الجمعة، 11 ديسمبر 2015

نظام المحاسبة العمومية بالمغرب ومعايير المحاسبة الدولية في القطاع العام

نظام المحاسبة العمومية بالمغرب ومعايير المحاسبة الدولية في القطاع العام                                 إنجاز الطالب الباحث كمال عبيدي
مقدمة:
لقد دخل المغرب منعطفا تاريخيا مهما باعتماده دستورا جديدا يضمن الفصل والتوازن بين السلط، ويكريس آليات جديدة لتسير الأعمال العمومية ومبادئ الشفافية والمسؤولية والمساءلة، شريطة أن يتم تنزيل هده المبادئ بشكل ديمقراطي ونزيه.
هدا الدستور الذي من المنتظر أن يدعم بإصدار قانون تنظيمي للمالية سيعطي دفعة قوية لعصرنة الدولة عن طريق شفافية المالية العمومية وإعادة توجيه التسير المالي استنادا على منطق النجاعة والنتائج.

إن إصلاح النظام المحاسبي للدولة هو بمثابة الانتقال من المحاسبة الموازناتية ، وهي محاسبة يتم من خلالها "إدراج المداخيل في حسابات السنة المالية التي يتم خلالها تحصيلها من قبل محاسب عمومي، أما النفقات فتدرج في حسابات السنة المالية التي يؤشر خلالها المحاسبون المكلفون بتخصيص النفقات على الأوامر بالصرف أو الحوالات، ويجب أن تؤدى هذه النفقات من اعتمادات السنة المذكورة أيا كان تاريخ الدين". الى المحاسبة العامة، التي تقوم على مبدأ إقامة الإستحقاقات والإلتزام،حيث يتم خلالها إدراج العمليات في سنة وقوعها بغض النظر عن تاريخ دفعها.
فمن شأن هدا الإنتقال أن يثمن حسابات الدولة بحيت يعكس صورة خالصة عن ثروتها ووضعيتها المالية. ويعمل على ترسيخ ثقافة تقييم السياسات العامة.
فبالإضافة إلى هده الرهانات ذات الطابع التقني والمالي والمحاسبي فإن مشروع إصلاح نظام المحاسبة يهدف إلى ترسيخ ثقافة الإستراتيجية في المغرب كبعد يتوخى تأمين مرسى حقيقي لثقافة النتائج والنجاعة وبالتالي التحكم في تحقيق وإنجاح السياسات العمومية.
إن أهمية ورش إصلاح نظام المحاسبة العمومية يكمن بدون شك في إعادة هيكلة النظام المحاسبي من أجل مالية شفافة وأكثر تحكما في مسلسل تحضير وتنفيذ ومراقبة ميزانية الدولة ولاسيما التحسين الجوهري للمعلومة المالية لتصل بكل دقة ووضوح لمختلف الأطراف المعنية سواء الحكومة،البرلمان،قضاة المحاكم المالية وبالأخص المواطنين.
لاشك أن التفاعل الجاد مع هدا الإصلاح سيمكن المغرب من ولوج نادي الدول التي تعتمد محاسبة بمعاير دولية، للإستجابة إلى الإنتظارات المرتبطة بالمحاسبة والمعلومات المالية، لأن جادبية أي بلد تقاس بمدى جاهزية المعلومة الشفافة والموثوقة
إن هدف هدا المشروع هو مسايرة نظام المحاسبة الوطني، المعاير المحاسبية الدولية الجاري بها العمل في القطاع العام،وتدعيم تعميم المعطيات المتعلقة بمختلف الفاعلين (الدولة،المؤسسات العمومية،والجماعات الترابية...)
انطلاقا من كل هده المعطيات التي أتينا على ذكرها نجد أنفسنا أمام إشكالات عدة تتمحور حول إشكالية رئيسية هي:
ما موقع المقاربة الجديد للنظام المحاسبي بالمغرب من اعتماد معايير المحاسبة الدولية في القطاع العام؟
أي معايير دولية للمحاسبة في القطاع العام ؟

وسنحاول الإجابة عن هده الإشكالية من خلال تصورين الأول يتعلق بالمقاربة الدولية لمعايير المحاسبة والتي أضحت معتمدتا في القطاع العام.والتاني بمدى تكييف المغرب لتلك المقاربة.
التصور الأول: المقاربة الدولية للمعايير المحاسبية الدولية في القطاع العام
إن معایير المحاسبة الدولية في القطاع العام عبارة عن مجموعة حدیثة نسبياً من معایير المحاسبة المخصصة للاستخدام من قبل القطاع العام (الحكومات والجهات الحكومية) في إعداد البيانات المالية العامة. یبلغ عدد معایير المحاسبة الدولية في القطاع العام وفق أساس الاستحقاق 31 معيار أما في ما یتعلق بالأساس النقدي فتقتصر هذه المعایير على معيار واحد. تصدر هذه المعایير عن مجلس معایير المحاسبة الدولية في القطاع العام IPSASB الذي ینضوي في اتحاد المحاسبة الدولي ومركزه نيویورك. IFAC
إن معاير الحاسبة الدولية في القطاع العام موجهة بدرجة أساس إلى المنظمات العمومية الوطنية (الدولة الجماعات الترابية، والمؤسسات العمومية )وكدالك العديد من المنظمات الدولية.
فاليوم نجد أن أكثر من 50 دولة تنتمي إلى مختلف القارات وكدالك المنظمات الدولية والهوية إما أنها تعتمد هده المعايير أو هي في طرق اعتمادها سواء بتدخل المجلس المذكور IPSAS بشكل مباشر كما هو الشأن بالنسبة للأمم المتحدة، ومنظمة التعاون والتنمية... وإما من خلال اعتمادها أو تكييفها مع المعطيات المتاحة وطنيا مثل ما هو عليه الأمر في ، وكندا، فرنسا، والمغرب...
في الواقع يمكن القول أن مجلس معايير المحاسبة الدولي في القطاع العام يعترف بحق الدول وواضعي المعايير الوطنية بوضع إرشادات ومعايير محاسبية وطنية لإعداد التقارير المالية.

بعض الدول والمنظمات الدولية التي اعتمدت معایير المحاسبة الدولية في القطاع العام:
الولایات المتحدة الأمريكية، سویسرا، المملكة المتحدة، كندا، نيوزیلندا، وأستراليا
بالإضافة إلى هذه الدول فإن المنظمات الدولية التالية تدعم أو تعتمد معایير المحاسبة الدولية في القطاع العام:
صندوق النقد البنك الدولي ،منظمة التعاون والتنمية ،الاتحاد الأوروبي، منظمة الأمم المتحدة ،الاقتصادیة ،حلف شمال الأطلسي
أما عن مزايا تبني معايير المحاسبة الدولية في القطاع العام ( IPSAS)
1. إدارة مالية معززة : سيدعم إعداد التقارير الخاصة بالأصول والإلتزامات والإيرادات والمصروفات فق معايير دولية مستقلة وإدارة مالية معززة وستؤدي المعلومات الأشمل التي ستنتج عن هده التقارير والخاصة بالتكاليف إلى تعزير الأداء الإداري .
2. جودة ومطابقة ومصداقية التقارير المالية : سيؤدي اعتماد المغرب لمعايير المحاسبة الدولية في القطاع العام إلى رفع مستوى جودة ومطابقة ومصداقية التقارير المالية مما سيؤدي إلى تعزيز المساءلة.
3. تحقيق التقارب مع الإحصائيات المالية للحكومة : تأخذ معايير المحاسبة الدولية للقطاع العام IPSAS في إطار تطويرها المتطلبات الحكومة الإحصائية بعين الإعتبار وتسعى إلى تحقيق التقارب معها عندما يكون ذالك ممكنا
4. خبر دول أخرى : سيتيح انتشار معايير المحاسبة الدولية في القطاع العام IPSAS الإدارة المغربية الإستفادة من خبرة دول أخرى وسيسمح لها بإمكانية التعاون في مجال معالجة أیة مسائل تواجهها الحكومات عالمياً.

5. تقييم خاص بالقطاع الخاص في بالمغرب: بما أنه على القطاع الخاص اعتماد معایير التقاریر المالية الدولية IFRS فان باستطاعة الحكومة مقارنة فعالية خدماتها ،وأصولها بتلك التي یقدمها القطاع الخاص وتقييم أدائها، مما سيسمح للحكومة بتقييم جودة وكلفة خدماتها مقارنةً مع ما تقدمه الشركات الخاصة وبتحدید المواطن القابلة للتحسين. ففي حال كانت معایير المحاسبة الحكومية مختلفة جذریاً عن تلك التي یعتمدها القطاع الخاص تظهر الحاجة لإجراء تعدیلات أساسية.
6. -تبادل المعرفة والكفاءات بين القطاعين العام والخاص بما أن معایير المحاسبة الدولية في القطاع العام ، IFRS ومعایير التقاریر المالية الدولية IPSAS مبنية على نفس الأساس یستطيع الخبراء في أي من هذین المجالين تبادل الخبرات بفعالية أآبر، مما یعزز مستوى تبادل المعلومات وحرآة خبراءالمحاسبة بين القطاعين العام والخاص.

التصور الثاني : المقاربة المغربية
إن تزايد المبادلات التجارية وعولمة الإقتصاد في جميع في جميع أنحاء العالم جعلت من المعلومة المالية محور اهتمام السلطات العمومية على المستوى العالمي.
ووعيا بضرورة الإحتماء من محيط دولي يعرف تحولات عميقة ولاسيما فيما يتعلق بالمحاسبة عملت الخزينة العامة للمملكة على الشروع في إصلاح نظام المحاسبة هدا النظام الجديد الذي يستمد روحه من معايير المحاسبة الدولية في القطاع العام IPSAS
لتجعل من المحاسبة العمومية الية متميزة لحكامه جيدة و الاستجابة للإنتظارات المؤسسات المالية الدولية ولاسيما فيما يتعلق بالمعلومة المالية والمحاسبية، إذ أن إدخال مبادئ المحاسبة العامة في تسير المال العام سيكون له بدون شك اثار متميزة وكبيرة فيما يتعلق بالأنشطة المالية للدولة والتعرف على طرق جديدة لتدبير الممتلكات.
الأكيد أن الإطار المحاسبي الحالي يتوفر على تبويب تقليدي للحسابات والذي يعود في الأصل لسنوات التلاتينات والدي يقف عند تدوين عمليات الميزانية والخزينة حسب مبدأ المداخيل والمصاريف.
ولمعالجة هدا النقص والإستجابة للحاجيات ولاسيما فيما يتعلق بالمعلومة المرتبطة بقياس الجاعة والتطور والتحليل المالي وإيضاح الرؤيا أمام المسؤولين على أعلى الدرجات ومساعدتهم على اتخاد القرارات عملت الخزينة العامة للمملكة على إنجاز مخطط محاسبي جديد مستمد من المدونة العامة الموحدة للمحاسبة.
هدا المخطط المحاسبي الوطني مستمد هو كذلك من معايير المحاسبة الدولية في القطاع العام IPSAS باعتبارها المعايير المحاسبية الدولية الجديدة والمطبقة في القطاع العام وهي معايير صادرة عن الإتحاد الدولي للمحاسبة كل هدا من أجل تمكين المنظمات العمومية من أنجاز تقارير مالية شبيهة بتلك المنجزة في القطاع الخاص.
بالفعل عملت الحكومة على إصدار مرسوم رقم 2.09.608 صادر في 11 من صفر 1431 (27 يناير 2010) بتغير المرسوم الملكي رقم 330.66 بتاريخ 10 محرم 1387 (21أبريل 1967 ) بسن نظام عام للمحاسبة العمومية حيث نص من خلال الفصل 103 على أن محاسبة الدولة تمسك وفقا لمخطط الحسابات يحدد بقرار للوزير المكلف بالمالية. وسيبين الجدول أسفله هيكلة الحسابات التي يتضمنها هدا المخطط المحاسبي والمعايير المحاسبية كما اعتمدها المغرب أو بالأحرى المجلس الوطني للمحاسبة.
الجدول
من خلال هدا الجدول تتضح لنا هيكلة الحسابات التي يتضمنها المخطط المحاسبي وهي موزعة على أصناف متجانسة تسمى أقسام ويبلغ عددها تسعة وسنكتفي بدراسة الأقسام الخمسة الأول والمتعلقة بالحصيلة وبما أن المغرب لم يسبق أن توفر على حسابات عن ممتلكاته فسيكون لزاما عليه أن ينجز حصيلة افتتاحية لحسابات الدولة مهيكلة حول المكونات التالية المبينة في إطار الشكل المعتمد لعرض حسابات المالية العمومية وهو كالتالي:
ويتضح من خلال هدا الشكل أن الحصيلة الإفتتاحية تعرض في شكل عمودين أحدهما مخصص للأصول والأخر يتعلق بالخصوم:
بالنسبة للأول فإن الأصول الثابتة تشكل الجانب الأكبر لدلك يتطلب حصرها مشاركة جهات خارجية عن وزارة المالية ولاسيما مديري المصالح علاوتا على أن الصول المتداولة والمشكلة من الديون الضريبية و المخزون الذي يعتبر عنصرا متغيرا هي كذلك رهينة بتدخل تلك المصالح.
بالنسبة للثاني والدي يميز هو بدوره بين ديون التسيير وديون التحويل والتي تستعملها الدولة للعب دور الموزع وكدالك الأخد بعين الإعتبارالمخاطر المحتملة والمؤمنة عن طريق ادخارات من من أجل المخاطر والتكاليف المحتملة.
يبدو للوهلة الأولى أن إنجاز الحصيلة الإفتتاحية لحسلبات الدولة يتطلب مسارا من التطوير المستمر للتتماشى مع المعايير المحاسبة الدولية في القطاع العام وكذلك المعايير كما اعتمدها المغرب ،كذلك الورش الذي بدأته الخزينة العامة للمملكة يتطلب تدخل جميع الفاعلين ولاسيما الأمرين بالصرف الدين على سير الأعمال العمومية باعتبار أن تدخل هؤلاء الفاعلين في تعداد الأصول ضرورية لإنجاح المشروع
في الواقع نعني حصر جميع حقوق الدولة المشكلة في خانة الأصول والتي تبين أثر اسثتمارتها الحققة وتلك التي باشرتها وكدلك المخزون والديون والسيولة وفي خانة الخصوم جميع التزامات الدولو أو منابع تلك الأصول.
ماستر تدبير الموارد البشرية والمالية لإدارات الدولة والجماعات الترابية "كلية الحقوق سلا .جامعة محمد الخامس بالرباط"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق