الجمعة، 11 ديسمبر 2015

تعويضات الموظفين العموميين : التعويضات النظامية

تعويضات الموظفين العموميين : التعويضات النظامية
مقدمة:
لقد عرف الفصل الثاني من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية الموظف بأنه: كل شخص يعين في و ظيفة قارة و يرسم في إحدى رتب السلم الخاص بأسلاك الإدارة, وتبعا لذلك فهو يخضع لمختلف الالتزامات المطبقة من خلال النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية, مقابل استفادته من كل الامتيازات و الحقوق المقررة في هذا الإطار.

وتعتبر الأجرة من ابرز الضمانات أو الحقوق المخولة للموظفين, ذلك أنها تشمل عدة عناصر من أبرزها المرتب و التعويضات العائلية, وغيرها من التعويضات و المنح المحدثة بمقتضى النصوص التشريعية و التنظيمية, كما نص على ذلك الفصل 26 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية. ونشير في هذا الصدد إلى أن مضمون هذا الفصل لم يحدد طبيعة هذه التعويضات و المنح ولا عددها و لا كيفية تحديدها, تاركا للسلطة التنظيمية حرية واسعة في تحديدها, وهو ما يبرز هزالة وضعف هذا الفصل الذي تناول التعويضات الممنوحة للموظف, مما يطرح صعوبة لدى الباحث في حصر هذه التعويضات وضبطها بشكل دقيق.
فاجرة الموظفين إذن, وفي معظم الدول و خاصة تلك التي تأخذ بنظام المسار المهني تتكون من عنصرين أساسيين وهما :
عنصر ثابت وقار يتسم بالديمومة, و يتم تحديده بناء على أسس موضوعية يسمى المرتب.
عنصر متغير تتحكم في تحديده عوامل ذاتية, يطلق عليه نظام التعويضات.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذه التعويضات تتميز بالتنوع و الكثرة, مما يجعل البحث عن تعريفها أمرا صعبا, لكن عموما يمكن التمييز بين نوعين من التعويضات: تعويضات غير نظامية, وأخرى نظامية, هذه الأخيرة هي ما سنحاول تناوله في هذا الموضوع.
فالتعويضات النظامية يمكن تمييزها بكونها تلك التعويضات التي تخضع للاقتطاع من أجل المعاش, وتبرز لنا أهمية هذه التعويضات بالأساس من خلال ضعف العنصر الأول المكون للأجرة وهو الراتب الأساسي, ولقد كانت هذه الوضعية أسوء قبل إصلاح نظام التقاعد في نهاية 1989 إذ كانت كل تلك التعويضات لا تدخل في حساب الاقتطاع من أجل راتب التقاعد .
ويعتبر تصنيف التعويضات النظامية, وكما سبقت الإشارة أمرا صعبا نظرا لكثافة هذه التعويضات و تنوعها من جهة, و اختلاف الأهداف المتوخاة من إحداثها من جهة ثانية, ومن بين هذه التعويضات نجد على سبيل المثال لا الحصر: التعويض عن التدرج الإداري, التعويض عن التأطير, التعويض عن الأعباء, التعويض عن التقنية, التعويض الطبي, التعويض عن الأخطار, التعويض عن التخصص, التعويض الخاص, التعويض عن السكن, التعويض الإجمالي, التعويض عن الإنتاج, التعويض عن التعليم, التعويض التكميلي...إلا أننا سنقتصر في هذا الصدد على بعض هذه التعويضات دون غيرها و ذلك استنادا إلى الإشكالية التالية:
ماهي أنواع التعويضات النظامية؟ وماهي شروط الاستفادة من هذه التعويضات؟ لنختم بتقييم لهذه التعويضات.

وهذا ما يدفعنا إلى اعتماد التصميم الموضوعاتي الأتي:
المبحث الأول: التعويضات المرتبطة بالإطار الموظف.
المطلب الأول: التعويض عن التدرج الإداري.
المطلب الثاني: التعويض عن التقنية.
المبحث الثاني: التعويض الاجتماعي و التعويض المرتبط بالمرتب.
المطلب الأول: التعويضات العائلية.
المطلب الأول: التعويض عن الإقامة.
المبحث الثالث: تقييم نظام التعويضات النظامية.
المطلب الأول: مزايا التعويضات النظامية.
المطلب الثاني: عيوب التعويضات النظامية.

المبحث الأول: التعويضات المرتبطة بالإطار.
تمنح التعويضات المرتبطة بالإطار انطلاقا من إطار الموظف وانتمائه الهيئوي, ونجد منها على سبيل المثال لا الحصر: التعويض عن التسلسل الإداري، التعويض عن التقنية، التعويض عن التعليم، التعويض الخاص، التعويض الطبي ... ونظرا لشساعة الموضوع سنقتصر فقط على تعويضين: التعويض عن التدرج الإداري(المطلب الأول)، التعويض عن التقنية (المطلب الثاني).
المطلب الأول: التعويض عن التدرج الإداري.
لقد تم تنظيم التعويض عن التدرج الإداري بمقتضى مرسوم 2 فبراير 1977 المحدث لهذا التعويض لفائدة موظفي أسلاك الإدارة المركزية والموظفين المشتركين بالإدارة العمومية, وموظفي الأسلاك الخاصة ببعض الوزارات.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا التعويض يمنح للمعنيين بالأمر, سواء كانوا يعملون بالإدارة المركزية أو المصالح الخارجية ويؤدى هذا التعويض عند نهاية كل شهر مع المرتب.
ولقد جاء هذا التعويض كبديل للتعويضات الممنوحة سابقا للأطر الإدارية المشتركة العامة بالمصالح المركزية، والتي كانت تستفيد من مكافأة المردودية ومن تعويضات جزافية تحسب بالساعة عن الأعمال الإضافية، وكبديل لمختلف التعويضات التي كانت تستفيد منها إلى غاية 31 دجنبر 1967 الأطر الخاصة التي تنتمي إلى نفس المستوى وان اختلف في تسميتها أو نسبها من إدارة إلى أخرى.
وتبعا للفصل الرابع من مرسوم 2 فبراير 1977 المذكور أعلاه كما تم تعديله بمرسوم 26 يناير 1989، فانه لا تطبق أحكام هذا المرسوم على الفئات التالية من الموظفين والمتمتعين بنظام تعويضات خاص: القضاة، رجال السلطة، والموظفون الدبلوماسيون والقنصليون ومن في حكمهم من العاملين بالخارج, والمدرسون الباحثون بالتعليم العالي ومؤسسات تأهيل الأطر العليا, والموظفون الخاضعون للنظام الأساسي الخاص لوزارة التربية الوطنية (ماعدا هيئة إدارة المصالح الاقتصادية وهيئة التوثيق المدرسي والجامعي)، والعسكريون للقوات المسلحة الملكية, ورجال القوات المساعدة والموظفون الخاضعون للأنظمة الأساسية الخاصة للمديرية العامة للأمن الوطني وإدارة السجون, وهيئة الأطباء والصيادلة وجراحي الأسنان، وهيئة المهندسين والمهندسين المعماريين وهيئة البياطرة المفتشين وهيئة المراقبين للملاحة الجوية.
وتبعا للفصل الثاني من مرسوم 2فبراير 1977 حسب ما وقع تغييره وتتميمه لاسيما بمرسوم 26 يناير 1989 ومرسوم 6ماي 2004 " تحدد المبالغ الشهرية للتعويض عن التدرج الإداري باعتبار السلم المرتب فيه الموظفون بمقتضى وضعيتهم النظامية, والوضعية التي يسري حكمها عليهم أو المنصب الذي يتقلدونه وقد خضع مرسوم 2 فبراير 1977 لتعديل أخر من خلال مرسوم رقم 2.08.341 الصادر في 5 رجب 1429(9 يوليو 2008) , بإحداث تعويض عن التدرج الإداري لفائدة موظفي وأطر الإدارة المركزية والموظفين المشتركين للإدارات العامة وموظفي الأطر الخاصة لبعض الوزارات, حيث تم التنصيص في المادة الأولى من هذا المرسوم لتغيير جدول رقم 2 الملحق بمرسوم 2 فبراير 1977 المرتبط برفع سقف المبالغ المؤداة عن التعويض وذلك تبعا للسلالم الموازية لها (أنظر الجدول التالي):

السلالم أو الدرجات ابتداء من فاتح يوليو 2008 ابتداء من فاتح يوليو 1009
- السلم 1
- السلم 2
- السلم 3
- السلم 4
- السلم 5
- السلم 6
- السلم 7
- السلم 8
- السلم 9 772
802
832
862
922
1019
1237
1225
1800 938
968
998
1028
1088
1190
1408

إن التعويض عن التدرج الإداري هو بمثابة تكملة واضحة للراتب، يتم اللجوء إلى الزيادة فيه, وفي بعض التعويضات الأخرى عوض الزيادة في الراتب الأساسي.
ويعتبر التعويض عن التقنية أيضا من التعويضات المرتبطة بإطار الموظف, وهذا ما سنتعرض له في المطلب الثاني.
المطلب الثاني: التعويض عن التقنية.
لقد تعرض الجانب الثاني من إصلاح سنة 1977 إلى مراجعة نظام التعويضات الخاصة بالأطر التقنية, والذي يرجع تاريخ إحداثه إلى سنة 1967 .
كما عمل هذا الإصلاح الجديد على إدماج التعويضين السابقين (التعويض عن التقنية والمكافأة عن المنصب), في تعويض واحد أطلق عليه اسم التعويض عن التقنية الذي يفوق مبلغه القدر الناتج عن جمع التعويضين السابقين.
ولقد حددت قيمة التعويض عن التقنية الذي احدث بمقتضى المرسوم رقم 2.77.78 الصادر في 2 فبراير 1977 في المقادير الواردة في الجدول التالي:

السلم المقادير الشهرية للتعويض عن التقنية ابتداء من فاتح يناير 1977 بالدرهم
7 333
8 435
9 515
10 800
11 1100
خارج السلم – مهندس رئيس 1600
مهندس عام 1800

أما المهندسون والمهندسون المعماريون فقد استفادوا من زيادات قطاعية في أنظمة التعويضات ابتداء من فاتح يناير 1986 (الشطر الأول), وفاتح يناير1987 (الشطر الثاني) بموجب المرسوم رقم 2.82.668 الصادر في 9 يناير 1985, حسبما وقع تغييره بالمرسوم رقم 2.86.81 الصادر في 5 فبراير 1986 .
وهكذا أصبح نظام التعويضات المخولة لهيأة المهندسين والمهندسين المعماريين ابتداء من فاتح يناير 1987 على الشكل التالي (أنظر الجدول):
الإطار المقادير الشهرية بالدرهم
التعويض عن التقنية التعويض عن الأتعاب التعويض عن التأطير المجموع
إطار مهندس التطبيق
- الدرجة الأولى
- الدرجة الثانية 1000
1000 1000
1000 ------
1000 2000
3000
إطار مهندس الدولة و مهندس معماري
- الدرجة الأولى
- الدرجة الثانية 2000
2500 1000
1000 1500
4400 4500
7900
إطار مهندس رئيس و مهندس معماري رئيس 300 1000 5500 9500
مهندس عام و مهندس معماري عام 3500 1000 6500 11000

المبحث الثاني: التعويض الاجتماعي و التعويض المرتبط بالمرتب.
هذا النوع من التعويضات لا يمنح للموظف تلقائيا وبمجرد التعيين في درجة أو الانتماء إلى سلك كما هو الشأن بالنسبة للتعويضات المرتبطة بالإطار, بل إن الاستفادة منها يتوقف على توفر شروط خاصة من تعويض إلى أخر, وحسب الهدف الذي أنشئ من أجله كل تعويض.
وسنقتصر في إطار هذا المبحث على نوعين من هذه التعويضات, وذلك على سبيل المثال لا الحصر، التعويضات العائلية (مطلب أول)، التعويض عن الإقامة (المطلب الثاني).
المطلب الأول: التعويضات العائلية.
لقد تم إحداث التعويضات العائلية بمقتضى المرسوم رقم 2.58.1381 بتاريخ 27 نونبر 1958 وتطبيقا للفصل 26 من ظهير 24 فبراير 1958 المتعلق بالنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية, الذي يعتبر التعويضات العائلية من العناصر الأساسية المكونة للأجرة.
وأهمية التعويضات العائلية تأتي من كونها خدمة اجتماعية أساسية تقدم لعائلة الموظف أكثر مما تقدم له شخصيا، لهذا نجد الموظف يحتفظ بها في كثير من الحالات التي قد يحرم فيها من راتبه الأساسي, أومن بعض التعويضات الأخرى, وذلك ما نص عليه النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية لسنة 1958 السالف الذكر من خلال:
حالة الرخص لأسباب صحية(الفصل39).
حالة تطبيق عقوبة الحرمان المؤقت من كل أجرة باستثناء التعويضات العائلية، وذلك لمدة لا تتجاوز ستة أشهر(الفصل66).
حالة توقيف الموظف لارتكابه لهفوة خطيرة، سواء كان يتعلق الأمر بإخلال في التزاماته المهنية أو بجنحة عامة تتعلق بالحق العام، إذ يبقى الموظف في هذه الحالة محتفظا بحقه في تلقي التعويضات العائلية (الفصل73).
حدد مقدار التعويض العائلي ابتداء من فاتح أكتوبر 1958 بمقتضى المرسوم رقم 2.58.1381 الصادر في 24 درهما في الشهر عن كل طفل في حدود ستة أطفال, وفي بداية سنة 1979 تمت الزيادة في مقادير هذه التعويضات بنسبة 50 % فأصبحت تساوي 36 درهما عن كل طفل ولا يتجاوز عدد الأطفال ستة، ومع حلول فاتح يناير 1988 بلغ مقدار التعويضات العائلية 54 درهما شهريا عن كل طفل من الأطفال الثلاثة الأوائل، و36 درهما عن كل طفل من الثلاثة الباقين، ليصل هذا المقدار بمقتضى تعديل 2008 حسب المرسوم رقم 2.08.339 , حيث نص في مادته الأولى أنه ابتداء من فاتح يوليو 2008 تحدد المبالغ الشهرية للتعويض المذكور في 200 درهم عن كل ولد في حدود الثلاثة الأوائل, و36 درهما عن كل ولد من الأولاد الآخرين.
وتجدر الإشارة إلى تواجد شروط للاستفادة من التعويضات العائلية و هي :
أن يكون الأطفال تحت كفالة الموظف.
ألا تتجاوز أعمارهم 16 سنة أو 21 سنة بالنسبة للأبناء الذين يتابعون دراستهم, أما الأولاد المصابين بعاهة مستديمة فيعفون من شرط السن.
ألا يكونوا متزوجين.
بالمقابل نجد على مستوى التشريع الفرنسي, التنصيص على ما يسمى بتعويضات التحمل العائلي، ذلك أن هذا التعويض يكون بمثابة مبلغ إضافي للراتب يضاف لتعويضات العائلية التي يستفيد منها الموظف، وتشمل عنصر محدد لكل طفل، وعنصرا تقديري (تراتبي في جزئيه) ابتداء من الطفل الثاني (24 أكتوبر 1958), وفي حالة وجود زوج من الموظفين يتحملون أعباء نفس الطفل، فان هناك مبلغ إضافي واحد يخول للموظف الذي يتم اختياره بناء على اتفاق بين الزوجين(26 يوليوز1991) .
المطلب الثاني: التعويض عن الإقامة.
ينظم ويحدد التعويض عن الإقامة بمقتضى المرسوم رقم 2.73.723 بتاريخ 31 دجنبر 1973 بشأن أجور موظفي الدولة والجماعات الترابية والعسكريون المتقاضين أجرة شهرية وبتحديد التدابير المتعلقة بأجور المستخدمين في مختلف المقاولات.
ولقد جاء التعديل الذي أدخل على المرسوم الأنف الذكر بمقتضى مرسوم رقم 2.77.67 بتاريخ 2 فبراير 1977 ليدخل تعديلات مهمة على طريقة تحديد تعويض الإقامة, بأن رتب الموظفين في مجموعتين (1) و(2) ورتب العمالات والأقاليم والدوائر والجماعات بصفة مؤقتة في ثلاث مناطق (أ) و(ب) و (ج).
وتبعا للفصل الرابع من مرسوم 1973 السالف الذكر والمعدل بمرسوم 2 فبراير 1977 المشار إليه نص على ما يلي: " يمنح التعويض عن الإقامة على أساس مكان العمل، ويكون مقداره موحدا فيما يخص نفس المكان المعين للعمل بالنسبة لجميع الموظفين المقرر لدرجتهم أو منصبهم نفس الترتيب في الأرقام الاستدلالية".
واستنادا للفصل 4 مكرر الذي جاء به التعديل الذي تم بمرسوم 2 فبراير 1977 "يحدد مبلغ التعويض عن الإقامة طبقا لما يلي وذلك على أساس نسبة مئوية من المرتب الأساسي المقرر لوضعية الموظف الإدارية, حيث نجد في المجموعة الأولى والتي تضم السلالم من 7 إلى 11 النسب التالية حسب المناطق: (أ) 25% , (ب) 15% , (ج) 10% ,
بينما نجد في المجموعة الثانية, والتي تضم السلالم من 1 إلى 6 مع العلم أن السلالم من 1 إلى 5 تم حذفها النسب التالية حسب المناطق: (أ) 25% , (ب) 10%, (ج) 10%.
وينص الفصل 4 مكرر مرتين من المرسوم رقم 2.77.67 بتاريخ 2 فبراير 1977 المغير للمرسوم رقم 2.73.723 بتاريخ 31 دجنبر 1973 السالف الذكر, على أنه يمنح التعويض عن الإقامة ابتداء من تاريخ تعيين أو انتقال الأعوان المعنيين بالأمر بإحدى العمالات أو الأقاليم أو الدوائر أو الجماعات المشار إليه أعلاه، وتبلغ التعيينات والانتقالات إلى مصالح الأمرين بالصرف.
ويواصل الموظفون والأعوان العاملون بالبلدان الأجنبية الاستفادة من التعويض اليومي عن المقام طبقا للنظام المعمول به، ومن التعويض عن الإقامة البالغ نسبة 10%
المبحث الثالث: تقييم نظام التعويضات النظامية.
نميز في إطار تقييم التعويضات النظامية بين رأيين مختلفين, فهناك من يرى فيها وسيلة لتحفيز الموظف و مكافأة مجهوداته الشخصية (المطلب الأول), بينما يرى البعض الأخر أن هذه التعويضات هي منبع الفوضى و اللامساواة, على اعتبار أنها تعرف عدة اختلالات (المطلب الثاني).
المطلب الأول: مزايا التعويضات النظامية.
تمتاز التعويضات النظامية بمجموعة من المزايا نذكر منها مايلي:
تعتبر هذه التعويضات وسيلة لتشجيع الموظفين على العمل و بذل مجهودات أكثر, لأنها تمنح على أساس ما يبذله الموظف من مجهودات شخصية, و ما يتحمله من مخاطر و صعاب قصد إنجاز المهام الموكولة إليه, فهي تأخذ بعين الاعتبار كفاءة الموظف الشخصية و ظروف عمله, على عكس الراتب الأساسي الذي يتحدد بناء على معايير موضوعية لا تميز بين الموظف المجد و الموظف المتكاسل, وبين من يعمل في ظروف صعبة ومن يعمل في ظروف مواتية.
تسمح التعويضات بتجاوز الجمود الذي يطبع نظام الشبكة الاستدلالية, إذ تكون الرواتب مرتبطة ارتباطا مباشرا بالنقطة الاستدلالية, مما يجعل أمر مراجعة هذه الرواتب أمرا عسيرا وهو ما يؤدي إلى إعادة النظر في رواتب جميع الموظفين, الشيء الذي قد يصعب على مالية الدولة تحمله دفعة واحدة, بينما يسمح نظام التعويضات بزيادة رواتب فئة معينة دون إثقال كاهل خزينة الدولة .
تعتبر هذه التعويضات وسيلة ناجعة لجلب و الاحتفاظ ببعض الفئات المتخصصة من الموظفين, كالأطباء و المهندسين و الموظفين السامين الذين يفضلون العمل بالقطاع الخاص لأن رواتبه مغرية.
إن بعض التعويضات تمنح لاعتبارات اجتماعية كالتعويض ذات الطابع العائلي و تعويضات السكن, فمثل هذه التعويضات لا يمكن منحها اعتمادا على الشبكة الاستدلالية.
المطلب الثاني: عيوب التعويضات النظامية.
تنطوي التعويضات النظامية على كثير من السلبيات نذكر منها مايلي:
إحداث تعويضات صورية, على اعتبار أن الكثير من هذه التعويضات لم يعد الهدف منه مكافأة الموظف على ما أنجزه من عمل أو على ماحققه من مردودية, وإنما أصبح الغرض منها هو الزيادة في رواتب الموظفين بصورة مقنعة, فأمام عدم كفاية الراتب الأساسي تلجأ السلطات العمومية إلى إحداث تعويضات لتغطية هذا النقص, وخاصة قصد الإبقاء أو جلب الأطر العليا .
يؤدي نظام التعويضات إلى ميل الموظفين نحو المرافق الأكثر عطاء ونفورهم من المرافق الاجتماعية, وهكذا أصبح كبار الموظفين في كثير من الدول يتجهون إلى الوزارات ذات الطابع الاقتصادي و المالي, لأنها تتوفر على نظام تعويض أكثر إغراء بالرغم من أن المرافق الاجتماعية هي أكثر حاجة إلى مثل هؤلاء الموظفين.
ولا بد من الإشارة إلى حقيقة هامة و هي أن الدول التي تمتاز أنظمة رواتبها بطغيان ظاهرة التعويضات هي الدول التي تأخذ بنظام الوظيفة العمومية المغلق كالمغرب و فرنسا و إطاليا و ألمانيا, هذه الأخيرة مثلا موظفوها يستفيدون مما يزيد عن 400 تعويض .
أما الدول التي تأخذ بنظام الوظيفة المفتوح كبريطانيا و النرويج, و الولايات المتحدة الأمريكية, فإن عدد التعويضات فيها قليل جدا و يكاد يكون منعدما, ومن ثم فإن التعويضات لا تمثل إلا جانبا ثانويا من أجرة الموظفين.
إشكال تعدد و تنوع التعويضات النظامية مما يجعل مسألة ضبطها من الصعوبة بمكان.

خاتمة:
يمكن القول في الأخير, أن التعويضات النظامية أصبحت تشكل جزء هاما من الأجرة المرتبطة بالوضعية النظامية للموظف, حيث أصبحت هذه التعويضات تكتسي طابعا قارا يتناقض مع المفهوم الحقيقي للتعويضات, التي يفترض أن تكون أداة لتشجيع الإنتاجية و المردودية أو تغطية بعض الأتعاب الخاصة, و من هنا أصبح من الضروري أن تكون قابلة للتغيير حسب تغير العوامل الاقتصادية و الاجتماعية للبلد.

المراجع المعتمدة: (اللغة العربية)
المؤلفات.
عبد القادر باينة, الموظفون العموميون في المغرب, الطبعة الأولى, دار توبقال للنشر, الدار البيضاء,2002.
الرسائل والأطروحات:
محسن محمد, مساهمة في دراسة نظام أجور موظفي الدولة, رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام, جامعة محمد الخامس, كلية العلوم القانونية والاقتصادية و الاجتماعية, أكدال-الرباط, 1988/1987.
فاطمة الزهراء زنيبر، نظام الرواتب في الوظيفة العمومية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، شعبة القانون العام، وحدة البحث والتكوين(القانون الإداري وعلم الإدارة)، جامعة محمد الخامس-أكدال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط، 2000/2001.
محمد البزوي، نظام الأجور في الوظيفة العمومية الواقع ومبادرات الإصلاح، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام والعلوم السياسية, تخصص التدبير المالي والإداري، جامعة محمد الخامس, كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط-أكدال، 2008.
النصوص القانونية:
ظهير شريف رقم 1.58.008 بتاريخ 4 شعبان 1377 (24 فبراير 1958) بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية, ج. ر. عدد 2372 بتاريخ 11 أبريل 1958.
مرسوم رقم 2.77.68 بتاريخ 12 صفر 1397 (2 فبراير 1977) بإحداث تعويض عن التسلسل الإداري لفائدة موظفي أسلاك الإدارة المركزية و الموظفين المشتركين بالإدارات العمومية و موظفي الأسلاك الخاصة ببعض الوزارات, ج. ر. عدد 3353, بتاريخ 2 فبراير 1977.
مرسوم رقم 2.89.39 صادر في 18 من جمادى الآخرة 1409 (26 يناير 1989) يغير و يتمم بموجبه المرسوم رقم 2.77.68 بتاريخ 12 صفر 1397 (2 فبراير 1977) بإحداث تعويض عن التسلسل الإداري لفائدة موظفي أسلاك الإدارة المركزية و الموظفين المشتركين بالإدارات العمومية و موظفي الأسلاك الخاصة ببعض الوزارات, ج. ر. عدد 3979, بتاريخ فاتح فبراير 1988.
مرسوم رقم 2.08.341 الصادر في رجب 1429 (9 يوليو 2008) يغير و يتمم بموجبه المرسوم رقم 2.77.68 بتاريخ 12 صفر 1397 (2 فبراير 1977) بإحداث تعويض عن التسلسل الإداري لفائدة موظفي أسلاك الإدارة المركزية و الموظفين المشتركين بالإدارات العمومية و موظفي الأسلاك الخاصة ببعض الوزارات, ج. ر. عدد 5649 بتاريخ 17 رجب 1429 (21 يوليو 2008).
مرسوم رقم 2.82.668 الصادر في 1 يناير 1985 بإحداث زيادات قطاعية في أنظمة التعويضات لفائدة المهندسون و المهندسون المعماريون, ج. ر. عدد 3771, بتاريخ 6 فبراير 1985.
مرسوم رقم 2.86.81 الصادر في (5 فبراير 1986) يغير و يتمم بموجبه المرسوم رقم 2.82.668 الصادر في 1 يناير 1985 بإحداث زيادات قطاعية في أنظمة التعويضات لفائدة المهندسون و المهندسون المعماريون, ج. ر. عدد 3823 بتاريخ 5 فبراير 1986.
مرسوم رقم 2.58.1381 الصادر في (27 نونبر 1958) المحدث لتعويضات العائلية, ج. ر. عدد 2417 بتاريخ 12 دجنبر 1958.
مرسوم رقم 2.73.723 بتاريخ (31 دجنبر 1973) بشأن أجور موظفي الدولة و الجماعات الترابية و العسكريون المتقاضين أجرة شهرية و بتحديد التدابير المتعلقة بأجور المستخدمين في مختلف المقاولات, ج. ر. عدد 3139 بتاريخ (9 بتاريخ 1974).
المراجع الأجنبية:
Jean Marie Auby: « Droit de la Fonction Publique », édition 2005.
ماستر تدبير الموارد البشرية والمالية لإدارات الدولة والجماعات الترابية كلية الحقوق بسلا جامعة محمد الخامس بالرباط .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق