، خصوصا أن الجماعات المحلية تعد أول مستثمر عمومي بأوربا .
ويعد الإنفاق المالي المحلي محركا للتنمية الاقتصادية المحلية وإعداد التراب ، ونتيجة لذلك فالنفقات تساهم في خفض مستوى البطالة باعتبار الجماعات المحلية خلية للاقتصاد المحلي، وهذا ما أكده بيان الأسباب الوارد في القانون المتعلق بالجهات في المغرب حينما نص على أن الجهات تعد أداة رئيسية ومحددة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ، وما يزكي هذا الطرح هو تزايد الاهتمام في السنوات الأخيرة بالجهات، حيث أصبح الحديث عن أقطاب جهوية للتنمية les pôles régionaux de développement وذلك لتخفيف التمركز الاقتصادي على مستوى محور البيضاء القنيطرة والانفتاح على أقطاب جهوية جديدة.
إن تدبير النفقات المحلية يكتسي راهنية وأهمية نظرا لتزايد حجم النفقات المحلية، فقد شكل مبلغ نفقات الجماعات المحلية سنة 2005 حوالي 13450 مليون درهم أي بنسبة 10,70% مقارنة بالنفقات العمومية ونسبة 2,94% من الناتج الداخلي الإجمالي .
فتزايد حجم النفقات المحلية هو نتيجة طبيعية لتزايد مجالات الإنفاق المحلي نظرا لتعدد الاختصاصات المحلية والاهتمام المتنامي بالتجهيزات والاستثمارات، فالنفقات والاستثمار تعد مؤشرات لإعطاء نظرة عامة حول الوضعية المالية للقطاع العام المحلي بدول الاتحاد الأوروبي panorama de la situation financière du secteur public local.
كما تظهر راهنية موضوع تدبير النفقات المحلية من خلال تنامي الحديث عن ظاهرة تبذير المال العام المحلي وتزايد الاهتمام بمجال المراقبة المالية للجماعات المحلية خصوصا في شقها القضائي، حيث أكد المجلس الأعلى للحسابات أنه " يستهدف تقييم الخدمات التي تقدمها المرافق العمومية الجماعية بالنظر إلى مبادئ الحكامة الجيدة وقواعد الكفاءة والاقتصاد في استعمال الموارد العمومية" .
وما يؤكد هذه الراهنية هو إصدار قانون 08-45 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها، فضلا عن ارتباط تدبير النفقات المحلية بقواعد المحاسبة المطبقة على الجماعات المحلية، خصوصا وأن أغلب قواعدها تقادمت مما أدى إلى تعديلها بموجب المرسوم المتعلق بسن نظام للمحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها .
من هذا المنطلق يمكن التساؤل حول مظاهر اختلال تدبير نفقات الجماعات الترابية بالمغرب ومدى انعكاسها على جودة تدبير الإنفاق على المستوى المحلي؟
وسيتم معالجة هذا الإشكال انطلاقا من التصميم التالي:
المبحث الأول: عدم تكافؤ النفقات المحلية والمردودية المحلية
المطلب الأول: هيمنة نفقات التسيير على نفقات التجهيز المحلي
أ- تنامي نفقات التسيير
ب- تواضع نفقات التجهيز المحلي
المطلب الثاني: تواضع مردودية النفقات المحلية
أ‌- على مستوى التنمية المحلية
ب- على مستوى التجهيزات المحلية
المبحث الثاني: تعقد مساطر وآليات تدبير النفقات المحلية.
المطلب الأول: تعدد المتدخلين في تدبير النفقات المحلية
أ- المتدخلون في تدبير النفقات المحلية
ب- تعقد قواعد المحاسبة المحلية
المطلب الثاني: تباين مستويات الرقابة على النفقات المحلية
أ- المراقبة القبلية السابقة
ب- المراقبة البعدية اللاحقة
إن تشخيص طبيعة النفقات المحلية ومعرفة واقع تدبيرها يقتضي بداية الأمر تحليل مجالات النفقات المحلية ومدى انعكاس تلك المجالات على مردودية النفقات المحلية، لأن هذه الأخيرة تعد ثاني مؤشر لقياس وتقييم النفقات المحلية بعد المؤشر الرئيسي وهو مقارنة نسبة النفقات المحلية مع نسبة نفقات الدولة ومع الناتج الداخلي الإجمالي PIB .
و يعد ربط مجالات الإنفاق المالي المحلي بالمردودية على المستوى المحلي مدخلا لأجل البحث عن مكامن ضعف مردودية النفقات، عبر محاولة تحليل آليات ومساطر تدبير النفقات المحلية من خلال قواعد المحاسبة المحلية، ثم الانتقال إلى تقييم طبيعة الرقابة المطبقة على النفقات المحلية ومدى فعاليتها في الحد أو التخفيف من الاختلالات التي تعتري سوء التدبير المحلي بشكل عام.
المبحث الأول: عدم تكافؤ النفقات المحلية والمردودية المحلية.
يقصد بذلك اللاتوازن بين حجم النفقات المحلية من جهة ومردودية هذه النفقات من جهة أخرى، فالإنفاق تستتبعه المردودية، هذه الأخيرة تمكن من القياس الكمي للنفقات المحلية، على عدة مستويات، سواء على مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية أو على مستوى التجهيزات المحلية، بمعنى أن مردودية النفقات تظهر من خلال الإنجازات المحلية على أرض الواقع، وهذا يتلاءم مع مؤشرات النجاعة والتحليل بالنتائج من خلال محاولة معرفة تأثير النفقات المحلية على الفرد les dépenses par habitant ، لكن الواقع الفعلي يظهر عدم الكشف عن معطيات رقمية وإحصائيات كمية في هذا الاتجاه .
يعرف بعض الفقه المالي النفقة المحلية بأنها " مبلغ من المال تقتطعه إحدى الجماعات المحلية من أموالها قصد إشباع حاجة عامة محلية" ، ومن الملاحظ هنا أن هذا التعريف تنقصه الدقة لأنه لا يمكن إعتبار النفقة المحلية بأنها مبلغ من المال بقدر ما هي ترجمة للاعتماد إلى نفقة وبذلك يمكن اعتبارها استعمال للاعتمادات ، وهو ما دهب إليه البعض حين اعتبر أن النفقة المحلية هي عملية استعمال الاعتمادات من طرف شخص عمومي (جماعة محلية) بقصد إشباع حاجات عامة محلية .
وبذلك فالنفقة المحلية تنطوي على عناصر أساسية:
- أنها ذات طابع مالي أو نقدي؛
- أنها تنجز من طرف شخص عمومي ( الجماعة المحلية)؛
- أنها تهدف إلى إشباع حاجة عامة محلية .
وعنصر إشباع الحاجات العامة المحلية يعني أن تهدف تحقيق نفع عام يعود على السكان المحليين، بمعنى تغطية عدة مجالات: فما هي مختلف مجالات الإنفاق المالي المحلي؟
لقد جرى تقسيم النفقات المحلية إلى نفقات عادية وأخرى غير عادية أو استثنائية ، لكن الفقه المالي تجاوز هذا التصنيف نحو تصنيفات أخرى أهمها نفقات التسيير المحلي في مقابل نفقات الاستثمار المحلي.
لكن رغم أهمية هذا التقسيم الأخير إلا أنه لا يكشف بدقة عن عدالة تقسيم الإنفاق المحلي، فهو لا يبين طبيعة النفقات المحلية حسب مجالاتها الاقتصادية والاجتماعية والإدارية وحتى التقنية منها. وهذا ما جعل بعض الفقه يعمل على تصنيف النفقات المحلية حسب مجالاتها سواء منها المتعلقة بالموظفين أو المتعلقة بالتدخلات الاقتصادية للجماعات المحلية ، بالإضافة إلى المجالات الثقافية والبيئية والرياضية.
إن مجالات الإنفاق المالي المحلي متعددة بتعدد الحاجيات العمومية المحلية سواء الحاجيات الفردية أو الجماعية للساكنة المحلية ، وبذلك فتلبية هذه الحاجيات تقتضي تخصيص نفقات توصف حسب المجال التي تنتمي إليه سواء الاقتصادي أو الاجتماعي أو الإداري...
المطلب الأول: هيمنة نفقات التسيير على نفقات التجهيز المحلي
هذه الهيمنة تفسرها عدة أسباب أفرزت مجتمعة تزايد ملحوظ لنفقات التسيير وهو ما يؤثر بالضرورة على نفقات التجهيز ويؤدي إلى تراجعها نتيجة لروابط التأثير والتأثر.
وقد شكلت نفقات تسيير الجماعات المحلية سنة 2006 ما مجموعه 12.729.365.200 درهم أي حوالي % 91,93 من مجموع نفقات الجماعات المحلية.
أ‌- تنامي نفقات التسيير
يقصد بنفقات التسيير مجموع النفقات المدرجة بالجزء الأول المتعلق بعمليات التسيير، فقد نصت المادة 6 على ما يلي : " تشتمل الميزانية على جزئين:
- الجزء الأول تدرج فيه عمليات التسيير سواء فيما يخص المداخيل أو النفقات.
- الجزء الثاني يتعلق بعمليات التجهيز ويشمل جميع الموارد المرصدة للتجهيز والاستعمال الذي خصصت له...".
وقد حددت المادة 39 من قانون 45.08 نفقات التسيير كما يلي:
" تشتمل تحملات الجماعات المحلية على :
- نفقات تسيير المصالح: الموظفون والأعوان والصيانة والأدوات والتوريدات والمصاريف المالية المتعلقة بإرجاع الدين والإمدادات الممنوحة والمساهمات في عمليات ذات فائدة محلية أو وطنية وتحملات أخرى مختلفة...".
وتجدر الإشارة إلى أن مصاريف الإدارة العامة تهيمن على نفقات التسيير، فقد شغلت ما يناهز9.641.173.919 درهما سنة 2006 أي بنسبة % 75,73 من مجموع نفقات التسيير، وتشكل نفقات الموظفين لوحدها ما مجموعه 7.344.095.281 درهما أي بنسبة % 57,69 من مجموع نفقات التسيير وهو ما يوضح الطابع المهيمن لنفقات الموظفين ضمن نفقات التسيير.
هذا الطابع المهيمن يفسره تضخم الوظيفة الجماعية، حيث بلغ عدد موظفي الجماعات المحلية سنة 2006 ما مجموعه 149.541 موظف في مقابل 439.269 موظف بالنسبة للدولة وبذلك فالموظفين المحليين يشغلون نسبة %40,25 ضمن العدد الإجمالي لموظفي الدولة . وبذلك فالوظيفة الجماعية أصبحت تشكل عبئا ماليا كبيرا على الميزانيات المحلية وتستهلك أغلب المصاريف المرصودة لنفقات التسيير، فالجانب الإداري لا زال يغطي نسبة كبيرة ضمن مجموع الإنفاق المحلي وهو ما يجعل الجماعات المحلية وحدات تميل إلى الاستهلاك أكثر من الاستثمار، فالمنظور الاقتصادي للجماعات المحلية يعتبرها مقاولات يقتضي تخفيف نفقات التسيير لصالح نفقات التجهيز لكون هذه الجماعات تميل بطبيعتها الاقتصادية إلى التماثل مع الطابع ألمقاولاتي.
كما يرجع الطابع المهيمن لنفقات التسيير إلى تزايد نفقات أخرى كنفقات الوقود واستهلاك الماء والكهرباء ، فمصاريف استهلاك الطاقة الكهربائية تشكل عبئا كبيرا على ميزانيات التسيير ، وقد أقر التقرير السنوي للمجلس الأعلى الحسابات لسنة 2007 مجموعة من الاختلالات على مستوى نفقات التسيير، كتحمل بعض الجماعات لمصاريف استهلاك الماء والكهرباء خاصة بمنشآت أخرى ، والاستعمال غير القانوني للسيمات Vignettes الخاصة باستهلاك المحروقات .
هذه الاختلالات تستوجب العمل وفق آليات التدبير المحكم والعقلاني للنفقات ، وإخضاع التقديرات الخاصة بنفقات التسيير لمبادئ الحكامة المالية، عبر الارتكاز على العقلانية والفعالية والدقة والمسؤولية، بالإضافة إلى تطبيق الأنظمة الخاصة بالنفقات من خلال:
* بالنسبة لنفقات الموظفين:
- حصر نفقات الموظفين.
- تجميد خلق المناصب المالية وحصر عمليات التوظيف في الكفاءات الغير متوفرة وفي حدود الحاجيات الفعلية .
* بالنسبة لنفقات استهلاك الماء والكهرباء: ترشيد استهلاك الماء والكهرباء والهاتف واستعماله وفق قواعد الاقتصاد والفعالية والنجاعة.
* بالنسبة لنفقات التسيير الأخرى: التحكم في نفقات استهلاك الوقود والزيوت والحد من وثيرة نموها، بالإضافة إلى ضبط عمليات اقتناء أدوات ولوازم المكتب والنظم المعلوماتية .
عموما يلاحظ أن هيمنة نفقات التسيير ظاهرة ليست خاصة بالمغرب لوحده، بل هي ظاهرة تعرفها كذلك التجربة الفرنسية ، لكن بنسب متفاوتة مع المغرب، وهو ما حدى بالدول الأوروبية إلى محاولة ضبط نفقاتها المحلية، نظرا لوجود إكراهات مالية تحد من حرية الإختيار بالجماعات المحلية وتأثير ذلك على الوضعية المالية لبعض الجماعات المحلية بأوربا، مما أفرز جماعات في وضعية سيئة خصوصا على مستوى التجربة الألمانية ، ونتيجة لذلك تدخلت الدول الأوربية للحد من العجز المالي المحلي، والتحكم في نفقات الجماعات المحلية خصوصا نفقات الموظفين .
وهكذا فنفقات التسيير ترتبط ارتباطا وثيقا بنفقات التجهيز، هذا الارتباط يبدو مثل ترابط الأصل والفرع، فهل يمكن الارتقاء بنفقات التجهيز من مرتبة الفرع إلى رتبة الأصل، خصوصا وأن نفقات التجهيز ترتبط بالتدخلات الاقتصادية للجماعات المحلية؟
ب- تواضع نفقات التجهيز المحلي
إن نفقات التجهيز على المستوى المحلي ترتبط بالفائض على مستوى نفقات التسيير، فكلما تمت عقلنة النفقات المحلية وترشيدها إلى المستوى المطلوب إلا وتمكنت الجماعة من تحقيق فائض في نهاية السنة، وهذا الفائض هو الذي يبرمج ضمن استثمارات تؤدي إلى نفقات التجهيز، أما في حالة تضخم نفقات التسيير فان ذلك يؤدي إلى ضعف الفائض أو انعدامه وبالتالي انعدام وضعف نفقات التجهيز، كما أن الجماعات المحلية ليست على نفس القدر من الإمكانات، فهناك جماعات كبيرة وغنية تتمكن من تحقيق فائض يخصص للتجهيز وهناك جماعات فقيرة تعيش على إعانات الدولة وبالتالي فهي لا تتوفر على إمكانيات تغطي بها نفقات تسييرها فبالأحرى نفقات التجهيز، وهذا يستوجب بالضرورة التحكم في نفقات التسيير لأجل الحصول على الفائض، وبالتالي الارتقاء بنفقات التجهيز إلى مستوى يمكنها من تغطية إمكانيات التجهيز، وتمكين الجماعات المحلية من التدخل الاقتصادي الفعال سواء على المستوى المباشر أو غير المباشر.
إن نفقات التجهيز تنصرف إلى تلك النفقات الواردة بالجزء الثاني من الميزانية المتعلق بالتجهيز، فالميزانية تشتمل على جزئين :
- الجزء الأول: تدرج فيه عمليات التسيير سواء فيما يخص المداخيل أو النفقات.
- الجزء الثاني: يتعلق بعمليات التجهيز ويشمل جميع الموارد المرصدة للتجهيز والاستعمال الذي خصصت لأجله.
وقد جاءت المادة 39 بتعداد نفقات التجهيز كما يلي:
" تشتمل تحملات الجماعات المحلية على :
- نفقات تسيير المصالح...
- نفقات التجهيز: الأشغال الجديدة والبنايات والطرق والتجهيزات ذات النفع المحلي واستهلاك رأسمال الدين المقترض والإمدادات الممنوحة وحصص المساهمات في الإنجازات ذات الفائدة المحلية أو الوطنية التي تهم الجماعات المحلية".
يظهر من خلال قانون 45.08 أنه لا يوجد تحديد لمفهوم نفقات التجهيز حيث لم يقدم تعريفا لمفهوم التجهيز بل تضمن فقط تعداد لأنواع نفقات التجهيز، كالأشغال الجديدة والطرق والتجهيزات والمساهمات...، وتبعا لذلك يمكن اعتبارها تلك النفقات التي لاتكتسي طابع التكرار dépenses non répétitives.
ومن جهة أخرى فنفقات التجهيز تتوقف على مسألة الفائض excédent ، حسب ما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة 6 " إذا ظهر فائض تقديري في الجزء الأول وجب رصده بالجزء الثاني".
وبشكل عام يظهر الواقع الفعلي أن الجماعات المحلية يمكن تصنيفها إلى نوعين فيما يخص الفائض:
- النوع الأول: جماعات تحقق فوائض مالية وبذلك توجد في وضعية مالية عادية.
- النوع الثاني: جماعات تعاني من صعوبات مالية.
فالنوع الأول يوجد في وضعية مالية مرضية تمكنه من تغطية نفقات التسيير وتحقيق الإدخار الإجمالي من المداخيل، كما يمكنها الوفاء بالتزاماتها اتجاه صندوق التجهيز الجماعي وتوفير موارد استثمارية إضافية لتحقيق مشاريعها التنموية.
أما بالنسبة للنوع الثاني من الجماعات فغالبا ما يحقق عجزا، مما يجعلها تعاني من ضعف الادخار الإجمالي وعدم القدرة على مواجهة الأقساط السنوية للقروض، وهو ما يؤدي بها إلى الاعتماد على إعانات الدولة والاستفادة من حصة إضافية من منتوج الضريبة على القيمة المضافة المرصودة لفائدة الجماعات المحلية لإعادة توازناتها، وقد أبرمت هذه الجماعات بروتوكول إتفاق مع الوزارة الوصية، وقد أسفر هذا البروتوكول عن النتائج التالية:
- تمكن مجموعة من الجماعات من تحقيق إدخار إجمالي لكنه غير كاف لمواجهة أقساط القروض؛
- عدم تمكن مجموعة أخرى من تحقيق أي إدخار بسبب النسبة العالية لنفقات الموظفين بميزانيتها .
إن تحقيق نسب جيدة من الإدخار تمكن الجماعات المحلية من تعبئة اعتمادات مهمة لفائدة التجهيز .
كما سبقت ألإشارة إلى أن تواضع نفقات الاستثمار يرجع من جهة أخرى إلى استهلاك أغلب النفقات على مستوى نفقات التسيير، وذلك لوجود النفقات الإجبارية المدرجة بالميزانيات المحلية، وقد ورد التأكيد على إجبارية هذه النفقات بالمواد 24 و 41 و 42 و 43 من قانون 45.08 تحت طائلة تدخل سلطة الوصاية.
عموما فنفقات التجهيز تمكن من توفير التجهيزات والمشاريع العمومية المحلية وتشجيع الجماعات المحلية على الاستثمار وإنجاز البنيات التحتية كالطرق ومجاري المياه والتجهيزات الرياضية والثقافية ...، لكن وثيرة إنجاز التجهيزات والمشاريع العمومية المحلية لا تزال تتسم بالبطء الناتج عن التأخير في برمجة المبالغ المتوفرة برسم فوائض ميزانيات التسيير، وكذلك تراكم الاعتمادات المنقولة، حيث تظهر المعطيات أن بعض الجماعات المحلية تتوفر على مبالغ هامة مودعة بالخزينة العامة لا توظف، في حين أن هذه الجماعات تعرف خصاصا على مستوى التجهيزات .
المطلب الثاني: تواضع مردودية النفقات المحلية
بالرغم من تعدد مجالات الإنفاق المحلي فأن هذه المجالات تقتضي قياسها وفق مؤشرات مرقمة تمكن من تقييم انعكاس النفقات المحلية على مستوى التنمية المحلية (أ) والتجهيزات المحلية (ب).
أ- على مستوى التنمية المحلية
يعد النظام المالي المحلي في شموليته (سواء في شق النفقات أو المداخيل المحلية) من أهم الإشكاليات التي يعرفها الشأن المحلي بالمغرب، فهناك جماعات تتوفر على إمكانيات مالية مهمة وهناك جماعات خصوصا القروية تفتقر إلى كل شيء، حيث لا تكفي ميزانيتها حتى لتغطية مصاريف التسيير، قبل ألحديث عن التجهيز الذي يتطلب أغلفة مالية ضخمة.
وكما هو معلوم فالنفقات المحلية ترتبط ارتباطا وثيقا بحجم المداخيل المحلية، هذه الأخيرة هي التي تعكس حجم الاستقلال المالي المحلي خصوصا المداخيل الذاتية للجماعات المحلية ، فالمداخيل المحلية تحكم النفقات المحلية التي تعد أساس التنمية المحلية.
إن الميزانيات المحلية ليست وثيقة تقنية أو حسابية فقط، بل هي في مضمونها تشكل مجموعة من الاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبذلك فهي تستهدف عموم السكان أو فئة منهم، هذه الاختيارات هي أساس التنمية على الصعيد المحلي.
فقد تطور دور الجماعات المحلية، وانتقلت من دور المسير الإداري للمرافق العامة المحلية إلى وظيفة المشاركة في التنمية المحلية، هذه الأخيرة ظهرت كتعبير عن الرغبة في إعادة النظر في الاستراتيجية الاقتصادية المهتمة أساسا بالتوازنات الكبرى، فالتنمية المحلية هي وسيلة لتعويض الاختيارات الوطنية الكبرى بسياسات محلية أكثر دقة وملائمة.
إن الانتقال من النزعة المركزية – الدولة مركز تنمية المجتمع- إلى المقاربة المحلية التي تشرف بموجبها الجماعات المحلية على التدبير التنموي منذ الثمانينات تحت شعار أقل ما يمكن من الدولة، تم تكريس بدايته منذ القانون الصادر في 30 شتنبر 1976 الذي منح عدة اختصاصات للجماعات المحلية أهمها تلك التي تكتسي طابع اقتصادي وقد وطد الميثاق الجماعي لسنة 2002 المعدل والمتمم بموجب قانون 17.08 .
إن النصوص الجديدة تبنت عدة مقتضيات متعلقة بالتنمية المحلية، لكنها بالمقابل أغفلت الجوانب المتعلقة بالمالية المحلية، فضعف الاستقلال المالي للجماعات المحلية سينعكس على قدرة هذه الأخيرة على اتخاذ التدابير اللازمة لضمان النمو الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، خصوصا في ظل ازدياد تحملاتها واتساع دائرة نشاطاتها وتعدد مسؤولياتها.
وأبرز مظهر لإغفال المالية المحلية هو عدم تحويل موارد مالية للجماعات المحلية، رغم تحويل عدة اختصاصات كانت في السابق اختصاص أصيل للدولة، وهو ما أفرز ازدياد وتنامي حجم الاختصاصات المحلية مقابل استقرار الموارد المحلية، وهذا يزكي الوصاية المالية الممارسة على الجماعات المحلية من خلال اللجوء المتزايد للإمدادات والإقتراض .
وفي انتظار تفعيل الفصل 141 من دستور 2011 الذي كرس تحويل الموارد نتيجة تحويل الاختصاصات للجماعات الترابية بالمغرب، تبقى اغلب الجماعات الترابية تعاني من عجز مالي و ما يترتب عليه من عجز سوسيواقتصادي.
وقد كان للتجربة الفرنسية قدم السبق في هذا المجال، فنتيجة لتحويل الاختصاص للجماعات المحلية بفرنسا تم تحويل موارد كانت في الأصل للدولة، لصالح الجماعات المحلية بفرنسا، وقد تم تكريس ذلك منذ المراجعة الدستورية ل 28 مارس 2003 التي أقرت الفصل 72.2 وبعد ذلك تم تبني إصلاحين أساسين:
الأول: إصدار القانون التنظيمي المتعلق بالاستقلال المالي للجماعات المحلية في 29 يوليوز 2004 .
الثاني: إصدار القانون المتعلق بالحريات والمسؤولية المحلية في 13 غشت 2004 ونتيجة لذلك تم إسناد الجهات اختصاصات جديدة في مجال التكوين المهني سنة 2005 ، وبالمقابل تم تخويل الجهات الحق في الاستفادة من الرسم على الاستهلاك الداخلي للمنتوجات البترولية للجهات ( TIPP) Taxe de consommation Intérieure sur les Produits Pétroliers .
إن المالية المحلية تعد أداة للتوجيه الاقتصادي والاجتماعي انطلاقا من وظيفتها في مجال التنمية المحلية، والموارد المالية المحلية تعد الآلية التي تتحرك بها الجماعات المحلية في مجالات التنمية المحلية وتمويل التجهيزات والمشاريع التنموية .
وإجمالا يمكن القول إن القواعد المنظمة للنفقات المحلية سواء الواردة في قانون 45.08 أو التنظيم المالي للجماعات المحلية 1976 لم تتبنى قواعد تتعلق بالمردودية المتعلقة بالنفقات على المستوى القريب أو المتوسط أو حتى البعيد. وفي هذا الصدد يبدو أنه كان من الأفضل تخصيص قواعد خاصة بمردودية نفقات التسيير، على اعتبار أن المردودية تمتد إلى النتائج أو الحصيلة، لهذا يصعب قياس مردودية نفقات التسيير المحلية بالمغرب نظرا لعدم الكشف عن معطيات ومؤشرات مضبوطة. أما مجال التجهيز فهو مجال يمكن قياس المردودية فيه على اعتبار أنه يرتبط بتجهيزات ومشاريع استثمارية يمكن معرفة مردوديتها عبر أرقام مضبوطة ونتائج ملموسة، فالإنفاق المحلي المباشر أو غير المباشر على الاستثمار العمومي المحلي يندرج ضمن الأهمية الاقتصادية للمالية المحلية وهذه الأخيرة يمكن قياسها وتقييم نتائجها.
إن قياس مردودية النفقات المحلية على مستوى التنمية المحلية تعترضها صعوبات أهمها:
- عدم الكشف عن نسبة النفقات المحلية المنجزة بكل مجال سواء الاجتماعي أو الاقتصادي، بمعنى أن المعطيات الرقمية الصادرة على مستوى الجماعات المحلية لا تكشف عن مقدار النفقات، سواء على مستوى الصحة أو التعليم أو التجهيزات والبنيات التحتية أو التشغيل...
- عدم الكشف عن حجم النفقات بالنسبة لكل مواطن عكس المعطيات الصادرة عن فرنسا التي تقدم إحصائيات عن النفقات الإجمالية للجماعات الترابية لكل مواطن وهذا مؤشر أساسي، لأنه يمكن من تقييم النفقات حسب الفرد ويؤدي إلى الانتقال من نظرة إجمالية للنفقات إلى مدى استفادة كل فرد من النفقات المحلية.
- التناقض الحاصل بين احتياجات وأهداف الجماعات المحلية والآليات المخولة لتحقيق هذه الأهداف، فتعدد النفقات المحلية يقابله ضعف المداخيل المحلية .
ب- على مستوى التجهيزات المحلية
لقد أكدت المادة 36 من الميثاق الجماعي أن المجلس الجماعي يضع برنامج تجهيز الجماعة في حدود وسائلها الخاصة والوسائل الموضوعة رهن إشارتها، كما يقوم بكافة الأعمال التي من شأنها تحفيز وإنعاش تنمية الاقتصاد المحلي والتشغيل، وهي كلها إشارات تحيل إلى مجال التجهيز المحلي.
في حين أكدت ألمادة 39 من الميثاق الجماعي أن المجلس الجماعي يقرر إحداث وتدبير المرافق العمومية الجماعية خاصة في قطاعات التزويد بالماء الصالح للشرب والتطهير السائل والإنارة العمومية والدبح ونقل اللحوم والأسماك والسير والجولان وتشوير الطرق ووقوف العربات.
إن التنمية المحلية ترتبط ارتباطا شديد الصلة بالتجهيزات المحلية، فالتدخلات الاقتصادية للجماعات المحلية وتشجيع الاستثمارات الخاصة يقتضيان وجود تجهيزات محلية ، عبر توفير الطرق المحلية والقناطر والمناطق الاحتياطية للمؤسسات العالية التكنولوجيا Les espaces réservés aux entreprises de haute technologie والنقل وإنجاز المناطق الصناعية وتهيئتها، وتهيئة الأسواق (سواء الخاصة بالجملة أو الأسبوعية) والإنارة العمومية والواد الحار وشبكة الماء والهاتف .... وهي مجموعة من البنيات التحتية تسهل التدخل الاقتصادي للجماعات المحلية، وهو ما يطلق عليه محيط الجماعات المحلية.
فحياة الجماعات المحلية واستمرارها في تغطية اختصاصاتها مرتبط بوجود تجهيزات من مدارس ومستشفيات وقنوات الصرف الصحي، وهذا ما أكده تقرير Vivre ensemble بفرنسا .
إن التجهيزات المحلية تتطلب أغلفة مالية ضخمة ودراسات دقيقة، وهما شرطان غالبا لا يتوافران للجماعات الفقيرة التي ليست لها القدرة على تغطية مصاريف تسييرها، كما تفتقر إلى الموارد البشرية المؤهلة للقيام بالدراسات المتعلقة بالتجهيز، وهو ما يستدعي توفير موارد مالية قارة تخصص للتجهيز لسد العجز الذي يعرفه مجال التجهيز المحلي ، ومواكبة لامركزية الاختصاصات بلامركزية الوسائل المالية ، خصوصا على المستوى القروي، لان أغلب الجماعات القروية تعرف هشاشة التجهيزات القروية نظرا لضعف الموارد المخصصة للتجهيز .
المبحث الثاني: تعقد مساطر وآليات تدبير النفقات المحلية
تشكل النفقة المحلية قي جوهرها مجموعة من المساطر والآليات التي تكون في النهاية "نفقة"، وكلما اتصفت هذه المساطر بالوضوح والدقة وتجنب التعقيد كلما أفرزت بالضرورة سرعة ومردودية في الإنفاق.
ودراسة مساطر الإنفاق المحلي تقتضي التعامل مع مختلف المتدخلين فيها والمراحل التي تمر بها النفقة المحلية، وهذا يستلزم التعامل مع عدة نصوص قانونية سواء منها تلك الواردة بقانون 08-45 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية، هذا زيادة على النصوص المؤطرة للرقابة الممارسة على النفقات المحلية، التي تؤكد تعدد المتدخلين في تدبير نفقات الجماعات المحلية.
المطلب الأول: تعدد المتدخلين في تدبير النفقات المحلية
لم يوضح قانون 45.08 مسألة المتدخلين في تدبير النفقات المحلية، وبالرجوع إلى المرسوم المتعلق بسن نظام لمحاسبة الجماعات المحلية ومجموعاتها وبعض المواد الواردة بقانون 45.08 يلاحظ تعدد المتدخلين في مسلسل تدبير النفقات المحلية (أ)، فهناك تدخل كل من الآمر بالصرف والمحاسب العمومي للجماعات المحلية من جهة بالإضافة إلى تدخل سلطة الوصاية، هذا التعدد يعد نتيجة طبيعية لتعقد قواعد المحاسبة المحلية (ب).
أ- المتدخلون في تدبير النفقات المحلية
يعهد بعمليات تنفيذ النفقات المحلية إلى الآمرين بالصرف والمحاسبين المحليين، لكن هذا لا يعني أن تنفيذ النفقات يستأثر به الآمرون بالصرف والمحاسبين فقط، ففي بعض الحالات نجد أن سلطة الوصاية تتدخل في بعض الحالات الاستثنائية أثناء مرحلة تدبير النفقات.
1- تدخل الآمرين بالصرف والمحاسبين
* الآمرون بالصرف: عرفت المادة 5 من المرسوم الخاص بسن نظام المحاسبة العمومية للجماعات المحلية الآمر بالصرف بما يلي "يراد حسب مدلول هذا المرسوم بالآمر بالصرف لمداخيل ونفقات الجماعات المحلية ومجموعاتها، كل شخص له الصفة لأجل :
-اٍتباث الديون المستحقة للجماعة أو المجموعة المذكورتين وتصفيتها والآمر بتحصيلها.
- الالتزام بديون الجماعة أو المجموعة المذكورتين وتصفيتها والأمر بدفعها"
هذا التعريف يجمع بين المعيار الشكلي (كل شخص له الصفة) والمعيار الوظيفي (الالتزام بديون الجماعة أو المجموعة وتصفيتها والأمر بدفعها).
ونظرا لانحصار هذا الموضوع في النفقات المحلية دون المداخيل، فانه سيتم الاقتصار على توضيح مسطرة تنفيذ النفقات المحلية في جانبها المتعلق بالآمر بالصرف على الشكل التالي:
- الالتزام : بصدور المرسوم الجديد لمحاسبة الجماعات المحلية أصبح تحديد اكتر دقة لمفهوم الالتزام حيث أكد أن "الالتزام هو العمل الإداري الذي تحدت أو تثبت بموجبه الجماعة المحلية أو المجموعة التزاما من شانه أن يترتب عنه تحمل" .
وهناك بعض النفقات تعتبر ملتزما بها مند بداية السنة كالنفقات الدائمة مثل نفقات الموظفين والأكرية والاشتراكات والأقساط السنوية للاقتراضات، فهي نفقات تعتبر ملتزما بها في بداية السنة ، لكن بالمقابل توجد النفقات غير المستمرة، التي يقع الالتزام بها حينما يتقرر إجراؤها ويتم هذا الالتزام بوسائل مختلفة حسب نوع النفقة ومبلغها .
- التصفية: تهدف التصفية إلى التأكد من حقيقة الدين وحصر مبلغ النفقة ويباشر التصفية رئيس المصلحة المختص تحت مسؤوليته وبعد الاطلاع على السندات التي تثبت الحقوق المكتسبة للدائنين، ويراد برئيس المصلحة المختص الشخص المؤهل من طرف الآمر بالصرف المعني لتسلم الأشغال أو الخدمات أو التوريدات وليشهد على تنفيذ الخدمة قبل الإشهاد من طرف الآمر بالصرف، وعند عدم وجود رئيس مصلحة مختص يتولى الآمر بالصرف المختص مباشرة وتحت مسؤوليته القيام بالتصفية والإشهاد على تنفيذ الخدمة. وهنا يقوم الآمر بالصرف من التأكد من إنجاز الخدمة Le service a été fait عبر التأكد من الوثائق المثبتة les pièces justificatives ، حيث لا يجوز تصفية أي نفقة إلا بعد إثبات حقوق الدائن، ويكون الإثبات إما بشهادة تثبت إنجاز الخدمة أو بكشف تفصيلي يتضمن الكمية والمبلغ النقدي للتوريدات المسلمة أو الخدمات المقدمة أو الأشغال المنجزة .
- الأمر بالصرف: كان يطلق عليه سابقا وضع الحوالة وهو العمل الإداري الذي يحتوي طبقا لنتائج التصفية على الأمر بأداء الدين ويناط هذا العمل بالآمر بالصرف ، فألامر بالصرف من طرف الآمر بالصرف موجه للمحاسب العمومي يؤدي إلى الأمر بالأداء وهو عبارة عن وثيقة في شكل حوالة الأداء mandat de paiement ينبغي أن ترافقها الوثائق المثبتة .
ويقوم الآمر بالصرف تحت مسؤوليته بتسليم حوالات الأداء إلى المستفيدين مقابل إبراء بعد التعرف على هويتهم، ولا يمكن الأمر بالصرف إلا بعد إثبات حقوق الدائن، وبالمقابل يوجه الآمر بالصرف إلى القابض الحوالات والأوراق المثبتة لها.
عموما فالآمر بالصرف هو الرئيس في الجماعات الحضرية والقروية والعامل أو الوالي فيما يخص العمالات أو الأقاليم والجهات عكس ما هو مطبق بفرنسا حيث الآمر بالصرف هو العمدة Le maire بالنسبة للجماعات ورئيس المجلس الجهوي هو الآمر بالصرف بالنسبة للجهات .
- المحاسب العمومي للجماعة المحلية: وهو موظف أو عون مؤهل لتنفيذ عمليات المداخيل أو النفقات لحساب هذه الهيئات أو التصرف في السندات إما بواسطة أموال وقيم يتولى حراستها وإما بتحويل داخلي لحسابات وإما بواسطة محاسبين عموميين آخرين أو حسابات خارجية للأموال المتوفرة والتي يأمر بها ويراقب حركتها.
هذا التعريف حدد صفة المحاسب (موظف أو عون مؤهل) ثم وظيفته (تنفيذ المداخيل والنفقات) ثم حدد الآلية والأداة التي يتم بها هذا التنفيذ (بواسطة أموال وقيم أو بتحويل داخلي لحسابات...) ، وينقسم المحاسبون العموميون للجماعات المحلية إلى محاسبين رئيسيين ومحاسبين ثانويين ويصنفون إلى أربع أصناف :
- الخزنة الجماعيون المكلفون بالأداء؛
- القباض الجماعيون؛
- المحصلون الجماعيون؛
- الشسيعون.
إن وظيفة المحاسب المحلي فيما يخص النفقات تتجلى في أداء هذه الأخيرة، إما بأمر صادر عن الآمرين بالصرف المعتمدين وإما بعد الإطلاع على السندات التي يقدمها الدائنون وإما من تلقاء أنفسهم، وكذا الإجراء الواجب اتخاذه بشأن التعرضات وكل موانع الأداء الأخرى ، ويعينون من طرف وزير المالية وتطبق عليهم المقتضيات القانونية المتعلقة بمسؤولية المحاسبين العموميين.
2- تدخل سلطة الوصاية
يتعلق الأمر بمختلف التدخلات الصادرة عن سلطة الوصاية في مجال تنفيذ الميزانية، فرغم حضور سلطة الوصاية في كل مراحل إعداد وتحضير الميزانيات المحلية وكذا المصادقة عليها لأجل توحيد السياسات المحلية مع السياسة المركزية وتفادي الاختلالات، إلا أن هذا الحضور يتعدى مراحل الإعداد والمصادقة إلى مراحل تنفيذ النفقات المحلية.
هذا التدخل يطرح إشكال سياسي وأكاديمي وقد كرس التنظيم المالي للجماعات المحلية تدخل سلطة الوصاية على مستوى النفقات إنطلاقا من المادة 42 حين نص على: "يجب أن تتضمن ميزانية الجماعات المحلية ومجموعاتها الاعتمادات المتعلقة بالنفقات الإجبارية والموارد الضرورية لتغطيتها.
هكذا تقوم سلطة الوصاية تلقائيا بتسجيل كل نفقة إجبارية لم يتم إدراجها بميزانية الجماعات المحلية أو مجموعتها وتتخذ لهذا الغرض كل تدبير ضروري بما في ذلك نفقة غير إجبارية ولا يجوز أن يباشر تلقائيا بصفة صحيحة أي تسجيل لنفقة إجبارية ما لم يتم دعوة المجلس مسبقا للقيام بذلك بموجب مداولة تتم طبقا للمقتضيات التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل..."
كما يظهر تدخل سلطة الوصاية على مستوى تنفيذ النفقات المحلية، فالمادة 43 تنص على انه "إذا امتنع الآ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق